استمع إلى الملخص
- تعتمد مصر بشكل كبير على استيراد القمح، خاصة من روسيا، حيث تنفق حوالي 2.1 مليار دولار سنوياً، وقامت بمحاولات لشراء كميات كبيرة من القمح لتقليل المخاطر الجيوسياسية، ورفعت سعر الخبز المدعوم لأول مرة منذ عقود.
- تسعى الحكومة المصرية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال زيادة زراعة الذرة محلياً، رغم التحديات المتعلقة بتكاليف الإنتاج والاعتماد على الاستيراد لتلبية الاحتياجات المحلية.
قالت خمسة مصادر مطلعة لـ"رويترز" إن مصر وضعت خططا لخفض واردات القمح وخفض الإنفاق على الخبز المدعوم، من خلال إضافة الذرة أو الذرة الرفيعة لمكوناته، ما قد يسمح للحكومة بتوفير ملايين الدولارات، إلا أن هذه الخطط تواجه معارضة من أصحاب المخابز والمطاحن الذين قد يخسرون ماليا، ويقولون إنها ستؤثر بجودة الخبز.
وتواجه مصر زيادة في الديون والتضخم ونقص العملات الأجنبية. وتقول الحكومة إن برنامج دعم الخبز يشكل عبئا كبيرا على الميزانية، وتسعى إلى إلغائه تدريجيا. وقال مصدران بقطاع المخابز لرويترز إن أحدث خطة لوزارة التموين، والتي عُرضت على المخابز والمطاحن في نهاية سبتمبر/أيلول، تشير إلى خلط دقيق الذرة مع دقيق القمح بنسبة واحد إلى أربعة بداية من إبريل/نيسان المقبل، مما قد يوفر ما يصل إلى مليون طن من القمح.
وقال ثلاثة من المصادر إن الحكومة ألغت خطة سابقة لزيادة معدل استخراج الدقيق من القمح في الدقيق المستخدم في الخبز المدعوم، بعد معارضة من جماعات ضغط في القطاع. وطرحت مصر مقترحات استبدال القمح في الماضي في ظل سعيها لتحقيق قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي. وجرى استخدام الذرة لعدة سنوات منذ عقدين، قبل أن تدفع حملة من مجموعات بالقطاع الحكومة إلى التخلي عنها.
وقال مصدران إن إدخال دقيق الذرة مكوناً بإنتاج الخبز يمكن أن يسمح بتوفير كبير في العملة الصعبة إذا استُخدمت الذرة المزروعة محليا، بدلا من الاستيراد. وتبلغ تكلفة القمح الروسي الذي تعتمد عليه مصر بشدة نحو 220 دولارا للطن بأسعار السوق الحالية. وقال هشام سليمان، وهو متعامل مقيم في القاهرة "يوم ما نقول إن الحكومة هتوفر، الفرق مش هيزيد عن 35-41 دولارا في كل طن"، في إشارة إلى أوسع فارق محتمل بين السعرين.
وأضاف سليمان والمصادر الخمسة أن التغيير قد لا يحظى بشعبية، إذ يمكن أن يؤدي إلى إنتاج الخبز بملمس ورائحة مختلفين. وتحتاج وزارة التموين المصرية إلى نحو 8.25 ملايين طن من القمح سنويا لتوفير الخبز المدعوم لأكثر من 70 مليون مصري، وذلك وفقا لميزانية 2024-2025. وتحصل الحكومة على نحو 3.5 ملايين طن من القمح من المزارعين المحليين وتستورد الحصة المتبقية.
صفقة توريد القمح غير مسبوقة
وتعد مصر من أكبر مستوردي القمح في العالم، إذ تنفق نحو 104 مليارات جنيه (2.1 مليار دولار) سنويا على الواردات التي يأتي معظمها من روسيا. وكانت الهيئة العامة للسلع التموينية، التي تقوم بشراء الحبوب الحكومي في مصر، قد حاولت إجراء أكبر ممارسة لها على الإطلاق في أغسطس/آب، والتي أمر بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بهدف التحوط من المخاطر الجيوسياسية. لكن الهيئة حصلت على 7% فقط من الكمية المستهدفة التي تبلغ 3.8 ملايين طن.
واستكشفت البلاد خيارات، منها القروض المصرفية لشراء القمح، وإجراء صفقات مباشرة مع التجار، وقالت مصادر لرويترز، اليوم الخميس، إن الهيئة أبرمت صفقة مباشرة لشراء كمية من قمح البحر الأسود بين نوفمبر/تشرين الثاني وإبريل/نيسان، وقدّر أحد المصادر الكمية الإجمالية بنحو 3.12 ملايين طن. وفي خطوة أخرى لتوفير النفقات رفعت الحكومة سعر الخبز المدعوم هذا العام لأول مرة منذ عقود.
وفي نهاية أغسطس/ آب، طرح مسؤولون خطة لزيادة معدل استخراج الدقيق من القمح للخبز المدعوم إلى 93.3% من 87.5%. وبالإضافة إلى ذلك، قالت مصادر في قطاع المخابز لرويترز إن وزارة التموين اقترحت استخدام دقيق الذرة الأرخص في صناعة الخبز، وهي فكرة لم يجر التراجع عنها بالكامل. وتعارض المخابز الخطة وتقول إن الدقيق الذي توجد به نسبة أكبر من النخالة يتطلب أوقات خبز أطول وسيزيد من تكاليف العمالة.
وتعارض المطاحن الخطة أيضا نظرا لحصولها على مدفوعات على أساس كمية القمح التي تطحنها، والتي من المتوقع خفضها. وتُظهر بيانات وزارة الزراعة الأميركية أن مصر تستهلك نحو 15.3 مليون طن من الذرة سنويا، وتستخدمها في تغذية الحيوانات بصورة أساسية، بينما انخفضت كميات المحصول المنتج محليا على مدى العامين الماضيين إلى نحو سبعة ملايين طن، وهو انخفاض يعزوه خبراء إلى تغير المناخ والآفات، وأعلنت الحكومة عن خطة لتوسيع زراعة الذرة في مشاريع استصلاح تنفذها الدولة.
وتزرع مصر الذرة الرفيعة بكميات ضئيلة، وتستورد منها كميات بمليون دولار سنويا، معظمها من الهند. كما تستورد ما قيمته مليون دولار من الذرة، وفقا لقاعدة بيانات كومتريد التابعة للأمم المتحدة.
(رويترز، العربي الجديد)