مصر: احتكار مستلزمات الإنتاج يعطل آلاف المصانع

17 مايو 2023
مشاكل عديدة تواجه مصانع الملابس والنسيج في مصر (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

تصاعد غضب المستثمرين من الحكومة وشركات تابعة للجهات الأمنية والسيادية في مصر، تسيطر على مستلزمات الإنتاج، في قطاعات حيوية، تدفع إلى مضاعفة الأسعار ونشر وكلاء وهميين، يتحكمون بكميات وأسعار السلع والخامات المستوردة، مقابل عمولات ضخمة، تلتهم أرباح الشركات الخاصة، وتعرض أصحابها لخسائر فادحة.

كشف أعضاء اتحاد المستثمرين، خلال انعقاده أول من أمس، لاختيار مجلس الإدارة والمكتب التنفيذي الجديد برئاسة محرم هلال، عن تحول شركة "ACH" للغزل والنسيج التي أنشأها وزير قطاع الأعمال السابق، هشام توفيق، عبر دمجه 40 شركة عامة، في محتكر وحيد لتجارة الغزول المحلية، تورد الغزول المستوردة عبر وكلاء، توفر لهم الدولار لاستيراد الخامات، دون غيرهم.

أكد عضو الجمعية العمومية لاتحاد المستثمرين، محمود الفوطي، أن احتكار الشركات الحكومية أدى إلى رفع أسعار الغزول بالأسواق بنحو 100%، خلال الأشهر الماضية، أوقف العمل بآلاف المصانع مع اختفاء الخامات، وعدم تسليم أية كميات من المخزون لدى الشركة العامة المستحدثة AHC، للمصنعين.

قال الفوطي في بيانه أمام أعضاء الاتحاد باجتماع موسع مساء أول من أمس، إن الوزير السابق أوقف العمل بكافة مصانع الغزل المصرية، مقابل احتكار شركته الحكومية، تجارة الغزول، المغذية لكافة المصانع بالدولة، بهدف إنشاء ماركة "براند" للغزل المصري، فاستولى على تجار الغزول بأنواعها، بينما لم تبدأ العمل حتى الآن، ولم تعد الشركات المحلية قادرة على تدبير احتياجاتها اليومية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

أشار الفوطي إلى أن الحكومة التي حصلت على قروض بنحو 600 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي، لتطوير صناعة الغزل والنسيج، منذ 3 سنوات، ما زالت غير قادرة على تشغيل المصانع العامة، بينما خصصت مجموعة من الوكلاء، لم يعرفهم السوق من قبل، يتولون تدبير الغزول للمصانع، مقابل عمولات شراء تصل إلى 25% من قيمة كل صفقة، دون أن يكون لهم أي دور إضافي للمنتج سوى قدرتهم على تدبير العملة الصعبة من الحكومة، وهو أمر لا يتوافر لباقي المصنعين، الذين يواجهون شحا خطيرا في تدبير الدولار من البنوك.

أضاف الفوطي أن الشركة الوطنية للكيماويات – تابعة للجيش- تحتكر صناعة وتوريد الأوكسجين اللازم لعمليات التبيض والتشغيل بمصانع الغزل والنسيج، ومستلزمات الإنتاج الكيميائية التي وضعت تحت الرقابة الأمنية المشددة، بكل مراحل استيرادها وتشغيلها، منذ سنوات، رفعت أسعار الخامات بنسبة 100%، وأعطت شركة وسيطة وحيدة، سلطة التوزيع، لتفرض الأسعار على المصانع.

طالب الفوطي مجلس إدارة اتحاد المستثمرين المنتخب، بإنقاذ المصانع المعرضة للإغلاق، لوقف هجرة رجال الأعمال الذين يتجهون بأموالهم وخبراتهم، للاستثمار بالخارج، هربا من القيود الاحتكارية التي تمارسها الجهات الحكومية والأمنية مع المستثمرين.

تعد صناعة الغزل والنسيج من أهم الصناعات جذبا للعمالة الكثيفة، وأكثرها جلبا للعملة الصعبة، بقيمة صادرات بلغت 2.5 مليار دولار عام 2022، يتوقع اتحاد الصناعات زيادتها إلى 8 مليارات دولار عام 2030.

