- الحملة تهدف لخفض أسعار الأسماك التي ارتفعت بشكل كبير، وقد حظيت بدعم محلي واسع وأدت إلى تراجع الأسعار بنسب تتراوح بين 50 إلى 70%.
- تستمر الحملة حتى عودة الأسعار لطبيعتها، مع تراجع الطلب على الأسماك بسبب البحث عن بدائل أرخص وتأثير الحملة على مبيعات التجار الذين يرون فيها ضرورة لمواجهة جشع كبار التجار وسياسات الحكومة.
دعت الحملة الشعبية نحو مقاطعة الأسماك في مصر المواطنين إلى مواصلة الامتناع عن شراء الأسماك بكافة أنواعها، الأسبوع القادم، ولحين انتهاء احتفالات المصريين بعيد الربيع "شم النسيم".
تستهدف حملة مقاطعة الأسماك في مصر دمج أكبر نسبة من المواطنين ضمن حملات المقاطعة، مع انتهاء صيام المسيحيين الذين يمتنعون عن تناول اللحوم والأسماك، وإقبال المصريين على تناول وجبة "الفسيخ".
تسعى المبادرة إلى زيادة عدد المحافظات المشاركة في حملة المقاطعة، والتي بلغت نحو 11 محافظة وفقا لتصريحات وسام الصفتي منسق مبادرة "خليه يعفن".
انطلقت المبادرة من مدينة بورسعيد مطلع الأسبوع الماضي، احتجاجا على زيادة أسعار سمك "الشابار" وجبة السمك الشعبية، حيث تراوح سعر الكيلو ما بين 60 إلى 90 جنيهاً بالتوازي مع ارتفاع أسعار السردين والبوري، والروبيان والدنيس.
يؤكد الداعون إلى مقاطعة الأسماك في مصر أن حملتهم تستهدف إجبار تجار الأسماك والباعة على خفض الأسعار، بعد أن بلغت حدا لا يمكّن غالبية الأسر، من تناول وجباتها الشعبية من الأسماك. حازت حملة المقاطعة على دعم من محافظ بورسعيد عادل الغضبان، وبعض القيادات التنفيذية، ولاقت رواجا بين أجهزة الإعلام الرسمي، ودعما هائلا على مجموعات التواصل الاجتماعي، خاصة من منظمي الحملات الإلكترونية الداعمة للنظام.
قال محمد سعد سكرتير اتحاد الغرف التجارية في بيان أرسله لــ"العربي الجديد" بعد زيارته لأسواق مدينة بورسعيد الساحلية، إن حملة مقاطعة الأسماك في مصر أسفرت عن تراجع أسعار الأسماك بنسب تتراوح ما بين 50 إلى 70 في المائة خلال اليومين الماضيين، حيث انخفض سعر "الشابار" من 250 إلى 100 جنيه للكيلو.
استمرار مقاطعة الأسماك في مصر
أكد سعد أن حملة المقاطعة ستظل مستمرة، لحين عودة الأسعار إلى طبيعتها، بما يحافظ على حق التجار والصيادين في تحقيق هامش ربح بسيط.
في جولة استطلاعية لـ"العربي الجديد"، رصدت تراجعا كبيرا على طلب الأسماك في بورسعيد، وكذا في مدن الدلتا والإسكندرية الأكثر استهلاكا للأسماك بكافة أنواعها، ومنعدما بالقاهرة وباقي المحافظات.
يرجع محمد السيد أحد تجار سوق السمك بمحافظة الجيزة، ضعف الطلب على الأسماك إلى ارتفاع درجات الحرارة التي تدفع محبي أكلات الأسماك إلى تأجيل الشراء، إضافة إلى زيادة الأسعار وبحث المواطنين عن وجبات أرخص كالدواجن واللحوم المستوردة. يبدي محمد يوسف موزع الأسماك بمنطقة الدقي غرب القاهرة، إعجابه بمبادرة المقاطعة، مبينا أنه رغم تضرره من تراجع المبيعات، إلا أن كبار التجار في حاجة إلى وقفة شعبية واسعة تدفعهم إلى خفض أسعار الأسماك.
يشير يوسف إلى أن الموزعين لا يحققون من البيع اليومي للأسماك إلا على قدر ضئيل من هامش الربح، مع اعتماد محلات البيع على تحقيق عوائد من تجهيز الأسماك للعملات أو بيعها بالمطاعم، بينما الربح يتجه في أغلبه إلى المتحكمين في حلقات بيع السمك بالمزادات بمنافذ الصيد البحري أو الأسواق الكبرى، بمدينة العبور والإسكندرية والجيزة وبورسعيد وشمال الدلتا.
أكد يوسف أن انخفاض الأسعار خلال الأيام الماضية، مرتبط بضعف الطلب من قبل المواطنين، وصيام المسيحيين، وانتظار عيد شم النسيم، وارتفاع درجات الحرارة وتفضيل آكلي الأسماك تناول الوجبات الخفيفة التي لا تدفعهم للعطش، مشيرا إلى أن نسبة التراجع طاولت النوعيات الأكثر شعبية، التي لا يمكن تخزينها لفترات طويلة، مع ارتفاع تكلفة الثلج والكهرباء والعمالة.
مسؤولية ارتفاع الأسعار
يحمل موزعون الحكومة مسؤولية ارتفاع سعر الأسماك، مع تشجيعها التجار إلى سحب كميات كبيرة من المنتجات المحلية لتصديرها إلى الخارج، مع هيمنة الشركة الوطنية للأسماك التابعة على المزارع السمكية، بكافة المسطحات المائية، بما قلل من فرص القطاع الخاص في زيادة الإنتاج، ورفع تكلفة الأسماك بالتوازي مع زيادة تكلفة الأعلاف المستوردة والنقل ومستلزمات الصناعة خلال العامين الماضيين بمعدل الضعف السائد مطلع 2022.
يشير صيادون إلى توقف رحلات صيد الأسماك للسفن المصرية الخاصة إلى أعالي البحار عند حدود اليمن والصومال، بسبب حالة الحرب في غزة واضطراب حركة المرور بباب المندب، بالإضافة إلى عدم حصول أصحاب السفن الكبيرة على تصاريح صيد بالبحر المتوسط من المخابرات العسكرية، والتي تتجه عادة إلى حدود تونس وإيطاليا والسواحل المغربية، خشية أن تساهم بعض الرحلات في الهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى انتشار سفن أوروبية وصينية تعمل بنفس المناطق، بأجهزة حديثة، تحول دون عمل السفن المصرية.
وارتفع الطلب على الأسماك البحرية والفاخرة المستخرجة من منابع النيل، للأسواق الأوروبية والخليجية وليبيا وروسيا والولايات المتحدة والصين وفيتنام، شجع على توجه الشركات إلى زيادة التصدير من معدل 29 ألف طن إلى 150 ألف طن عامي 2022 و2023. انخفضت الواردات بنسبة 34.5 في المائة عام 2023، التي تشمل الجمبري وسمك الماكريل، متأثرة بتراجع قيمة الجنيه، وزيادة تكلفة الواردات.