معونات خليجية لإسناد موازنة البحرين المأزومة

07 يونيو 2023
المساعدات تدعم الاستقرار المعيشي (أحمد الفردان/Getty)
+ الخط -

الإعلان عن تلقّي البحرين 1.8 مليار دولار مساعدات خليجية حتى عام 2024، أصبح مؤشراً على استمرار حاجة المملكة الخليجية الصغيرة إلى الإسناد المالي، في ظل صعوبات عجز الموازنة لديها، وللتخفيف من ضغط الديون على اقتصادها، وتحسين ثقة المستثمرين في قدرتها على سداد التزاماتها المالية.

وتبلغ قيمة الدعم الكويتي للبحرين، ضمن حزمة المساعدات 487.3 مليون دولار لـ6 مشروعات، فيما تبلغ قيمة الدعم السعودي 942.1 مليون دولار لـ16 مشروعاً، في حين وصل إجمالي دعم الإمارات إلى 8 مشاريع بقيمة 357.9 مليون دولار، حسبما نقلت مصادر اعلامية بحرينية، عن مصادر رسمية.

ومع ذلك، فإن هذه المعونات لا تكفي لحل مشكلة الموازنة بشكل كامل، بل تتطلب من البحرين تطبيق إصلاحات جذرية في الإنفاق العام والإيرادات غير النفطية، والتخلص من بعض الدعم والإعانات التي تثقل كاهل الموازنة، حسبما أورد تقرير لمعهد الشرق الأوسط.

المعونات تدعم الاستقرار المعيشي
يشير الخبير الاقتصادي، حسام عايش، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن المعونات الخليجية للبحرين تمثل شكلاً آخر من أشكال الدعم للمملكة الصغيرة، الذي سبق أن حصلت على 10 مليارات دولار مساعدات خليجية.
ويضيف عايش أن الدعم الخليجي، وبالذات السعودي، يأتي في إطار محاولة إبقاء الوضع الاقتصادي والمعيشي في البحرين مستقراً إن أمكن ذلك، بالنظر إلى أنها الدولة الخليجية الوحيدة تقريباً التي شهدت أشكالاً من الأشكال الشبيهة بانتفاضات الربيع العربي، مع النظر إلى محدودية مواردها المالية، إذ تصدر 200 ألف برميل من النفط فقط يومياً.

وتعول المملكة الصغيرة على مصادر دخل جديدة من خلال استكشاف الصخر الزيتي، لكن هذا المشروع لا يزال بحاجة للمزيد من الدراسة والمتابعة، بحسب عايش، مؤكداً أن البحرين مضطرة إلى الاعتماد على علاقاتها المباشرة بالسعودية، من خلال الجسر الرابط بين البلدين، إضافة إلى الجسر الآخر، الذي يفترض أن يجري إنجازه، والمشروعات الاقتصادية المشتركة.

موارد محدودة مقابل ضخامة الديون
يلفت الخبير الاقتصادي إلى أن محدودية المصادر المالية البحرينية، سواء من بعض الشركات الكبيرة، أو من القطاع المصرفي، أو من القطاع الترفيهي الصغير، أدت إلى مشكلتين رئيسيتين في المملكة، الأولى ضخامة حجم الديون التي بلغت 115% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021، قبل أن تنخفض إلى 100% في عام 2022، بسبب ارتفاع الإيرادات من النفط.
أما المشكلة الثانية، فتتمثل في بقاء عجز الموازنة البحرينية مستمراً، رغم ارتفاع إيرادات النفط، ما يدفع حكومة المملكة إلى مزيد من الاستدانة لتغطية هذا العجز، ولذلك تأتي المساعدات الخليجية لسد العجز في الموازنة من جهة، ولإقامة مشروعات يمكن أن توفر دخلاً يوازن أو يقلل العجز إلى مستويات يمكن التعامل معها، حسب عايش.
ويلفت الخبير الاقتصادي، في هذا الصدد، إلى أن المساعدات تأتي في إطار الوحدة الخليجية، ولأسباب أخرى تتعلق بدور البحرين الإقليمي.
ويرى عايش أن البحرين بحاجة إلى مقاربة اقتصادية أخرى تسمح للمواطنين بمزيد من الأنشطة الاقتصادية، خاصة أن كثيراً من هذه الأنشطة إما متركزة لدى فئة قليلة من البحرينيين، أو أن بعضها ربما يستدعي مزيداً من الأنظمة والقوانين التي تدعم استمراره وبقاءه.

كما أن البحرين بحاجة للإسراع في مشروع استخراج النفط من الصخر الزيتي أو النفط الزيتي، وتخفيض الإنفاق على الأمن، خاصة بعد المصالحات الخليجية، وعدم الحاجة إلى استمرار معدلات الإنفاق الأمني والعسكري السابقة، حسبما يرى عايش.

الاستثمار على حساب الإنفاق الأمني
ويقترح الخبير الاقتصادي توجيه الجزء المقتطع من الإنفاق الأمني للاستثمار الداخلي في مشروعات يمكن أن توفر فرص عمل من جهة، ومزيداً من الدخل للحكومة البحرينية، سواء بشكل مباشر، أو من خلال ضرائب ورسوم من جهة ثانية.
وكلما زادت فرص العمل ارتفع معدل إنفاق البحرينيين، ما يعني نمو الطلب المحلي وحجم النشاط الاقتصادي، وبالتالي توسيع الاقتصاد، وزيادة معدلات الدخل للحكومة وللأفراد أنفسهم، ولذلك فالمساعدات الخليجية ربما تساعد البحرين مرحلياً، حسب عايش.
لكن الاعتماد الدائم على المساعدات غير صحيح، وفق ما يؤكد عايش، ما يقتضي توجيه المساعدات إلى استثمارات حقيقية في البحرين تسمح بالحصول على دخل منها، وبالتالي تقلل من الحاجة للاعتماد على مصادر خارجية، سواء كانت قروضاً أم حتى المساعدات الخليجية نفسها.
غير أن عايش يتوقع أن يظل احتياج البحرين للمساعدات الخليجية لفترة أطول مما هو معلن ببرنامج المساعدات الممتد إلى عام 2024.

صندوق سعودي بـ 5 مليارات دولار
كان وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، قد أعلن في 15 مايو/أيار، عن تخصيص صندوق متخصص للاستثمار في مملكة البحرين، برأسمال يبلغ 5 مليارات دولار.
وأشار الفالح، خلال عقد اجتماع مجلس التنسيق السعودي البحريني الثالث، إلى أن هذا الاستثمار سيكون متاحاً أمام قطاعات اقتصادية متنوعة في القطاع الخاص السعودي والبحريني. كما أعلن الوزير السعودي وضع منصات مشتركة في البحرين لطرح فرص استثمارية مدروسة، ذات جدوى اقتصادية للبلدين.