أشار أعضاء بالمجلس، إلى تباطؤ الحكومة في إلغاء قيود الاستيراد، لعدم قدرتها على تدبير الدولار لمستلزمات الإنتاج الواردة من الخارج، وتعدد سعر الصرف مع انخفاض مستمر في قيمة العملة، فاقت 50% خلال عام، وزيادة سعر الفائدة على القروض الإنتاجية تصل إلى 23%، بما يحول دون قدرة المصانع على الوفاء بالتزاماتها المالية، وتمويل استثمارات التشغيل.

اتهم المستثمرون مصلحة الضرائب، بفرض إتاوات مالية، لجمع حصيلة محددة يفرضها مديرو الضرائب، دون الالتزام بقواعد محاسبية، ويحمل المصانع أعباء إضافية، مشيرين إلى تهديد وزارة المالية للرافضين لتلك الإتاوات، بالإحالة إلى محاكمات جنائية للتهرب الضريبي، لا يتم الفصل في قضاياها دون دفع مسبق للمبالغ التي تقدرها الجهة الحكومية.

يبدي المستثمرون بالقطاعات الصناعية والإنتاجية قلقهم من تزايد مدة تأخير الإفراج الجمركي عن مستلزمات الإنتاج المستوردة، والتي توقفت مطلع فبراير/ شباط الماضي.

أكد ممثل غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات، محمد البهي في بيان صحافي أن تأخر الإفراج عن خامات الأدوية المستوردة، أدى إلى فساد الخامات، التي تتعطل بالموانئ لمدة تزيد عن 3 أشهر، ألحقت خسائر بشركات الأدوية تخطت ملايين الجنيهات. وبين أن تعطل الخامات وراء النقص الحاد في العديد من الأدوية المنتجة محليا، وتراجع المنتجات تامة الصنع.

رفضت الحكومة نداءات متكررة أطلقتها غرفة الأدوية، لدفع الجهات الأمنية على سرعة الإفراج عن مستلزمات الإنتاج، والتي تتعطل بسبب كثرة الجهات الرقابية.

شهدت أسعار الأدوية ارتفاعا خلال الشهرين الماضيين، بلغ 30% بالمنتجات المحلية، بينما تباع الأدوية المستوردة، عبر وكلاء توزيع منتشرين على شبكات الإنترنت، بأسعار هائلة، تعكس ندرة المنتج وسعر الجنيه مقابل العملات الصعبة.

تحافظ البنوك على سعر الدولار عند 30.96 جنيها، بينما تراجعت العملة الأميركية في السوق السوداء من معدل أعلى من 41 جنيها، خلال نهاية الأسبوع، لتصل إلى 38.5 جنيها أمس، و44 جنيها بالعقود الآجلة.

أعلنت شركة "المصرية للتكرير" التابعة لمجموعة القلعة الخاصة، المالكة لأكبر معمل لمشتقات البترول تكبدها خسائر بلغت 2.3 مليار جنيه، عام 2022، بما يوازي 100% من خسائر عام 2021، بسبب تراجع قيمة الجنيه، منذ فبراير/ شباط 2022.

أكد بيان للشركة أصدرته أول من أمس، أن الطاقة الإنتاجية للمصنع، التي تمثل 20% من إنتاج مصر من البنزين والسولار، خسرت نحو 4.7 مليارات جنيه، بسبب تراكم الديون لدى الهيئة العامة للبترول.

تواجه الهيئة الحكومية، مشاكل في تدبير العملة للشركات الدولية، العاملة في استخراج الغاز والبترول وإنتاج وتوريد المشتقات البترولية، تأتي على رأسها "إيني" الإيطالية، بإجمالي 6.5 مليارات دولار.

ارتفعت ديون المستثمرين والشركات الدولية، في وقت تفاقمت أزمة الدين الخارجي على الموازنة العامة بقيمة 162 مليار دولار، مع وجود التزامات مالية بالدولار على هيئات اقتصادية وعامة، تبلغ نحو 60 مليار دولار، تشمل تمويل مشروعات القطار الكهربائي ومحطتي توليد كهرباء لشركة سيمنز الألمانية، ومحطة الضبعة النووية، عدا 28 مليار دولار ودائع خليجية بالبنك المركزي، تسترد عام 2026.

المساهمون