استمع إلى الملخص
- وزارة المالية تعارض التوسع في المناطق الحرة، مؤكدة على ضرورة توحيد نظم الضرائب وتسهيل الإجراءات للمستثمرين، مما يعكس التحديات في تحقيق التوازن بين تشجيع الاستثمار وحماية الصناعات.
- الحكومة تسعى لتغيير نظام العمل بالمناطق الحرة لدعم صناعات محددة وتحقيق مميزات تنافسية، مع التأكيد على ضرورة إصلاح نظام الاستثمار الداخلي لجذب المزيد من الاستثمارات.
بدأت الحكومة المصرية العمل على إنشاء 4 مناطق حرة جديدة بالقاهرة والإسكندرية والعلمين وبرج العرب، في إطار خطة تستهدف إضافة 11 منطقة حرة جديدة في مصر خلال العامين المقبلين.
تدرس الحكومة إقامة منطقة حرة خاصة بمطار القاهرة، مع السماح بدخول 20% فقط من منتجاتها إلى السوق المحلية، وفرض رسوم جديدة على بعض مدخلات الإنتاج والمنتجات الأجنبية لحماية الصناعات المحلية.
جاء التوجه الحكومي وسط خلافات بين وزارات التخطيط والاستثمار والمالية حول جدوى المناطق الحرة، في ظل تدني الصادرات وتوجيه معظم إنتاج 218 منطقة حرة حكومية وخاصة إلى داخل البلاد، مع ضعف قدرة مشروعاتها على تدبير العملة الصعبة للاقتصاد.
أعلن مساعد وزير المالية ورئيس مصلحة الجمارك، الشحات غتوري، رفض "المالية" التوسع في إقامة المناطق الحرة لا سيما الخاصة منها، مؤكدا أن المستثمرين يهرولون للعمل بالمناطق الحرة، بحثا عن معاملات ضريبية أفضل، في وقت تتوجه فيه المعاملات المحلية والدولية إلى توحيد نظم الضرائب وعدم الازدواج الضريبي وتسهيل الإجراءات، بما ينهي المميزات التي تتمتع بها المناطق عن غيرها من المناطق الاستثمارية بالدولة.
كما أبدى رئيس مصلحة الجمارك، انحيازه للمناطق الحرة التي تديرها الحكومة، عن التابعة للقطاع الخاص، مؤكد أن الممارسة العملية والدراسات الفنية، أثبتت أن المناطق الحرة العامة يسهل السيطرة عليها عن المناطق الخاصة التي شهد بعضها عمليات تهريب واسعة لمدخلات إنتاجها بالسوق المحلي والهروب بأموالها للخارج.
وفي السياق أيد نائب وزير المالية للسياسات والتطوير الضريبي، رامي يوسف، موقف الغتوري، لافتا إلى حاجة الدولة إلى تغيير شامل بنظم التعامل مع المستثمرين، ليصبح تيسير الأعمال مبدأ عاما أمام جميع المستثمرين.
وأوضح يوسف أن لجوء المستثمرين للعمل بنظام المناطق الحرة والقوانين الخاصة يرجع إلى وجود مشكلة سياسية تتمثل في عدم سهولة الإجراءات ومحاولة حلها بطرق بديلة، مؤكدا أن حل مشاكل الاستثمار والمستثمرين يتطلب تعديلا شاملا لنظام تأسيس الشركات وتسهيل أعمال المستثمرين، ليصبح نظاما دائما، يحقق كافة طلبات المستثمرين المصريين والأجانب. وأوضح نائب وزير المالية أن 54% من إنتاج المناطق الحرة، يتجه إلى السوق المحلية.
بدوره، بشر المدير التنفيذي لهيئة الاستثمار المهيمنة على شؤون المناطق الحرة، حسام هيبة، بأن الحكومة في طريقها لتغيير نظام العمل بالمناطق الحرة، مع التوسع البسيط بأعدادها، لخدمة صناعات محددة، في مناطق معينة، تحقق مميزات تنافسية جديدة للمنتج المصري في الأسواق الدولية.
وأكد هيبة في ندوة عقدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية حول أداء المناطق الحرة بكل من مصر والإمارات وتركيا، مساء أول من أمس، ضرورة إصلاح نظام الاستثمار الداخلي، ولو على مراحل زمنية طويلة، مشيرا إلى أن تطبيق الإصلاح الشامل لإدارة الاستثمار المحلي، لن يجعل المستثمرين في حاجة إلى التكالب على العمل بالمناطق الحرة، مع دراسة تحويل بعض المناطق الحرة غير المشغولة إلى مشروعات بديلة.
