مصر ونيوم... سبعة أسئلة مشروعة بشأن قرار غامض

06 مارس 2018
أثناء توقيع ثلاث اتفاقيات ومذكرة تفاهم استثمارية (واس)
+ الخط -

نقلت وكالة "رويترز"، أمس الإثنين، عن مسؤول سعودي قوله إن مصر تعهدت بألف كيلومتر مربع من الأراضي الواقعة في جنوب سيناء، لتكون ضمن مدينة "نيوم" التي كشفت السعودية النقاب عنها في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وتبلغ استثماراتها 500 مليار دولار.

وحسب ما جاء في تقرير الوكالة، فإن الأراضي المصرية الواقعة بمحاذاة البحر الأحمر تعد جزءاً من صندوق مشترك قيمته 10 مليارات دولار، أعلنت الدولتان تأسيسه خلال زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إلى القاهرة.

بعضهم سارع وتعامل مع التعهّد المصري على أنه يشبه خطوة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية في صفقة غامضة لم يتم الكشف عن تفاصيلها بعد، أو عن المكاسب المادية التي قد تكون مصر قد حصدتها مقابل التنازل عن الجزيرتين، ووصف آخرون القرار بأنه تفريط جديد في الأراضي المصرية لمصلحة السعودية، وتنازل عن جزء غالٍ من تراب الوطن وهو ما يخالف مواد الدستور.

في المقابل، دافع آخرون عن القرار، إذ أكدوا أن المشروع يأتي في إطار الدعم السعودي اللامحدود لمصر في هذا التوقيت الاقتصادي الحرج الذي تمر به البلاد، إذ إن المملكة ستضخ مليارات الدولارات في الاقتصاد المصري مقابل استثمار هذه الأراضي.

بداية، التعهّد المصري بالتنازل عن مساحات كبيرة من أراضي سيناء للسعودية لا يزال غامضاً حتى الآن، فلا توجد أمامنا معطيات واضحة وبيانات محددة عن مضمون التعهد، وقد انتظرنا توضيحاً لهذا الأمر، لكن لا أحد تكلم، سواء رأس الدولة أو رئيس الحكومة أو حتى وزيرة الاستثمار التي لا تترك شاردة ولا واردة إلا وتعلق عليها.

وبسبب هذا الغموض تعامل بعضهم مع ما ذكرته "رويترز" على أنه يشبه سيناريو تيران وصنافير، لكن هذه المرة تتنازل الحكومة عن مساحات أكبر تصل إلى ألف كيلومتر، لكن آخرين يرون أن القرار لا يعدو كونه عملية تخصيص لأراضٍ وليس تنازلاً عنها.

وحتى يتم الكشف عن حقيقة ما تعهدت به الحكومة المصرية لنظيرتها السعودية وأبعاد القرار وتفاصيله، فإننا هنا نطرح أسئلة عدة لعل صاحب القرار يجيب عنها ليزيل هذا الغموض، أو ليؤكد ما عملية التنازل.

السؤال الأول:

في أي سياق تم التنازل عن ألف كيلومتر من الأراضي المصرية للسعودية، وتحت أي قانون جرى التنازل، هل تحت قانون الاستثمار المصري الذي يتيح للحكومة تخصيص أراضٍ للمستثمرين الأجانب، سواء للدول أو الشركات، بشرط قيام هؤلاء المستثمرين بتأسيس شركات مصرية تخضع للقانون المصري ومؤسساته، ومنها الضرائب والتأمينات وغيرها، أم جرى التنازل حسب قوانين أخرى تنظم أنشطة المناطق الحرة وحق الانتفاع طويل الأجل، وفي هذه الحالة لمن تكون ملكية الأراضي المصرية خلال فترة حق الانتفاع التي قد تمتد لمائة عام، أم جرى التنازل عن الأراضي في إطار أعمال السيادة التي يمنحها الدستور لرئيس الجمهورية؟

السؤال الثاني:

