مصر: الخسائر تلاحق الزراعات الاستراتيجية مع نهاية 2020‏

27 ديسمبر 2020
الكثير من المزارعين اضطروا لاستخدام المحاصيل كعلف للماشية بدلا من بيعها بالخسارة (Getty)
+ الخط -

لم تعد زراعة المحاصيل الاستراتيجية (الأساسية) في مصر مربحة، بل باتت تسجل ‏خسائر فادحة يتحمّلها المزارع ‏وحده، بعد تدنّي أسعارها مقابل ارتفاع ‏تكاليف الإنتاج، في ظل ‏غياب دعم الدولة، الأمر الذي يدفع المزارعين، لاسيما أصحاب الرقعات الصغيرة، إلى العزوف عن الزراعة، ما يهدد الأمن الغذائي ويزيد من اعتماد الدولة على الاستيراد.

أكدت جمعية منتجي ‏قصب ‏السكر في الأقصر (جنوب مصر) لـ"العربي الجديد"، تكبد المزارعين خسائر كبيرة هذا العام، نتيجة ثبات سعر توريد القصب للمصانع ‏منذ ‏‏3 ‏سنوات عند 720 جنيهًا للطن (46.1 دولاراً)، ‏إذ إن تكلفة ‏الإنتاج للفدان تصل إلى ‏‏30 ألف جنيه، في حين ‏تراجع إنتاج الفدان في ‏الوقت الحالي إلى 33 ‏طناً، وهو ‏ما يعني تحقيق خسارة في كل ‏فدان تقدر بنحو 7 آلاف جنيه.‏

كما سجلت أسعار البطاطس الجديدة، جنيهين للكيلو في ‏أسواق التجزئة، وأقل من جنيه واحد في أرض المزارع، في ‏الوقت الذي ‏تتراوح كلفة زراعة الكيلو بين 2.6 و3.2 جنيهات حسب طبيعة الأرض الزراعية، الأمر الذي عرّض المزارعين لخسائر فادحة دفعت الكثير منهم إلى استخدام المحصول كعلف للماشية أو استخدامها كسماد عضوي في زراعة الأرض.

وقدّر حسين أبوصدام، نقيب الفلاحين، خسائر مزارعي ‏البطاطس بأكثر من 5 آلاف جنيه للفدان على أقل تقدير، إذ ‏يصل سعر ‏الطن في الأرض في الوقت الحالي إلى أقل من 900 جنيه.‏

كذلك تراجعت أسعار الأرز هذا الموسم بمعدل ألف جنيه في الطن، ‏وهبط ‏سعر الكيلو للمستهلك إلى ما بين 6 إلى 7 جنيهات، بعد 9 جنيهات ‏في شهور سابقة، ‏نتيجة زيادة الإنتاج هذا ‏العام، بعد ارتفاع الرقعة ‏المزروعة ‏بالأرز إلى أكثر من 1.5 مليون فدان، ‏منها نصف مليون ‏فدان ‏زراعة مخالفة.

وأشار مزارعون إلى أن حصيلتهم هذا العام من زراعة الأرز "صفر"، إذ إن سعر طن الأرز الشعير يبلغ 3 آلاف ‏جنيه للطن، بينما كلفة إنتاج الفدان خاصة المستأجر تصل إلى 9 آلاف جنيه، وهي نفس قيمة المحصول، حيث ينتج الفدان نحو 3 أطنان.

وطاولت الخسائر أيضا زراعة القطن، حيث أسفرت مزادات بيع القطن في وجه قبلي (جنوب مصر) هذا الموسم 2020، عن تقدير ‏سعر القنطار بحوالي 1800 جنيه، وفي وجه بحري (شمال) 2070 ‏جنيهًا. ‏وبحساب متوسط إنتاج فدان ‏القطن 6 قناطير للفدان، ‏يكون ‏الإجمالي ‏المتحصل عليه 10800 جنيه، في حين أن تكلفة ‏الإنتاج تصل ‏إلى 8 ‏آلاف جنيه، بخلاف 6 آلاف أخرى كإيجار للأرض، ‏فتكون الخسارة أكثر من ‏‏3 ‏آلاف جنيه لمزارعي الوجه القبلي و2000 جنيه للوجه البحري.

وشملت الخسائر أيضا محاصيل الذرة نتيجة تراجع أسعارها مقابل زيادة كلف الإنتاج، ما اضطر المزارعين إلى حصاد الذرة قبل إتمام نضجه (‏عيدان خضراء) لاستخدامها علفًا مخزنًا ‏للمواشي.‏

وقال حسين عبد الرحمن أبوصدام، نقيب عام الفلاحين، إن ‏تدني أسعار المحاصيل والمنتجات الزراعية مقارنة بكلف الإنتاج المتزايدة ‏يؤدي إلى خسائر كبيرة تساهم في خروج ‏الكثير من صغار المزارعين ‏من السوق وتقليص المساحات ‏المزروعة، وهو ما يهدد الأمن الغذائي ‏في المستقبل.‏

وأشار أبو صدام إلى ضرورة تفعيل المادة 29 من الدستور، التي تلزم ‏الدولة بدعم ‏المحاصيل ‏الاستراتيجية، عن طريق وضع سعر ضمان يتيح ‏للفلاح هامش ‏ربح، مع ضرورة إنشاء صندوق ‏للتكافل الزراعي.