تراجعت واردات مصر من الغاز الإسرائيلي بنحو 19% إلى حوالي 650 مليون قدم مكعبة يومياً من الغاز بسبب تأثرها بإيقاف دولة الاحتلال إنتاج الغاز الطبيعي من حقل تمار البحري الواقع شرق البحر المتوسط.
ومن جانبها، تخوفت مصادر مصرية من انعكاس القرار الإسرائيلي على صادرات البلاد من الغاز الطبيعي، وكذا على أنشطة تزويد محطات إنتاج الكهرباء بالطاقة.
وتصدّر إسرائيل الغاز حاليا إلى أوروبا عبر مصر، حيث يتم نقل الغاز في أنابيب إلى محطتي الإسالة المصريتين في "إيدكو" و"دمياط"، وبعد ذلك يتم نقله بعد إسالته إلى أوروبا.
تصدّر إسرائيل الغاز حاليا إلى أوروبا عبر مصر، حيث يتم نقل الغاز في أنابيب إلى محطتي الإسالة المصريتين، وبعدها يتم نقله بعد إسالته إلى أوروبا
في المقابل، كشفت مصادر بارزة في القاهرة أن لجنة طوارئ الطاقة التابعة لمجلس الوزراء والتي تضم قيادات وزارات البترول والكهرباء والصناعة والمحليات، عقدت اجتماعات موسعة على مدار الأيام الثلاثة الماضية، لوضع سيناريو واضح، يواجه التبعات التي ستنجم عن نقص واردات البلاد من الغاز الإسرائيلي والأسواق الدولية، على خلفية اندلاع الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية.
وأكد مصدر، رفض ذكر اسمه، أن اللجنة تبين لها وجود احتياطي محلي كاف لتشغيل كافة القطاعات الخدمية والإنتاجية، مع توجيه كميات لبدء تصدير الغاز المسال من الإنتاج المحلي للأسواق الدولية.
وفي هذا السياق، قال رئيس الشعبة العامة للمواد البترولية باتحاد الغرف التجارية السابق، حسام عرفات، لــ"العربي الجديد" إن قطع إسرائيل إمدادات الغاز القادم لمصر، من حقل "تمار" المربوط بشبكة الغاز المصرية، سيقع ضرره الأكبر على إسرائيل وأوروبا، مشيرا إلى أن مصر في هذه الصفقة مجرد وسيط بين تل أبيب وأوروبا.
أوضح عرفات أن وساطة مصر لتصدير الغاز الإسرائيلي جاءت بعد اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، وفقا لاتفاق دولي برعاية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث يأتي الغاز الطبيعي عبر الشبكة القومية للغاز المصري، لتتولى محطتا الإسالة بإدكو ودمياط عملية التسييل للغاز وتحميله عبر السفن المتجهة إلى أوروبا، لتأمين جزء من النقص الذي أصابها مع توقف إمداد الغاز الروسي.
أضاف عرفات أن خبراء وزارة البترول تمكنوا من إعادة إصلاح الأعطال بحقل "ظهر" الذي يعد أكبر مصدر للغاز المحلي، تمهيدا لتشغيله بطاقته القصوى التي كان عليها قبل إبريل/ نيسان الماضي، بما أوقف حاجة البلاد للغاز الإسرائيلي وأحدث وفرة في الإنتاج، مكنت وزارة البترول من توجيه جزء من الفائض المحلي إلى محطتي الإسالة، وبدء تصديره لأوروبا خلال الشهر الجاري. توقفت صادرات مصر من الغاز المسال المحلي والمستورد، في الفترة من يونيو/ حزيران إلى سبتمبر/ أيلول 2023.
عرفات: خبراء وزارة البترول تمكنوا من إعادة إصلاح الأعطال بحقل "ظهر"، أكبر مصدر للغاز المحلي، تمهيدا لتشغيله بطاقته القصوى
ووفق رئيس الشعبة العامة للمواد البترولية، فإن قطع إسرائيل الغاز عن مصر كان أمرا متوقعا، في ظل تطور الأحداث عسكريا، ووجود دعوات إسرائيلية سابقة لحالة الحرب، تطالب حكومة تل أبيب بالتوجه إلى تنفيذ خط أنابيب خاص، ينقل الغاز الإسرائيلي عبر قبرص وبحرا إلى أوروبا، بما دفع الخبراء المصريين إلى البحث عن وسائل تمكن الدولة من الحفاظ على دورها كمركز إقليمي للغاز شرق المتوسط.
