استكمالاً لخطة الحكومة المصرية إزاء تقليص عدد الموظفين في الجهاز الإداري للدولة، في ضوء برنامجها للإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، وافق مجلس النواب الخاضع لسلطة الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الإثنين، بصورة نهائية، على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 118 لسنة 1964، الخاص بإنشاء "الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة".
واستهدف تعديل القانون تفعيل المادة رقم 32 من القانون رقم 81 لسنة 2016 بإصدار قانون الخدمة المدنية، والتي تنص على أنه "يجوز بقرار من السلطة المختصة نقل الموظف من وحدة إلى أخرى، إذا كان النقل لا يفوت عليه دوره في الترقية، أو كان بناءً على طلبه. ويكون نقل شاغلي الوظائف القيادية إلى خارج الوحدة بقرار من رئيس الوزراء".
وتعول حكومة السيسي على آلية المعاش المبكر لخفض عدد الموظفين الحكوميين، وحظر التعيينات نهائياً على أبواب الموازنة المختلفة للجهاز الإداري، وقصرها على الاحتياجات الفعلية للجهات الإدارية، والحد من الإعلان عن الوظائف في الحكومة، إلا في حدود الحاجة الفعلية لها، وفي أضيق الحدود، ما تسبب في الاستغناء عن أكثر من مليوني موظف خلال الأعوام المالية الأربعة المنقضية.
ونص مشروع القانون على أن "الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة هيئة مستقلة تتبع رئيس مجلس الوزراء، تختص بدراسة احتياجات العاملين في مختلف المهن والتخصصات، بالاشتراك مع الجهات المختصة، ووضع نظم اختيارهم، وتوزيعهم، وإعادة توزيعهم لشغل الوظائف على أساس الصلاحية، وتكافؤ الفرص".
كذلك نص على "عدم جواز إصدار قرارات بشغل درجات أو وظائف خالية، أو التي تخلو أثناء السنة المالية في أي من جهات الدولة بأي طريق، إلا بعد موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، ووزارة المالية، ويجوز للجهاز بعد التنسيق مع الوزارة إعادة توزيع تلك الدرجات أو الوظائف بين الجهات، وفقاً للاحتياجات الوظيفية".
ونص القانون على "ندب أي من العاملين في الجهاز للتفتيش على المخالفات في الجهات الحكومية، وإجراء الأبحاث اللازمة، والاطلاع على الأوراق والسجلات، وطلب البيانات التي يرى لزومها. ويُحدد بقرار من وزير العدل العاملون الذين يمنحون الضبطية القضائية، بناءً على اقتراح رئيس الجهاز، ويكون لهم سلطة ضبط الجرائم".
وقال وكيل لجنة الشؤون التشريعية في البرلمان إيهاب الطماوي إن "تعديل القانون جاء انطلاقاً من رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، واستراتيجية مكافحة الفساد، والتي تهدف إلى وجود جهاز إداري كفء وفعال يتسم بالحوكمة، في إطار تعظيم موارد الدولة، وتحسينها، وتحقيق النزاهة والشفافية، وتقديم خدمة مميزة وذات جودة للمواطنين".
ووفقاً لاستراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030)، فإن الحكومة تستهدف خفض عدد الموظفين إلى 3 ملايين و846 ألفا و154 موظفاً، من خلال رفع النسبة من موظف لكل 12.3 مواطناً في عام 2016، إلى موظف لكل 26 مواطناً في عام 2020، وصولاً إلى موظف لكل 40 مواطناً في عام 2030.
وأضاف الطماوي، خلال تلاوته تقرير اللجنة عن مشروع القانون، أن "التجارب العملية أثبتت ضرورة مواصلة عملية الإصلاح الإداري للقضاء على البيروقراطية والترهل في بعض الوزارات على حساب بعض الوزارات الأخرى، في سبيل تمكين الجهاز الإداري للدولة من تطوير هياكله الوظيفية، ومراعاة التخصص تحقيقاً لأعلى معايير الجودة"، مدعياً أن "القانون هو نقلة نوعية في مجال الإصلاح الإداري والوظيفي لتحقيق أعلى مستوى من المهنية".
وأبدى بعض النواب اعتراضات محدودة على مشروع القانون، من دون إدخال أي تعديلات على النص الوارد من الحكومة، ومنهم النائب محمود قاسم، الذي قال إن "قرار نقل الموظف العمومي يجب أن يكون مسبباً حتى يمكن الطعن عليه، ولا يترتب عليه النزول إلى درجة وظيفية أقل، فضلاً عن مراعاته البعد الجغرافي للمسكن الدائم للعامل، خشية تعرضه للتعسف في النقل".
فيما حذر النائب محمد سعد بدراوي من تسبب مشروع القانون في "خلخلة" الجهاز الإداري للدولة، لما سيواجهه من اعتراضات كثيرة في حال صدوره بهذه الصورة، مستطرداً بأن "التشريع سيتسبب في مشكلات مجتمعية جمة، لا سيما مع عدم النص على أخذ موافقة كتابية من الموظف المنقول من جهة إلى أخرى".
وعقب رئيس البرلمان حنفي جبالي قائلاً إن "علاقة الموظف مع الجهاز الإداري هي تنظيمية، وليست تعاقدية كما هو الحال في القطاع الخاص"، متابعاً أنه "إذا وضعت مسألة أخذ رأي الموظف المنقول كتابياً، فلن نجد أي عامل يوافق على نقله، وبالتالي شل حركة جهاز الدولة، واستمرار الترهل الوظيفي داخله"، على حد قوله.
يذكر أن وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد كانت قد قالت سابقاً أمام البرلمان إن "الحكومة تستهدف الوصول إلى موظف لكل 80 مواطناً في الجهاز الإداري للدولة خلال السنوات المقبلة"، مبينة أن "تعداد من يبلغون سن المعاش سنوياً يصل إلى نحو 140 ألف موظف، في حين أن نحو 40% من الموظفين الحكوميين يبلغون 50 عاماً فأعلى".