كشف مصدر مطلع في لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري أن الحكومة خصصت نحو 8 مليارات جنيه (432 مليون دولار تقريباً)، في مشروع موازنة العام المالي 2022-2023 لتمويل الزيادة في بند الأجور للعاملين في المؤسسة العسكرية (الجيش)، والمخابرات الحربية والعامة، وغيرها من جهات الأمن القومي، من أصل 8 مليارات و913 مليون جنيه أضافتها لاعتمادات باب "المصروفات الأخرى" في الموازنة الجديدة للدولة.
ورفعت الحكومة اعتمادات باب "المصروفات الأخرى" من 113 ملياراً و787 مليون جنيه في موازنة العام 2021-2022 إلى 122 ملياراً و700 مليار جنيه في العام المالي الجديد، والخاص بالجهات والهيئات التي تُدرج موازناتها "رقماً واحداً" للموافقة عليها جملة واحدة، من دون أي مناقشة تفصيلية لتلك الاعتمادات المالية داخل مجلس النواب. (الدولار = 18.5591 جنيها).
وقال المصدر نفسه، في حديث خاص مع "العربي الجديد"، إن "المؤسسة العسكرية استحوذت على قرابة 5 مليارات جنيه من الزيادة الإضافية في بند الأجور، مقابل 3 مليارات جنيه لتمويل زيادة الرواتب في جهازي المخابرات الحربية والعامة، ومجلس الدفاع الوطني، ومجلس الأمن القومي، والمحكمة الدستورية العليا، بالإضافة إلى مجلسي النواب والشيوخ، والجهاز المركزي للمحاسبات".
وأضاف أن "الحكومة رفعت أيضاً الاعتمادات المالية لقطاع النظام العام وشؤون السلامة العامة بما يزيد على 7 مليارات جنيه، والذي يضم خدمات الشرطة، والسجون، ووزارتي الداخلية والعدل، والهيئات القضائية، ودار الإفتاء"، مبيناً أن اعتمادات هذا الباب قفزت من 56 ملياراً و486 مليون جنيه في موازنة 2016-2017 إلى 88 ملياراً و117 مليون جنيه في موازنة 2021-2022.
وتابع المصدر أنه تم تخصيص نحو 131 مليار جنيه لميزانية وزارة التربية والتعليم بزيادة تقدر بـ14 مليار جنيه، على الرغم من مطالبتها وزارتي المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بتخصيص مبلغ 162 ملياراً و350 مليوناً في موازنة العام 2022-2023، حتى تتمكن الوزارة من المضي قدماً في خطة بناء وتأهيل المدارس في العديد من المحافظات.
وأكمل قائلاً إن "الاعتمادات الإضافية لوزارة التعليم في الموازنة الجديدة الهدف منها هو تمويل الزيادة السنوية على رواتب العاملين في الوزارة، متجاهلة مطالبها بشأن تخصيص مبلغ 13 ملياراً و789 مليون جنيه لاستكمال مشروعات تطوير المدارس، بخلاف 4 مليارات أخرى لتعيين العمالة المؤقتة في الهيئات والمراكز التابعة للوزارة".
وبذلك تكون الحكومة المصرية قد خالفت المواد 18 و19 و21 و23 من الدستور على حساب مخصصات التعليم والصحة للعام المالي السابع على التوالي، والتي ألزمت الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي لا تقل عن 3% من الناتج القومي لقطاع الصحة، و4% للتعليم ما قبل الجامعي، و2% للتعليم العالي، و1% للبحث العلمي.
وكان النائب عن "الحزب المصري الديمقراطي" فريدي البياضي قد طالب بإقالة الحكومة في جلسة التصويت على الحسابات الختامية لموازنات السنة المالية المنقضية (2020-2021)، قائلاً: "الحكومة تتلاعب بأرقام الموازنة المتعلقة بقطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي، حتى توهم البرلمان بأنها تلتزم بالنسب المخصصة للإنفاق عليها في مواد الدستور".
وأوضح البياضي أن "الحكومة تحمل ميزانيات الصحة والتعليم ببنود لا تمت لها بصلة حتى تحقق النسب الدستورية المأمولة على الأوراق فقط، مثل حساب ميزانيات المستشفيات التابعة للجيش والشرطة والأوقاف ضمن موازنة وزارة الصحة والسكان مرة، ومرة ثانية ضمن موازنات وزارات الدفاع والدخلية والأوقاف، إلى جانب إدراج ميزانيات المعاهد الأزهرية ضمن موازنة وزارة التربية والتعليم، بخلاف تحميل الوزارتين كلفة سداد فوائد الديون ضمن بنود موازنتهما".
وزاد قائلاً: "الإنفاق الفعلي على الصحة أو التعليم أو البحث العلمي في مصر هو أقل بكثير من الأرقام المخصصة لها في الموازنة العامة للدولة، ونحن لا نتوقع أن تغير الحكومة الحالية سياساتها، ولذلك كل ما نطلبه هو أن ترشد إنفاقها، وتؤجل جميع بنود الإنفاق غير المُلحة، وتركز في المقابل على الاقتصاد المنتج، والاستثمار في قطاعات مثل الصحة والتعليم".
وأظهرت الصورة الإجمالية لمشروع الموازنة عن العام 2022-2023 ارتفاع مخصصات سداد القروض المحلية والأجنبية من 593 مليار جنيه إلى 965 ملياراً و488 مليون جنيه، بزيادة تقدر بنحو 372 ملياراً و488 مليون جنيه خلال عام واحد فقط، مع زيادة مخصصات فوائد الدين من 579 ملياراً و900 مليون جنيه إلى 690 ملياراً و100 مليون جنيه، بما يمثل 34.4% من الإنفاق الحكومي، و45.5% من إيرادات الدولة في العام المالي.
وقبل نحو أسبوع أعلن البنك المركزي المصري عن ارتفاع الدين الخارجي للبلاد إلى 145 ملياراً و529 مليون دولار بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2021، مقابل 137 ملياراً و420 مليون دولار بنهاية سبتمبر/أيلول من العام نفسه، بزيادة تقدر بنحو 8 مليارات و109 ملايين دولار خلال 3 أشهر فقط، وبنسبة زيادة بلغت 5.9%.