يسابق المغرب الزمن من أجل توفير مياه الشرب والسقي وسط سيطرة الجفاف للعام الثاني على التوالي وتراجع مخزون المياه الجوفية والسدود على بعد شهرين من انطلاق الموسم الزراعي.
وشهد المغرب تراجعا حادا في المياه الجوفية، التي ارتفع الضغط عليها في الأعوام الأخيرة، وهو ما يعزى إلى السقي بالتنقيط والمضي في حفر الآبار، حسب ما يلاحظه الخبير المغربي في القطاع الزراعي محمد الهاكش، في تصريح لـ"العربي الجديد".
ويلفت إلى أن مخزون المياه في السدود يتراجع في الأعوام الأخيرة، حيث تفيد بيانات وزارة التجهيز والماء، إلى غاية الخميس، أن السدود التي تتسع لـ16.1 مليار متر مكعب تستوعب بالكاد 4.36 مليارات متر مكعب، أي ما يمثل 27 في المائة من قدرتها. ويلاحظ أن حوالي 6 في المائة من المناطق الواقعة في شمال المملكة تتلقى حوالي نصف الأمطار، ما يدفع الحكومة إلى السعي لنقل المياه الفائضة إلى المناطق التي تعاني من الندرة.
ويذهب إلى أن نقل المياه بين الأحواض المائية وتحلية مياه البحر سيتيحان معالجة مشكلة ندرة المياه نسبيا، ويوضح أنه يفترض التفكير في كيفية تأمين المياه التي سيتراجع مخزونها في الأعوام المقبلة، خاصة عبر إعادة النظر في السياسة الزراعية، في ظل التغيرات المناخية التي ينتظر أن تؤدي إلى توالي سنوات الجفاف.
ويؤكد الهاكش على ضرورة التوجه نحو معالجة مشكلة المياه الجوفية التي تستنزف نتيجة الاستثمارات الضخمة في الزراعة الموجهة للتصدير، مشددا على مسألة دعم المزارعين.
وشرعت المملكة في إطار ما سمي بالتضامن بين الأحواض المائية في تحويل فائض مياه حوض سبو التي كانت تضيع في المحيط الأطلسي إلى حوض أبي رقراق بهدف توفير مياه الشرب للرباط والدار البيضاء، حيث ينتظر أن يؤدي المشروع الذي اقتضى استثمارا بقيمة 600 مليون دولار إلى تحويل ما بين 350 و400 مليون متر مكعب من المياه في العام.
ويذهب الفاطمي بوركيزية، الكاتب العام للجمعية المغربية للتنمية الفلاحية بجهة الدار البيضاء - سطات، إلى أن مشروع الربط عبر الطريق السيار المائي بين حوض سبو وأبي رقراق سيتيح تفادي ضياع أكثر من مليار متر مكعب من المياه في البحر.
ويضيف في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الهدف هو توفير مياه الشرب لمدينتي الرباط والدار البيضاء غير أن ذلك سيتيح أيضاً تسخير جزء من تلك المياه للسقي في المناطق الواقعة بين الحوضين. وأفضى عقد تفاهم بين الحكومة والمكتب الشريف للفوسفات إلى شروع هذا الأخير في تزويد مدينتي آسفي والجديدة بماء الشرب عبر تحلية مياه البحر، حيث سيتم تأمين 10 ملايين متر مكعب لآسفي و30 مليون متر مكعب لمدينة الجديدة في العام الحالي.
وكان المغرب قد خطط لتوفير حوالي عشرين محطة لتحلية مياه البحر في أفق 2030، علما أنه يشغل حاليا 11 محطة، من بينها ثلاث محطات موجهة للصناعة، وسبع محطات قيد الإنجاز بهدف إتاحة مياه الشرب.
ويعتبر المغرب من البلدان التي تعرف تراجعا للموارد المائية، بينما تصل في سنة عادية إلى 22 مليار متر مكعب، ما يعني حصة في حدود 650 متر مكعب للفرد في سنة عادية، وهي حصة ينتظر أن تنخفض بفعل شح المياه كي يصنف المغرب ضمن البلدان التي يرتقب أن تصل فيها إلى 500 متر مكعب للفرد الواحد، ما يدفع البنك الدولي إلى التأكيد على أن المملكة تتجه نحو المستوى المطلق لندرة المياه.