مصر تغري المستثمرين السعوديين بدلاً من الدعم المالي

08 يونيو 2023
البلدان يستهدفان ضخ رؤوس أموال في مشروعات صناعية (Getty)
+ الخط -

 

توجّهت العلاقات الاقتصادية بين مصر والسعودية إلى منحى جديد، يستهدف إقامة شراكات صناعية وتجارية، وتوظف الإمكانات البشرية والمالية والتكنولوجية بين الطرفين، دون الاعتماد على الدعم المالي الحكومي، خلال المرحلة المقبلة.
عكست المفاوضات التي عقدها رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير الصناعة والتجارة أحمد سمير مع وفد سعودي برئاسة وزير الصناعة والتعدين السعودي بندر الخريف، على مدار يومين، تهافت الطرفين على تجاوز العقبات التي تواجه فرص الاستثمار، والتي تعطل نمواً يتعاظم من القطاع الخاص، بسبب القيود البيروقراطية وعدم حسم الجهات الرسمية مشكلات المستثمرين على وجه السرعة.
فتحت الزيارة آمالاً واسعة أمام المستثمرين ومقاولي التشييد والبناء، الذين طلبوا من رئيس الوزراء دعوة المسؤولين السعوديين للاستفادة من المعدات وإمكانات الشركات المصرية، في تنفيذ مشروعات البنية الأساسية والطفرة العقارية التي تشهدها حالياً.
قال عضو مجلس إدارة اتحاد مقاولي التشييد والبناء ممدوح مرشدي، لـ"العربي الجديد": "طلبنا من مجلس الوزراء أن يتدخل لدى السلطات والشركات السعودية الكبرى للاستفادة من الطاقات العاطلة، في الشركات المصرية التي توقفت عن العمل، خلال الأشهر الماضية، بسبب الأزمة المالية التي تمر بها البلاد".

أكد مرشدي رغبة الشركات في توظيف الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين بالدولتين، لإنقاذ قطاع المقاولات والعقارات من عثراته المالية، عبر السماح بسفر المعدات ذات الإمكانات والأصول الضخمة والشركات للعمل بالسعودية، مع توقف نحو 30 ألف شركة عن العمل.
شهدت زيارة الوفد السعودي مفاجأة فريدة من نوعها، إذ طلب توقيع بروتوكول تعاون بين شركة "فاليو مصر" لتطوير البرمجيات والمركز الوطني للتنمية الصناعية بالسعودية، لاستخدام الخبرات المصرية في تصنيع السيارات الكهربائية وذاتية القيادة.
كانت الأجهزة الأمنية السيادية قد رفضت التصريح للشركة المصرية بتسجيل اختراع "فاليو مصر" لمركبات ووسائل النقل الذاتي، التي يتحكّم في قيادتها أفراد عبر شبكات الإنترنت، بذرائع المخاوف الأمنية، بينما تمكّنت من تسجيل اختراعها، بإنشاء فرع لها بالمملكة السعودية مؤخراً.
وفي نفس السياق، تقدمت جمعية رجال الأعمال المصرية - التركية بخطة عمل تستهدف عودة الخط الملاحي لنقل البضائع عبر البحر والطريق البري المعروفة باسم "رورو"، بين موانئ جنوب تركيا وبورسعيد والإسكندرية، وميناء جدة السعودي، الذي أوقفته الأجهزة الأمنية بمصر منذ عام 2013.
أكدت الجمعية أن عودة الخط الملاحي ستساهم في رفع قيمة الصادرات المصرية والسعودية إلى تركيا، مستفيدة من إعادة الشاحنات الناقلة محملة بالبضائع من البلدين إلى تركيا، بعد أن كانت مقتصرة على نقل البضائع من اتجاه واحد من الجانب التركي. أوضحت الجمعية التي استأنفت أعمالها بعد انقطاع دام 10 سنوات أن عودة الخط الملاحي تعزّز دعم العلاقات التجارية والصناعية بين السعودية ومصر وتستعيد حركة التجارة المباشرة مع تركيا، بدلاً من مروره عبر من منافذ أشدود وحيفا بالأراضي المحتلة، والتي تنقل إلى الأردن وباقي الأسواق العربية بعيداً عن مسارها المصري.
وأظهر وزير التجارة والصناعة المصري توافقاً بين الطرفين على ملفات عمل مشتركة تحقق التكامل الصناعي بين البلدين، وبدء تبادل الخبرات في عدد من الصناعات المهمة، مثل صناعة السيارات والصناعات المُغذّية لها، معرباً عن أمله أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من التعاون في صناعات الأمن الغذائي والدوائي، وتعزيز الصادرات إلى الأسواق الأفريقية، والاستفادة من الثروات الطبيعية والتعدينية الموجود في كلا البلدين، وتعزيز القيمة التصنيعية المُضافة لهذه الموارد.

وأشار وزير الصناعة المصري، في بيان صحافي، إلى زيادة معدلات التبادل التجاري السلعي بين البلدين عام 2022 نحو 5 مليارات و665 مليون دولار مقارنة بنحو 4 مليارات و572 مليون دولار عام 2021 بارتفاع نسبته 23.9%، مشيراً إلى تجاوز الاستثمارات السعودية في مصر 6 مليارات دولار بقطاعات الصناعة والإنشاءات والسياحة والزراعة والخدمات والتمويل والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وذكر أن الاستثمارات المصرية بالسعودية ارتفعت إلى 1.4 مليار دولار بقطاعات الصناعة والطاقة والمياه والصحة وتجارة التجزئة والتجارة الالكترونية والبتروكيماويات والبترول والغاز والسياحة والاتصالات وتقنية المعلومات والنقل والخدمات اللوجستية والتعدين والخدمات الهندسية.

ومن جانبه، أثنى وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي على الدور المصري في دعم طلب السعودية لاستضافة معرض "إكسبو 30".
وأضاف في تصريحات للصحافيين: "لدينا استراتيجية واضحة لقطاع التعدين، ونعمل على اكتشاف ثرواتنا بصورة أكبر، كما أطلقنا في نهاية العام الماضي 2022 استراتيجية وطنية للصناعة".

قال الوزير السعودي: "نتطلع إلى وجود تكامل بين مصر والمملكة في عدد من الصناعات ذات الأولوية بالاستراتيجية الصناعية للمملكة والتي تضم 12 قطاعاً مستهدفاً وإيجاد تنافس صناعي تنافسي ومستدام، لتحقيق الأمن الغذائي والدوائي، والاستغلال الأمثل وخلق قيمة مضافة في صناعات البتروكيماويات والتعدين، وصناعة السيارات والأجهزة الطبية، والصناعات المرتبطة بالطاقة المتجددة".  وقد أكّد الخريف أن المستثمرين السعوديين لديهم رغبة والتزام بزيادة استثماراتهم في مصر.

المساهمون