أدى ارتباك القرارات الحكومية التي تجلّت في أزمة البصل مؤخرا إلى ارتفاع العديد من أسعار السلع الغذائية في مصر.
وتراجعت الحكومة المصرية، شهر سبتمبر/أيلول الماضي، عن قرارها المفاجئ بمنع تصدير البصل مدة 3 أشهر، بعد ساعات من بدء تنفيذه، وإعلانها تأجيل تنفيذه إلى بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول الجاري حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وكشف تراجع الحكومة عن ارتباك شديد بين الوزراء وباقي الجهات الرسمية في الدولة، ووجود أجنحة تضع المستهلكين في مقدمة اهتماماتها، وآخرين يسعون إلى الحصول على الدولار بأية وسيلة.
ارتفاعات البصل
وأكدت مصادر في غرفة الحاصلات الزراعية باتحاد الصناعات أن قرار حظر التصدير لن ينفذ لحاجة الدولة إلى الدولار، ومراعاة مصلحة المزارعين الذين تحملوا أعباء مالية كبيرة، مع زيادة تكلفة الزراعة، والرغبة في تحقيق عوائد تمكنهم من مجابهة معدلات التضخم والزيادة الهائلة في كافة أسعار السلع والخدمات، وتراجع قيمة الجنيه، مقابل العملات الأجنبية.
وأكد صدام أبو حسين، نقيب الفلاحين، لـ"العربي الجديد"، أن "الزيادة الهائلة في أسعار البصل لن تصب في مصلحة الفلاح، الذي يعاني من معدلات التضخم أكثر من أي فئة أخرى بالمجتمع". وأشار إلى أن "البصل الموجود حاليا مكدس لدى التجار، الذين يجنون الأرباح الهائلة، من دون أن ترتد آثارها على الفلاح، الذي سيتأثر مرة أخرى بارتفاع أسعار السلع، وزيادة معدلات التضخم الناتجة عن ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية والسلع الأساسية".
وطالب أبو حسين الحكومة بالالتزام بحظر التصدير "بعد أن بالغ التجار في حجب البصل عن المستهلكين والإضرار بسمعة الفلاح، الذي سيبدأ الشهر القادم زراعة المحصول الشتوي، ويحتاج إلى خطة واضحة للكميات التي تحتاجها الدولة للسوق المحلية والتصدير".
وواصلت أسعار البصل ارتفاعها غير المسبوق خلال اليومين الماضيين، حيث تجاوز سعر الكيلو 40 جنيها بالمحلات التجارية و33 جنيها بالأسواق الشعبية.
وتحمّل وزارة الزراعة كبار تجار البصل والسماسرة تبعات زيادة الأسعار، مشيرة إلى زارعة 250 ألف فدان بالبصل، وزيادة الإنتاج المحلي بموسم الحصاد في مايو/أيار الماضي إلى نحو 3 ملايين طن، وأن كمية الصادرات لم تتعد 391 ألف طن، مع توقع استهلاك مليوني طن محليا، بما يعني إمكانية تصدير مليون طن خلال العام الحالي.
وارتفعت قيمة صادرات البصل من 66 مليون إلى 129.3 مليون دولار العام الحالي، وفقا لبيانات وزارة التجارة.
ويتوقع المسؤولون أن يساهم إنتاج محافظات الصعيد خلال نوفمبر/تشرين الثاني المقبل في زيادة الكميات المعروضة في الأسواق، وتخفيض الأسعار.
وتشهد أسواق الجملة شحا كبيرا في المعروض من البصل، حيث بلغت الزيادة في سعر البصل نحو 434% على أساس سنوي في أغسطس/آب الماضي، وفقا لبيانات جهاز التعبئة والإحصاء.
أزمة السكر
وأضاف السكر أزمة جديدة في المشهد المرتبك بالأسواق، حيث رفضت شركات الإنتاج الحكومية تسليم الموزعين كميات السكر المقررة لكل منهم شهريا، ما أدى إلى ندرة المعروض ورفع أسعاره لتصل إلى نحو 40 جنيها للكيلو، مع تخفيض الكميات المسموح ببيعها للأفراد إلى كيلوغرامين كحد أقصى.
