كشفت مصادر رسمية عن اعتزام الحكومة المصرية بيع حصص في محطات كهرباء رئيسية، جرى إنشاؤها على مدار السنوات الست الأخيرة بديون دولية ومحلية تتجاوز 7.3 مليارات دولار، فيما تكثف الحكومة طرح العديد من المؤسسات في مختلف القطاعات للبيع أمام المستثمرين، بدعوى أنها أصول غير مستغلة.
وقالت مصادر حكومية في تصريحات متطابقة لوسائل إعلام محلية، الثلاثاء، إنّ 10 شركات عالمية أبدت رغبة في شراء حصص من 3 محطات كهرباء نفذتها شركة "سيمنز" الألمانية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، وبني سويف (وسط مصر) والبرلس (شمال)، تبلغ قدراتها الإنتاجية الإجمالية 14.4 جيغاوات، بما يعادل 26% من إجمالي الطاقة الكهربائية في مصر.
ووفق مصادر تحدثت إلى صحيفة "البورصة"، فإنّ لجنة حكومية تجهز تقريراً شاملًا لعرضه على رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، بشأن المشاورات التي أجريت طوال الفترة الماضية بخصوص تقييم أصول المحطات الثلاث.
وأشار وزير الكهرباء المصري محمد شاكر إلى أنه في حال الموافقة على العروض المقدمة، سيتم طرح حصص في المحطات وليس استحواذ كامل، والدولة ستحتفظ بحصة أيضاً في المحطات، من دون تحديد نسبتها.
ويخطط صندوق الثروة السيادي في مصر، الذي صدق الرئيس عبد الفتاح السيسي على إنشائه في 2018 وقرر إحالة العديد من أصول الدولة إليه، للحصول على حصة تبلغ 30% في المحطات الثلاث.
وجرى إنشاء المحطات الثلاث من خلال قروض دولية ومحلية تصل إلى 114 مليار جنيه (7.3 مليارات دولار)، حيث قدمت مصارف "التعمير الألماني" و"دويتشه بنك" الألماني وفرع "إتش أس بي سي" في ألمانيا، تمويلاً بقيمة 4.1 مليارات يورو (5 مليارات دولار)، تعادل 85% من إجمالي التمويل المطلوب.
وحصلت الشركة القابضة للكهرباء (حكومية) على قرض مساند من وزارة المالية المصرية بالقيمة المتبقية، التي تمثل 15% من إجمالي التمويل المطلوب لإنشاء المحطات.
ويأتي التخطيط لبيع حصص في المحطات الثلاث، بينما قال جابر الدسوقي، رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر، في تصريحات صحافية في أغسطس/ آب الماضي، إنّ الشركة تسدد الالتزامات المالية الخاصة بالمحطات، التي تسهم في تحقيق وفر في استهلاك الوقود.
وتظهر البيانات الرسمية أن ّالدولة رصدت نحو 614 مليار جنيه (39.4 مليار دولار)، منذ يونيو/ حزيران 2014 وحتى نفس الشهر من العام الجاري 2020، لزيادة قدرات شبكة الكهرباء في مصر، وتم حتى الآن تنفيذ 80% من المشروعات المستهدفة، حيث تم إنجاز 28 محطة لزيادة القدرة الكهربائية بأكثر من 25 ألف ميغاوات، تستحوذ المحطات الثلاث التي أنشأتها "سيمنز" على أكثر من ربعها.
ورفعت الحكومة أسعار الكهرباء للمنازل بنسبة تصل إلى 30% اعتباراً من فاتورة يوليو/ تموز، التي جرى البدء في تحصيلها في الأول من أغسطس/ آب، لتعد بذلك سابع زيادة في الأسعار منذ وصول السيسي إلى الحكم قبل ست سنوات، بينما خفضتها للمصانع مع تثبيتها لمدة خمس سنوات.
ولم تكتف الحكومة بتمرير الزيادة الجديد، بل أعلنت عن زيادات للاستهلاك المنزلي أيضاً، جرى تحديد قيمتها لمختلف شرائح الاستهلاك خلال الأعوام المالية الثلاثة المقبلة. ويبدأ العام المالي في الأول من يوليو/ تموز من كل عام.
ويدفع المصريون ثمناً باهظاً جراء اتفاع كلفة المعيشة التي تفاقمت خلال السنوات الست الماضية، لا سيما بعد إبرام الاتفاق الأول في عهد السيسي مع صندوق النقد الدولي نهاية 2016، لاقتراض 6 مليارات دولار، والذي أعقبه قرضين آخرين في مايو/ أيار 2020 بقيمة 2.7 مليار دولار، وفي يونيو/حزيران بقيمة 5.2 مليارات دولار.
وبجانب الاقتراض من صندوق النقد الدولي، فتحت الحكومة باب الاقتراض من السوق الدولية على مصراعيه، إذ أظهرت بيانات صادرة عن صندوق النقد الدولي، في أغسطس/ آب الماضي، أن ديون مصر الخارجية فقط قد وصلت إلى 119.6 مليار دولار في ختام العام المالي 2029-2020، الذي انقضى بنهاية يونيو/ حزيران الماضي.
ورفع الصندوق توقعاته للديون إلى 126.7 مليار دولار بنهاية العام المالي الجاري، ثم إلى 127.3 مليار دولار في نهاية العام المالي المقبل.
وفي يونيو/ حزيران الماضي، أعلن المدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي، أيمن سليمان، أن الحكومة تسعى للتخلص من بعض ديونها ببيع أصول في الدولة لمستثمرين أجانب، بالشراكة مع الصندوق.
وقال سليمان، في مؤتمر صحافي عبر تقنية "فيديو كونفرانس" آنذاك، إن مصر استثمرت ما يزيد عن 100 مليار دولار في مشروعات البنية الأساسية بأعباء تمويلية (قروض)، مثل مشروعات محطات "سيمنز للطاقة"، وهو ما يتيح للاقتصاد المصري إعادة تدوير رؤوس الأموال ببيع بعض الأصول.