وأشار إلى اتفاق الحكومة على إزالة أعباء التشغيل عن المستثمرين بالداخل، وتوحيد النظام الضريبي، وحل مشكلة شح الدولار، وتسهيل إجراءات إقامة المشروعات والخروج من السوق، لتحل المناطق الاستثمارية العادية محل المناطق الحرة.
واتهم مستثمرون هيئة الرقابة الصناعية بأنها تقوم بدور كارثي تجاه المستثمرين، داخل البلاد، بما يدفعهم لطلب العمل في المناطق الحرة، هربا من قيودها المتعسفة.
في غضون ذلك، حذر ممثلو غرفة الصناعات التصديرية، المشاركون بالندوة، من عدم قدرتهم على شراء احتياجاتهم اليومية العاجلة من السوق المحلية، ومطالبة الشركات باتباع إجراءات طويلة لشراء قطع الغيار ومستلزمات التشغيل البسيطة، تكلفهم أضعاف قيمة المستوردة من الخارج، مع صعوبة في الحصول على الأراضي للتوسع بمشروعات المنطقة الحرة بالقاهرة والإسكندرية والمناطق المزدحمة مقابل بقاء مناطق شاغرة بالكامل، بمحافظة المنيا والبحر الأحمر، رغم إنشائها منذ سنوات.
وكشفت دراسة المركز المصري (مستقل)، عن ضعف أداء المناطق الحرة في مصر مقارنة بتركيا والإمارات، رغم ظهورها في مصر مطلع القرن العشرين، وإقبال المستثمرين على العمل بها، للهروب من الإجراءات الروتينية والرسوم الهائلة التي تفرضها الجهات المحلية والوزارات المتعددة، التي تتحكم في فرص الاستثمار الطبيعي داخل البلاد، بما يدفع المستثمرين إلى المناطق الحرة، أملا في تسهيل الأعمال، وليس تهربا من الضرائب.
وأوضحت أن الحكومة أقامت 218 منطقة حرة خاصة، واستحوذت القاهرة على عدد أكبر من فرص التوظيف بها، تليها الإسكندرية ويشترك الطرفان في الهيمنة على معظم أعمال المناطق الحرة وصادراتها للخارج، التي تتركز حول صناعة الملابس والمنتجات البترولية. الدراسة نفسها أوضحت أن المناطق الحرة في مصر هي الأقدم من حيث تاريخ إنشائها في المنطقة، وتشكل صادرات المناطق الحرة المصرية النسبة الأكبر من حيث نسبة مساهمتها في صادرات الدول محل المقارنة، حيث تحتفظ مصر بأكبر عدد من المناطق الحرة، بين الدول المنافسة لها بالمنطقة، بلغت 218 منطقة عام 2024. وتسهم صادرات المناطق الحرة بنحو 22.2 مليار دولار، تعادل، نصف الصادرات المصرية عام 2022، مقابل 18 مليار دولار في تركيا، و105 مليارات دولار في الإمارات.
رصدت الدراسة ضعف معدلات نمو قيمة الصادرات للمناطق الحرة المصرية مقارنة بالإمارات وتركيا، بحساب متوسط معدلات النمو السنوية للمناطق منذ 2017، مؤكدة أنه رغم ارتفاع متوسط النمو بحوالى 7% سنويا إلا أنها تظل النسب الأقل، حيث تصل في الإمارات إلى حوالى 12% وفي تركيا إلى حوالى 8%.
حذر ممثلو غرفة الصناعات التصديرية، المشاركون بالندوة، من عدم قدرتهم على شراء احتياجاتهم اليومية العاجلة من السوق المحلية
وعن هذا الموضوع، قالت مديرة البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، عبلة عبد اللطيف، إن المناطق الحرة لم يجر عليها أي دراسة للتقييم منذ نشأتها، وهو ما سعى المركز لدراسته للوقوف على وضع المناطق الحرة في مصر التي تحتاج لمزيد من التطوير والتحسين لتحقيق أعلى عائد منها.
كذلك دعت عبد اللطيف إلى ضرورة تحسين نظام التأسيس للشركات، ودخول الاستثمار بالأساس، وأن تكون خطوات الاستثمار سهلة للجميع دون التقيد بحجم المشروعات.
وتستحوذ قطاعات تكرير البترول والملابس الجاهزة والمفروشات على النسبة الأكبر من حجم صادرات المنطقة الحرة في مصر بنسبة تصل إلى ما يقرب من 66%، بينما يعاني قطاع الآلات والمعدات الكهربائية ضعفا وتذبذبا في الأداء التصديري للمناطق الحرة المصرية، بما حجم إنتاجه بنحو 6% من صادرات المناطق الحرة.