وجاء ذلك في ظل ارتفاع معدلات الاستهلاك، مع موسم احتفالات شعبية بحلوى المولد النبوي، وبداية العام الدراسي، وتسرب كميات للتصدير إلى ليبيا والسودان.
وتجدد الحكومة قرار حظر تصدير السكر كل 3 أشهر منذ مارس/آذار الماضي، بينما تمنح وزارة التموين والتجارة الداخلية حق السماح بالتصدير للكميات الفائضة عن احتياجات السوق المحلية، وفقا للتقديرات التي تراها.
ويسري قرار حظر تصدير السكر منذ الأربعاء 20 سبتمبر، ويستمر حتى نهاية العام الجاري، الذي يوافق بدء تشغيل مصانع سكر القصب بطاقتها القصوى مع حلول موسم الحصاد الجديد للقصب خلال شهري ديسمبر/ كانون الأول ويناير/ كانون الثاني المقبلين.
واعتادت الحكومة وقف تصدير السكر إلى الأسواق الخارجية منذ 15 عاما، بقرارات وزارة لم تحل دون تسرب كميات إلى الدول المجاورة، مع إعادة تشكيل المنتجات السكرية، التي تدخل في صناعة الحلوى والمعجنات السكرية.
الأرز يفاجئ المستهلكين
وعاود سعر الأرز ارتفاعه، بعد هبوط استمر عدة أيام،عند مستوى 12 ألف جنيه لطن الشعير، ليصعد بشكل مفاجئ إلى 22 ألف جنيه للطن.
كما تحركت أسعار الأزر الأبيض من مستوى 20 ألف جنيه إلى 24 ألف جنيه، ليباع للجمهور بسعر يتراوح ما بين 28 جنيه إلى 35 جنيه وفقا لحجم الحبة ونوعية التغليف والشركة المنتجة وأماكن العرض.
وردت شعبة الأرز باتحاد الصناعات الزيادة المفاجئة إلى ندرة العرض من الأرز الذي يحصد خلال شهري سبتمبر وأكتوبر، مع رغبة التجار في تخزينه لجني مكاسب أكبر خلال الفترة المقبلة، مع توقع انخفاض جديد بقيمة الجنيه، وانتظارا لتصدير كميات من الأرز إلى السودان وليبيا ودول الخليج التي تفضله على الأنواع المستوردة من جنوب شرق آسيا.
تتوقع وزارة الزراعة أن يصل انتاج الأرز الشعير إلى نحو 7 ملايين طن، توفر 4 ملايين طن أرزاً أبيض، بزيادة 500 ألف طن عن حاجة المستهلك المحلي، مع زيادة الرقعة الزراعية للأرز بنحو 200 ألف فدان الموسم الجاري.
ورفع وزير التموين على المصيلحي الأرز من قائمة السلع الموزعة على بطاقات الدعم العيني التي تصدرها الحكومة لنحو 62 مليون نسمة، من بين 105 ملايين نسمة، كما أوقف قرار إصدار العام الماضي يجبر المزارعين على تسليم 50% من إنتاج المحصول إلى الحكومة بسعر اجباري، يتراوح ما بين 7400 جنيه و8400 جنيه لطن الأرز.
وأعلن الوزير فشل وزارته في الحصول على الكميات المتوقعة، وتسببها في ارتباك الأسواق، وزيادة الأسعار، بينما يرى المزارعون أن أسعار التوريد الإجبارية لم تكن عادلة، ولا تتوافق مع تكلفة الطن الذي يبلغ نحو 15 ألف جنيه.
ويبرر المزارعون زيادة التكاليف إلى ارتفاع أسعار التشغيل، والمبيدات، والأسمدة والنقل.
كما يؤكد محللون أن الزيادة في أسعار المنتجات ظاهرة عامة أصبحت تتصاعد بسرعة، بمعدلات تصل إلى 2% على أساس شهري، وهو ما أدى لارتفاع معدلات التضخم.
(الدولار = 30.95 جنيها تقريبا)