وأمرت سلطات تل أبيب بوقف واردات مصر من الغاز الإسرائيلي من حقل غاز تمار لأجل غير مسمى، اعتبارا من أول من أمس، بعد 3 أيام من رصد شبكات الغاز المصرية تراجعا في إنتاجه يوم السبت الماضي.
يبرر الإسرائيليون توقف الإنتاج، لوجود مخاوف تتعلق بالسلامة مع تصعيدها الحرب ضد الفلسطينيين، بينما يعتبر مراقبون أن تل أبيب تسعى إلى الضغط على مصر في ملف الطاقة، في وقت تعلم أن البلاد تواجه أزمة في وارداتها البترولية، وتحتاج إلى زيادة صادرات الغاز لتدبير عملة أجنبية، تمكنها من مواجهة الأزمة المالية، الناجمة عن شح الدولار.
يشير المراقبون إلى استمرار تدفق الغاز الإسرائيلي من حقل "ليفياثان" الأكبر حجما من "تمار" والأقرب إلى سواحل قطاع غزة والحدود المصرية. يقع حقل تمار على مسافة 80 كيلومترا من ميناء حيفا، ونحو 150 كيلومترا من الحدود المصرية.
يؤكد المراقبون أن القرار الإسرائيلي سيؤدي إلى موجات غلاء جديدة في أسعار الغاز، يمكن أن تصل إلى المستويات التاريخية التي بلغتها بداية العام الجاري، مع فرض حصار واسع على الواردات الروسية لأوروبا. ارتفعت العقود الآجلة للغاز الأوروبي، بنسبة 15% الاثنين الماضي، متأثرة بحالة الحرب.
يبرر الإسرائيليون توقف الإنتاج، لوجود مخاوف تتعلق بتصعيد الحرب ضد الفلسطينيين، بينما يعتبر مراقبون أن تل أبيب تسعى إلى الضغط على مصر في ملف الطاقة
تشير تقارير الشركة القابضة للغازات المصرية "إيجاس" إلى أن متوسط الإنتاج اليومي من الغاز الطبيعي وصل إلى 6.2 مليارات قدم مكعبة يوميا فيما يبلغ متوسط الاستهلاك المحلي اليومي 5.9 مليارات قدم مكعبة يوميا، لافتة في بيان رسمي أصدرته الأسبوع الجاري، إلى أن الكهرباء تستهلك نحو 57% من الإنتاج وقطاعات الصناعة 25% وشركات البترول والبتروكيميائيات 10% و6% للمنازل و2% للسيارات.
تؤكد وزارة الكهرباء في بيانات رسمية حصولها على الكميات المطلوبة من الغاز بانتظام دون أي تخفيض.
تبين مصادر بوزارة الكهرباء تراجع حالات انقطاع التيار الكهرباء مع زيادة الواردات المحلية من الغاز وتحسّن حالة الجو، وتراجع الاستهلاك.
انخفض متوسط استهلاك الطاقة بأنحاء البلاد إلى أقل من 30 ألف ميغا وات، يوميا، بتراجع يزيد عن 2000 ميغا وات عن الشهر الماضي، مع وجود فائض بقدرات التوليد بلغ 25 ألف ميغا وات، مع احتياطي قابل للتشغيل بشبكة تملك قدرات اسمية في التوليد تصل إلى 61 ألف ميغا وات.
يمثل الغاز الطبيعي 77.8% من المزيج العام في نسب مشاركة مصادر الطاقة الأولية في إنتاج الكهرباء المصرية والمازوت 8.19% والطاقة المائية 9.47% والجديدة بما فيها محطات الرياح والخلايا الشمسية 4.53%.
لجأت الحكومة إلى جدولة فترات انقطاعات التيار الكهربائي نهاية يونيو الماضي، مع تراجع إمدادات الوقود من الغاز، والمازوت للمحطات الحرارية بمعدلات لم تشهدها منذ عامي 2011 و2012.