البنك المركزي المصري يرفع أسعار الفائدة 2%.. وصندوق النقد يمدد مباحثاته

01 فبراير 2024
المقر الجديد للبنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية (Getty)
+ الخط -

قرر البنك المركزي المصري، اليوم الخميس، رفع أسعار الفائدة الرئيسية على الجنيه بمقدار 2%، لتصبح 21.25% على الإيداع، و22.25% للإقراض لليلة واحدة، ورفع سعر الائتمان والخصم إلى 21.75%.

وفاجأ قرار البنك المركزي "المأزوم" توقعات أغلب الاقتصاديين الذين شملهم استطلاع "بلومبيرغ"، حيث توقعوا إرجاء رفع الفائدة ليكون ضمن حزمة أكبر للدفاع عن الجنيه، عند اتخاذ قرار بتحريك سعره. وقبل الإعلان عن القرار، توقع بنكا "مورغان ستانلي" و"غولدمان ساكس" زيادة حادة في الفائدة، وهو ما لم يحدث أيضاً.

وقال فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي في بنك "غولدمان ساكس"، قبل الإعلان عن قرار المركزي، إن “الاستراتيجية المفضلة لدى السلطات هي السيطرة على سعر الصرف الموازي قبل توحيد سعر الصرف، وهذا يعني خفض الطلب على الدولار من خلال تشديد السياسات وزيادة العرض عبر الاقتراض الخارجي. وعندما يكون السعر الموازي عند مستوى أكثر معقولية، يصبح توحيد العملة أسهل من خلال تخفيض قيمتها".

وتوقع نائب سابق لرئيس أحد البنوك المصرية أن يرفع البنك المركزي الفائدة على الجنيه مرة أخرى في وقت لاحق من هذا الشهر. وقال لـ"العربي الجديد" إن "المركزي سيرفع الفائدة بقدر كبير عند اتخاذ قرار التعويم"، متوقعاً حدوث ذلك خلال الشهر الجاري، وأن يكون "بنسبة 3% إضافية على أقل تقدير".

المركزي المصري وصندوق النقد الدولي

وجاء قرار المركزي المصري بينما تجري بعثة صندوق النقد الدولي محادثاتها في مصر، بخصوص قرض بقيمة 10 مليارات دولار، وبعد أن مددت بعثة الصندوق زيارتها حتى نهاية الأسبوع لحسم صفقة القرض المحتمل، بحسب وكالة "بلومبيرغ".

وقالت الوكالة إن مصر تسعى لزيادة برنامج التسهيل الممدد، الذي اتفقت عليه مع الصندوق، والبالغة قيمته 3 مليارات دولار، لم يتم صرف سوى 347 مليون دولار منها، كجزء من حزمة أوسع قد تشمل البنك الدولي أيضًا، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر. وتعد مصر حالياً، وقبل أي قروض جديدة، ثاني أكبر مقترض من صندوق النقد الدولي بعد الأرجنتين التي تخلفت عن السداد.

وأرجأ صندوق النقد الدولي مراجعتين للخطوات التي اتخذتها مصر ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي جرى الاتفاق عليه، في انتظار تطبيق شروط الصندوق، ومنها سماح السلطات المصرية بسعر صرف أكثر مرونة، والوفاء بوعود أخرى، حتى يمكن للصندوق تسليم المزيد من الأموال. لكن تطورات الحرب في غزة، والدور الذي يمكن أن تلعبه مصر، سمحا باستئناف المفاوضات، مع ما بدا أنه نوع من الدعم الأميركي لأي اتفاق محتمل. 

ومن غير المتوقع أن تكون دول الخليج، والتي ساهمات في عمليات الإنقاذ السابقة لمصر، جزءًا من أي اتفاق جديد، وفقًا لما ذكرته "بلومبيرغ" نقلاً عن مصادرها.

واليوم الخميس، أعلن المركزي المصري عن نيته اقتراض مبلغ مليار دولار من البنوك العاملة في مصر، من خلال بيع أذون خزانة مقومة بالدولار لأجل عام، في عطاء يوم 5 فبراير/ شباط.

وبينما تزداد التوقعات باقتراب البنك المركزي المصري من إجراء خفض جديد لسعر الجنيه مقابل الدولار في السوق الرسمية، واصلت السوق الموازية تسجيل مستويات غير مسبوقة، حيث بيع مبلغ يتجاوز سبعين جنيهاً لكل دولار يمكن شراؤه هذا الأسبوع، قبل أن يتراجع السعر ليقترب من 67 جنيهاً للدولار اليوم الخميس.

وخفض البنك المركزي المصري قيمة الجنيه ثلاث مرات منذ أوائل عام 2022، مما أدى إلى ضياع نصف قيمته مقابل الدولار، ومازال السعر الرسمي للجنيه مقيداً عند 30.9 جنيهًا للدولار منذ مارس/آذار الماضي.

وفي الوقت نفسه، واصل التجار في مصر رفع رهاناتهم لجولة أخرى من انخفاض قيمة العملة قبل قرار سعر الفائدة المصري يوم الخميس. وفي السوق الآجلة غير القابلة للتسليم، التي بشر حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي، عند تعيينه بقدرتها على استكشاف السعر الحقيقي للعملة المصرية، انخفضت عقود الجنيه لمدة 12 شهرًا إلى أكثر من 66 مقابل كل دولار، وهو مستوى قياسي منخفض.

ووفقاً لما ذكرته "بلومبيرغ"، فقد ارتفعت السندات المصرية المستحقة في فبراير/ شباط 2026 الخميس 0.9 سنتًا، وصولاً إلى 82 سنتًا للدولار، وهو أعلى مستوى على أساس الإغلاق في عام تقريبًا. كما ارتفعت السندات الأخرى المستحقة في 2025 و2027 و2028 و2048 في تعاملات صباح الخميس، وقبل الإعلان عن قرار البنك المركزي، وذلك على خلفية الإعلان عن اقتراب التوصل إلى اتفاق مع الصندوق.

ويرى مسؤولو البنك المركزي المصري أن تحقيق انفراجة في المفاوضات مع الصندوق سيمثل خطوة هامة باتجاه انتشال البلاد من أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ عقود، حيث تزيد حرب جيش الاحتلال على غزة المجاورة من أزمات الاقتصاد المصري، بتعطيلها الملاحة في قناة السويس، أحد أهم مصادر النقد الأجنبي في البلاد، كما تلقي بظلالها على السياحة الوافدة للمنطقة.

وفي علامة على أن مصر تحرز بعض التقدم نحو تحقيق الإصلاحات المطلوبة، وافق مجلس الوزراء يوم الأربعاء على اقتراح بخفض الإنفاق على استثمارات الدولة، بما يشمل وقف المشروعات الجديدة حتى نهاية يونيو/حزيران على الأقل.

وقالت لور دي نيرفو، المحللة الرئيسية لشؤون مصر في وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني: "من المهم بالنسبة للسلطات إعادة بناء الثقة، من خلال حزمة من الإصلاحات والإشارات الإيجابية للسوق".

المساهمون