يواجه المزارعون المصريون موجة غلاء جديدة، في أسعار الأسمدة، بعد سماح الحكومة للمصانع المنتجة، برفع أسعار اليوريا المدعومة.
ودفعت الحكومة المصرية مصانع الأسمدة إلى موجة غلاء مقبلة، عقب رفعها يوم الثلاثاء الماضي سعر توريد الغاز الطبيعي لشركات الأسمدة من 5.75 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية إلى 7.8 دولارات لكل مليون وحدة، بنسبة 35.65% من قيمة الأسعار الحالية لتوريد الغاز.
واعتمدت الحكومة سعر تصدير طن الأسمدة، عند مبلغ 760 دولاراً للطن، بزيادة 50 دولاراً عن متوسط سعر الأسمدة في بورصة شيكاغو، لشهر أغسطس/ آب، و43 دولاراً عن أسعار التوريد لشهر سبتمبر/ أيلول الجاري، بينما حددت الحكومة سعر الأسمدة، التي ستحصل عليها لدعم المزارعين عند 225 دولاراً للطن.
وقرر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي زيادة سعر الغاز المورد لمصانع الأسمدة الآزوتية، وربط السعر بأسعار سماد اليوريا الأكثر استخداماً لدى المزارعين المصريين، في المحاصيل الشتوية والصيفية، وخاصة القمح والأرز.
ينص القرار على تحديث الأسعار المتفق عليها شهرياً، مع وضع حد أدني للبيع بسعر 4.5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية، التي تُنفَّذ منذ مارس/ آذار 2020، بينما ستظل أسعار الغاز ثابتة للشركات التي تنتج الأنواع الأخرى من الأسمدة، عند 5.75 دولارات لكل مليون وحدة حرارية.
ارتباك السوق
سبّب قرار الحكومة ارتباكاً في سوق الأسمدة، فيما يستعد الفلاحون إلى تجهيز أرضهم لمحصول القمح، بعد انتهاء الحكومة من تحديد سعر التوريد للأردب بنحو 1000 جنيه.
واعتبرت مصادر بنقابة الفلاحين، القرار الحكومي مخلاً بالتزامها تجاه الفلاح، الذي يحتاج إلى استقرار سعر توريد مستلزمات الإنتاج في بداية الموسم الزراعي.
واستشهد المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، بما فعله رئيس الوزراء عندما أصدر قراراً في 6 سبتمبر الحالي بتحديد سعر بيع الأرز بمبلغ 12 جنيهاً لكيلو الشعير، في موسم الحصاد، دون أن يحسب تكاليف الإنتاج، قبل بداية الموسم الزراعي، الذي شهد ارتفاعاً في أسعار الأسمدة بلغت 50% دفعة واحدة.
وأكد المصدر أن الأسواق تشهد حالة من الانفلات في الأسعار، بسبب لجوء الحكومة إلى التسعير الإجباري لبيع المحاصيل، دون أن تلزم نفسها بتسعير إجباري لمدخلات الإنتاج، وتضمن للفلاح الأسمدة التي يحتاجها بأسعار مقبولة.
فوضى ومضاربات
كانت وزارة الزراعة قد أعلنت بيع سعر شيكارة اليوريا وزن 50 كيلوغراماً التي تحصل عليها بأسعار مدعومة من مصانع الأسمدة، بمبلغ 240 جنيهاً للمزارعين (الدولار = 19.4 جنيهاً)، من حائزي البطاقة الزراعية. ووجهت الحكومة شركات الأسمدة، لبيع الشيكارة بمبلغ 325 جنيهاً، بينما ارتفع سعرها في السوق الموازية إلى 500 جنيه للشيكارة، بما يعادل ضعف قيمتها الرسمية.
عتبرت مصادر بنقابة الفلاحين، القرار الحكومي مخلاً بالتزامها تجاه الفلاح، الذي يحتاج إلى استقرار سعر توريد مستلزمات الإنتاج في بداية الموسم الزراعي
وتشهد أسواق بيع الأسمدة عادة فوضى ومضاربات بين منافذ التوزيع، في بداية مواسم الزراعة، بسبب تأخير صرف الكميات المقررة رسمياً للمزارعين في مواعيد الزراعة، وسيطرة كبار المزارعين على شؤون الجمعيات الزراعية، وخاصة بالأراضي الجديدة، إذ لا تمكن صغار المزارعين من الحصول على حقوقهم وفقاً للجداول الزمنية المقررة، بينما يدفع الأغلبية الكاسحة ممن يملكون أقل من 3 أفدنة، إلى السوق السوداء لتوفير احتياجاتهم من الأسمدة.
وراوَح سعر طن أسمدة النترات خلال شهر أغسطس الماضي ما بين 7800 جنيه إلى 8 آلاف جنيه، وارتفع مع بداية سبتمبر إلى ما بين 9-10 آلاف جنيه للطن، بينما ارتفعت أسعار الأسمدة المركبة والأحادية المستخدمة في زراعة الخضر والفواكه، بمعدلات عالية، لاعتمادها على استيراد بعض مكوناتها من الأردن أو الاتحاد الأوروبي.
وراوح سعر طن سماد البوتاسيوم ما بين 23 ألفاً و30 ألف طن، والكالسيوم ما بين 20-30 ألف طن، وارتفع طن سماد NPK من 35 ألفاً إلى 65 ألف جنيه. تنتج مصر 7.8 ملايين طن أسمدة نتروجينية، و3.4 ملايين طن أسمدة فوسفاتية، من شركات مملوكة في معظمها للحكومة، مع وجود بعض شركاء دوليين.
الحكومة ترفع إيرادات الغاز
تسعى الحكومة لزيادة دخلها من الغاز الطبيعي، وتوجيه نسب أعلى من الاستهلاك المحلي، لتصديره إلى الاتحاد الأوروبي، مع توقع حدوث أزمة خانقة في الغاز الطبيعي، وتهاتف الشركات الأوروبية على استيراد الغاز بأسعار خيالية. وتنتج المصانع أسمدة اليوريا بنحو 6.7 ملايين طن سنوياً، وجهت منها 3.8 ملايين طن للتصدير إلى الخارج، بينما خصصت 2.9 مليون طن للمزارعين المصريين.
وتؤكد بيانات مركز دعم القرار بمجلس الوزراء، أن الكميات المخصصة للسوق المحلية، تكفي احتياجات المحاصيل الأساسية، وخاصة مزارع الأرز والقمح والذرة والقصب، وتتهم وزارة الزراعة الفلاحين بالإفراط في استخدام الأسمدة، وضخها بكميات تفوق ضعف المعدلات الدولية، بما يهدر الاستفادة منها، ويبدد قيمتها، عبر تصريفها مع فائض الري الزراعي، أو تسربها للمياه الجوفية.