مكاسب لبايدن من كبح صادرات الغاز قبل الانتخابات... استمالة المستهلكين ونشطاء البيئة

31 يناير 2024
بايدن يرفع شعار حماية أمن الطاقة في أميركا بوقف تصاريح الغاز الجديدة (Getty)
+ الخط -

ابتهج نشطاء المناخ في الولايات المتحدة، عندما قام الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي، بتجميد بناء منشآت جديدة لتصدير الغاز الطبيعي المسال بدعوى حماية المناخ، لكن الأمر لا يخلو من مكاسب سياسية يرمي إليها بايدن خاصة أن القرار يروق للكثير من المستهلكين الذين تؤرقهم فواتير التدفئة والكهرباء.

قال بايدن لدى إعلانه عن القرار، الذي سيوقف المضي قدما في ما لا يقل عن 17 مشروع تصدير في انتظار الحصول على الموافقة: "سوف نلقي نظرة فاحصة على آثار صادرات الغاز الطبيعي المسال على تكاليف الطاقة، وأمن الطاقة في أميركا، وبيئتنا".

أصبحت الولايات المتحدة على مدى السنوات الثماني الماضية من أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم، حيث نشطت الشركات في استخراج الغاز الصخري بكثافة.

ويمكن للمنشآت السبع القائمة حالياً أن تنتج ما يصل إلى 87 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً، وهو ما يكفي لتلبية احتياجات الغاز المشتركة لألمانيا وفرنسا، كما ستضيف خمسة مشاريع أخرى تمت الموافقة عليها بالفعل وهي قيد الإنشاء 63 مليون طن أخرى من الطاقة الإنتاجية.

وعلى خلاف موقف نشطاء البيئة من إنتاج النفط الصخري الذي يعارضونه بشدة، فإن تشددهم بشأن إنتاج الغاز المسال أقل حدة إذ ينتقدون أكثر تصديره إلى الخارج.

وقال بيل ماكيبين الناشط الأميركي في مجال البيئة والمؤسس المشارك في جمعية "350.org" المعنية بالدفاع عن البيئة إن "التحليل الاقتصادي الأكثر أهمية سيخبرك أنه إذا كنت تقوم بتصدير الكثير من الأشياء، فإن الأسعار سترتفع بالنسبة للناس في الوطن".

وأضاف ماكيبين وفق تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أمس الثلاثاء إن "عددا قليلا جداً من الأميركيين يتوق إلى إجراء عمليات التكسير الهيدروليكي في بلادهم من أجل بيع الغاز الرخيص إلى الصين".

ويأتي قرار بايدن في وقت يسعى لحشد تأييد الناخبين الشباب المتحمّسين لقضايا البيئة استعداداً وكذلك المستهلكين الذين عانوا من التضخم على مدار سنوات ماضية، لمواجهة صعبة في وقت لاحق هذا العام مع دونالد ترامب الذي يبدو الأوفر حظاً لنيل ترشيح الحزب الجمهوري علماً بأن الأخير وصف ظاهرة الاحتباس الحراري في العالم الناجم عن الأنشطة البشرية بأنها "خدعة" متعهّدا بنسف أجندة خصمه الديمقراطي المرتبطة بالمناخ.

ورغم تراجع مؤشر أسعار المستهلك (التضخم) كثيراً مقارنة مع العام الماضي، إلا أنه لا يزال أعلى بكثير من أهداف صناع السياسات على المدى الطويل، إذ بلغ 3.4% في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

قبل أن ترسل شركة "تشينير إنيرجي" أول سفينة مليئة بالغاز المسال نحو التصدير في العام 2016، كانت هناك مخاوف كبيرة من أن تؤدي هذه التجارة إلى ارتفاع أسعار الغاز المحلية، مما أدى إلى سلسلة من الدراسات حول هذا الموضوع.

واقترح التقرير الأول، الذي صدر في العام 2012، أنه على مدى العقدين من عام 2015 إلى عام 2035، ستضيف صادرات الغاز الطبيعي المسال ما بين 3% و9% إلى فواتير الغاز للمستهلكين وما بين 1% و3% إلى فواتير الكهرباء، اعتماداً على الحجم والكثافة.

وتم إجراء المزيد من الدراسات في عامي 2015 و2018. لكن الدراسات خلصت بشكل عام إلى أن تأثير ارتفاع الصادرات على الأسعار الأميركية سيكون محدوداً. وقد ثبت أن هذا هو الحال.

فقد بلغ متوسط الأسعار في مؤشر "هنري هوب" التابع لبورصة شيكاغو التجارية 3.37 دولارات للمليون وحدة حرارية (وحدة قياس بريطانية للغاز) في السنوات السبع منذ عام 2016، مقارنة بـ 3.48 دولارات في السنوات السبع السابقة، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

كما وفر النمو السريع لصناعة التصدير منفذاً للغاز الأميركي حيث حطم الإنتاج الأرقام القياسية. وقال كيفن بوك من شركة "كلير فيو" لاستشارات الطاقة في واشنطن: "توفر صادرات الغاز الطبيعي المسال في الواقع بعض الفوائد المفيدة للولايات المتحدة، منها أنها تسهل إنتاج النفط في التكوينات الغازية، لأنها تمنح الغاز مكاناً للذهاب إليه".

ومع ذلك، هناك بعض المخاوف المحلية بشأن آثار شحن الغاز إلى الخارج. وقال بول سيسيو، رئيس جمعية مستهلكي الطاقة الصناعية في الولايات المتحدة، التي تمثل شركات التصنيع إن المزيد من الصادرات يرفع مخاطر الأسعار.

وأشار إلى تداعيات العاصفة الشتوية القاسية في العام 2021 والتي أدت إلى زيادة في الطلب، مما أدى إلى ارتفاع أسعار مؤشر "هنري هوب" لفترة وجيزة إلى أكثر من 12 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

وأضاف سيسيو: "إنها مشكلة خطيرة حقيقية عندما تكون مخزونات الغاز الطبيعي الأميركية منخفضة خلال أشهر الشتاء، حيث يصل الطلب إلى الذروة بسبب الطقس".

وفي مقابل تأييد المستهلكين ونشطاء البيئة لخطوة بايدن، انتقد منتجو النفط والغاز تجميد تصاريح إنشاء محطات تصدير جديدة لتصدير الغاز. كما حث تحالف من مجموعات الأعمال من الولايات المتحدة وأوروبا واليابان بايدن على إعادة النظر في قراره.

بايدن ليس أول رئيس يعلن عن توقف تراخيص تصدير الغاز، فالرئيس الأسبق باراك أوباما، الذي شغل بايدن في عهده منصب نائب الرئيس، أوقف الموافقات من عام 2012 إلى عام 2014.

وأشار جيمس لوسير، المحلل في مؤسسة "كابيتال ألفا بارتنرز"، إلى أنه بمجرد أخذ الدراسة الحالية والتعليقات العامة في الاعتبار، من المحتمل ألا يتم إصدار تراخيص جديدة إلا بعد مايو/أيار من العام المقبل 2025.

وقال بول بليدسو، مستشار المناخ السابق لإدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون: "وقف التصاريح يتعلق أكثر بسياسة الحملة الانتخابية"، مضيفا: "لذلك أتوقع منح بعض التصاريح الجديدة على الأقل إذا فاز بايدن بولاية ثانية، لأن مجمل الأدلة الأمنية والمناخية والاقتصادية من المرجح أن تكون لمصلحة السماح بالمزيد من التصاريح حتى في ظل مجموعة جديدة من المعايير الأكثر صرامة".

المساهمون