حذر مصرف لبنان الحكومة من تبعات الاستمرار في الدعم ضمن الآلية المتبعة حالياً، والتي تهدد بهدر الاحتياطي الإلزامي لمصرف لبنان، وتبدد ما تبقى من أموال المودعين. ويأتي هذا التحذير في سياق من الخلافات ما بين المركزي والحكومة وعدد من الأحزاب السياسية في عملية تقاذف المسؤوليات حول الانهيار الاقتصادي الذي يسيطر على لبنان، والذي بدأت ملامحه تظهر في العام 2019.
وقال المركزي في كتاب بعث به إلى وزير المالية اللبنانية غازي وزني، إن مصرف لبنان قام خلال الأشهر الماضية ببيع الدولار بالسعر المحدد في تعاملاته مع المصارف وسعر المنصة، وبتأمين العملات الأجنبية للمستوردات الأساسية ما ساهم في الحد من التضخم المقدر بنسبة 84% الذي كان سيناهز 275% لولا هذا التدخل.
وأضاف البيان أن هذا الكتاب يأتي عطفا على الكتب السابقة "والتي أكدنا فيها عدم القابلية في الاستمرار بهذه السياسة بسبب عدم جدواها وللهدر الكبير الناتج عن عدم امكانية ملاحقة المتلاعبين والمهربين للمواد المدعومة وفقاً لما يصرح به العديد من الوزراء في الحكومة".
وأشار إلى "أننا أكدنا مراراً على ضرورة أن ينصب الدعم للأسر المحتاجة، نظراً للانخفاض المتواصل لموجودات مصرف لبنان في العملات الأجنبية، نتيجة انقطاع تدفق العملات الأجنبية من جهة، وعدم تقدم الحكومة من جهة أخرى بأي سياسة لترشيد الدعم، الأمر الذي يؤثر سلباً على إمكانية مصرف لبنان الاستمرار في سياسة الدعم الحالية للحكومة".
ولفت مصرف لبنان إلى وجود "كتاب موجه من قبل نقيب المحامين في بيروت والذي طلب فيه من جمعية المصارف والمصارف القيام فورا بما يلزم في لبنان والخارج لدى مراسلي مصرف لبنان لحماية الاحتياطي الإلزامي، كونه يشكل آخر ما تبقى من أموال المودعين، واعتبر فيه صراحة أن الاحتياطي أمانة لدى المصارف ومصرف لبنان وأن المساس به بأي شكل من الأشكال وخاصة لتمويل القطاع العام المفلس سوف يضطر النقابة لاتخاذ كافة الإجراءات بحق المرتكبين".
وتابع أنه "بغض النظر عن موقف مصرف لبنان من الكتاب المذكور، ونظراً لأهمية موقع نقابة المحامين القانوني فإن هذا الوضع سيؤدي الى تحميل مصرف لبنان مسؤوليات قانونية وقضائية وبالتالي يهدد إمكانية استكمال المصرف بالتعامل مع طلبات الحكومة، كما يمس بعلاقات مصرف لبنان مع المصارف المراسلة في الخارج".
ورأى مصرف لبنان أنه أصبح من الملح قيام الحكومة بشكل سريع بوضع تصور واضح لسياسة الدعم التي تريد اعتمادها، وتضع حدا للهدر الحاصل وضمن حدود وضوابط تسمح بالحفاظ على موجوات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية والعمل على المساهمة في تأمين واردات بالعملات الصعبة لتغطية كلفة الدعم والتفاوض مع نقابة المحامين في بيروت فيما يتعلق بالدعاوى القضائية التي صرح النقيب أنه سيتقدم بها وذلك درءاً لأي مخاطر قانونية قد تنتج عنها".
وأضاف: "نظراً لخطورة الوضع وللتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية التي قد تنتج عن التأخر في البت بما تقدم، نتمنى إعطاء أجوبة واضحة وصريحة وذلك بالسرعة الممكنة".