لمن جرت عملية التنازل عن هذه المساحات الشاسعة من الأراضي، هل لحكومة المملكة مباشرة لضمها إلى مشروع نيوم السعودي، كما جاء في تقرير "رويتر"، أم سيتم التنازل عنها لمصلحة شركة سعودية سيتم تأسيسها في مصر لغرض تطوير هذه الأراضي المخصصة سياحياً وعمرانياً، وهل هذه الشركة سيتم ترخيصها حسب القوانين المصرية، وبالتالي تصبح شركة مصرية حتى ولو كانت السعودية تمتلك أسهمها ورأسمالها بالكامل؟ أم أنه سيتم إخضاع الأراضي المصرية لشركة تقع على الأراضي السعودية، وهو ما يخالف القوانين المصرية؟

السؤال الثالث:

من المعروف أنه لا يجوز للأجانب تملك أراضٍ في سيناء، هذا ما ينص عليه قانون التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء، صحيح أنه تم إدخال تعديلات في يونيو/ حزيران 2016 على هذا القانون تسمح باستثناء موانئ شرق بورسعيد والمنطقة الصناعية شرق بورسعيد، والعريش، والطور من هذا الحظر، لكن الأراضي التي تم تخصيصها للسعودية تقع خارج هذه المناطق، تحديداً في جنوب سيناء، أي ناحية شرم الشيخ والغردقة وسواحل البحر الأحمر، وبالتالي هل سيتم إدخال تعديلات جديدة على القانون لتمرير هذه الصفقة؟

السؤال الرابع:

في حال تخصيص الألف كيلومتر مربع لمشروع نيوم السعودي، هل هذا يعني ضم أراضٍ مصرية لأراضي سعودية ستتم إقامة المشروع عليها، وإلا ما معنى تصريح مسؤول في مجلس الأعمال المصري السعودي، الذي كشف عن أن مصر ستحصل على 5 مليارات دولار من السعودية نظير تخصيص الألف كيلومتر مربع من الأراضي في جنوب سيناء، لتكون ضمن منطقة استثمارية وتجارية مملوكة للسعودية مباشرة؟

السؤال الخامس:

عقب إنشاء السعودية سبع نقاط جذب بحرية سياحية ما بين مدن ومشروعات سياحية في نيوم، بالإضافة إلى 50 منتجعاً وأربع مدن صغيرة في مشروع سياحي منفصل بالبحر الأحمر، كما هو مخطط، فإن السؤال هنا: هل المشروعات السعودية ستفيد السياحة المصرية، خاصة الشاطئية الواقعة على سواحل البحر الأحمر في شرم الشيخ وغردقة ومرسى علم، أم سيتم تكرار سيناريو شركة موانئ دبي التي قامت بالاستحواذ على موانئ عربية عدة بحجة تطويرها، وبعد ذلك يتم "تمويتها" لمصلحة موانئ دبي؟

السؤال السادس:

ما حقيقة صندوق الاستثمار الذي سيتم تأسيسه بمشاركة بين مصر والسعودية وبرأسمال 10 مليارات دولار، وهل يختلف عن الصندوق الذي تم الإعلان عن تأسيسه في إبريل/ نيسان 2016 خلال زيارة الملك السعودي لمصر برأسمال 60 مليار ريال، بما يعادل 16 مليار دولار، وما علاقة الصندوق الجديد بالتعهد المصري بالتنازل عن ألف كيلومتر للسعودية، هل الصندوق سيؤسس شركة لإدارة الأراضي المصرية وتطويرها سياحياً أم ستوجه نصف حصيلته لسداد قيمة الأراضي المصرية المخصصة والباقي يتم ضخه في صورة استثمارات؟

السؤال السابع:

ما الدور الذي ستقوم به مصر في حال ضم الألف كيلومتر مربع من أراضي سيناء إلى مشروع نيوم السعودي؟ هل ستشارك بالأرض، أم ستكتفي بالحصول على قيمة الأرض وتأجيرها بحق الانتفاع؟ هذه نقطة مهمة، لأن الإجابة عنها تزيل كثيراً من نقاط الغموض حول المشروع.

هذه مجرد أسئلة أردت طرحها فقط للنقاش ولا أجد لها إجابة، قد تكون لها إجابة عند صاحب القرار، إجابة لا نعرفها، وقد لا يريد بعضهم الكشف عنها بحجة "داري على شمعتك تقيد"، أو خوفاً من حسد "أهل الشر"، أو ربما لأن فكرة المشروع جاءت على عجل، وبالتالي لم تتبلور الأفكار التنفيذية بعد.

المساهمون