تتشكل أزمة الغذاء العالمية مع تصاعد التوتر العالمي المرتبط بالغزو الروسي لأوكرانيا. ويواجه العالم صدمة إمداد ضخمة حيث أوقفت الحرب الشحنات من دولتين تمثلان ربع تجارة الحبوب الدولية. كما يساهم ارتفاع أسعار الغاز والنفط في دفع كلفة الإنتاج الغذائي إلى الأعلى، فيما تسعى الدول إلى خفض الصادرات الزراعية بهدف التحوط.
وكان لدى روسيا وأوكرانيا مجتمعتين حوالي 14 مليون طن من القمح و18.5 مليون طن من الذرة المتبقية للشحن هذا الموسم، أي حوالي 7% من إجمالي تجارة الحبوب العالمية، وفقًا للأمم المتحدة.
وقالت شركة يارا النرويجية، أحد أكبر منتجي الأسمدة في العالم، إنها قلصت إنتاجها من الأمونيا واليوريا في إيطاليا وفرنسا بسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، حسبما قالت اليوم الأربعاء، في مؤشر آخر على ارتفاع التكاليف لإنتاج الغذاء.
وصل سعر الغاز الطبيعي، الذي يستخدم في عملية تصنيع الأسمدة، إلى مستويات قياسية في الأيام الأخيرة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. وتبلغ الطاقة الإنتاجية الإجمالية لمصانع يارا في فيرارا بإيطاليا ولهافر بفرنسا مليون طن من الأمونيا و0.9 مليون طن من سماد اليوريا.
وأوضحت الشركة في بيان: "بما في ذلك التحسين والصيانة في مرافق الإنتاج الأخرى، من المتوقع أن يعمل إنتاج يارا من الأمونيا واليوريا الأوروبي بنحو 45% من طاقته بنهاية هذا الأسبوع".
يارا هي ثاني أكبر منتج للأمونيا في العالم بطاقة 4.9 ملايين طن سنويًا، والذي بدوره يستخدم في تصنيع أسمدة اليوريا.
وقال محللون إن أوروبا لا يزال بإمكانها استيراد الأسمدة من مناطق أخرى في العالم، حيث أسعار الغاز منخفضة، لكن من المرجح أن يكون لأي تخفيضات في الإنتاج تأثير سلبي على الإمدادات العالمية.
وتابعت الشركة: "ستواصل يارا مراقبة الوضع مع استخدام نظام الإنتاج العالمي لديها لمواصلة تزويد العملاء وضمان استمرارية سلاسل الإمداد الغذائي، مع تقليص الإنتاج عند الضرورة بسبب ظروف السوق الصعبة".
أعلنت شركة يارا في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي عن خفض إنتاج الأمونيا في أوروبا مع ارتفاع أسعار الغاز، لكنها قالت في وقت لاحق إن الإنتاج قد استعاد معظم زخمه.
سجلت أسعار الغاز بالجملة الأوروبية والبريطانية مستويات غير مسبوقة مع مواجهة صادرات الطاقة الروسية عقوبات بعد غزو أوكرانيا.
وتأرجحت العقود الآجلة للقمح بشكل كبير بين المكاسب والخسائر الثلاثاء بعد صعودها إلى مستويات غير مسبوقة زادت عن 50% حيث أدى هجوم روسيا على أوكرانيا إلى تعطيل الإمدادات الغذائية العالمية.
وقفزت الأسعار في شيكاغو في وقت سابق إلى مستوى قياسي بلغ 13.635 دولاراً للبوشل قبل أن ينخفض بنسبة 7.1%.
كانت آخر مرة اقتربت فيها الحبوب الأساسية من هذه المستويات خلال أزمة الغذاء عام 2008 والتي أثارت اضطرابات سياسية في جميع أنحاء العالم. وتجاوزت العقود الآجلة لبذور اللفت في باريس 900 يورو (980 دولارًا) للطن للمرة الأولى على الإطلاق، كما وصلت العقود الآجلة لزيت الكانولا إلى مستوى قياسي جديد. ارتفعت أسعار الذرة بأكثر من الربع هذا العام، وفقاً لوكالة "بلومبيرغ".
ومن الحقول إلى مصانع المعالجة، عطل الغزو الروسي الصناعة الزراعية في أوكرانيا. تم إغلاق الموانئ منذ اندلاع الحرب، وعلى الرغم من أن النقل البري يحاول التعويض، سيكون من الصعب تعويض التجارة البحرية المفقودة.
كما يتدفق بعض القمح الروسي برا، في حين أن السفن تواجه طريقا مسدودا بسبب العمل العسكري في البحر الأسود. كما تم خنق تجارة السلع الأساسية الروسية بسبب العقوبات والتدابير المالية ضد موسكو.
وفي السياق ذاته، أعلنت أوكرانيا، الأربعاء، حظر تصدير عدد من المواد الغذائية حتى نهاية العام 2022. وذكرت الحكومة، في بيان، أنه يمنع نهائيا تصدير "الشعير والحنطة السوداء والذرة البيضاء والسكر والملح واللحوم حتى نهاية العام الجاري".
جاء ذلك بينما تشهد أوكرانيا أسبوعين من المعارك الضارية على خلفية التدخل العسكري الروسي الذي بدأ في 24 فبراير/ شباط الماضي، وتسبب في لجوء قرابة مليوني أوكراني إلى بلدان مجاورة.