تدخل أربعة مشاريع عملاقة في مجال الطاقة حيز التنفيذ الفني في العراق خلال الربع الأول من العام الجاري 2022، ما قد يعيد رسم وهيكلة ملامح التحالفات العراقية الإقليمية في مجال الطاقة.
وتركز غالبية المشاريع على الطاقة الكهربائية، في وقت تعاني البلاد من شح إمدادات الكهرباء، ما دفعها لتوقيع اتفاقيات مع إيران والسعودية للحصول على الغاز الطبيعي مع الأولى وربط كهربائي مع الثانية.
ولطالما كان الغاز الطبيعي إلى جانب خط كهرباء من إيران، ورقة ضغط بيد الأخيرة، وسط اتهامات محلية باستخدامها لتحقيق أهداف سياسية، بحسب تقرير لوكالة الأناضول، اليوم الثلاثاء.
ووفق وزارة النفط العراقية، تشمل المشاريع مد خط أنابيب لنقل مياه البحر لغرض حقن حقول النفط، واستثمار الغاز المصاحب لاستخراج النفط، وزيادة إنتاج حقل نفطي، وإنتاج 1000 ميغاوات كهرباء من الطاقة الشمسية.
ومن المقرر أن تتولى شركة "توتال" الفرنسية تنفيذ المشاريع العملاقة في محافظة البصرة (جنوب)، وهي مركز صناعة النفط في العراق، بكلفة مالية 27 مليار دولار، وفق عقود أبرمتها مع بغداد في سبتمبر/أيلول 2021، لكن ثمة صعوبات تتمثل في عدم حصول وزارة النفط العراقية على الموافقات المتعلقة بالتفاصيل المالية للصفقة من جميع الإدارات الحكومية المطلوبة موافقتها، وفق ما نقلته وكالة رويترز، أمس الإثنين، عن مصادر مطلعة.
بيد أن العراق يعول بشكل كبير على هذه المشروعات ويراهن على تنفيذها بغض النظر عن الخلافات الداخلية.
ففي أعقاب نشر وكالة رويترز تقريراً حول تعثر الصفقة مع توتال، نفت وزارة النفط العراقية، مساء أمس، صحة هذه الأنباء، وفق بيان قالت الأناضول إنها تلقت نسخة منه.
وفي السياق، قال المتحدث باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد، للأناضول، اليوم، إن "المشروع الأول يشمل مد خط أنابيب ينقل مياه البحر من الخليج، بهدف إدامة إنتاج الخام من الحقول النفطية التي تحتاج إلى الماء بكميات كبيرة".
إنتاج 6 ملايين برميل نفط
ويعد المشروع حيوياً لتحقيق الأهداف المستقبلية والوصول إلى إنتاج 6 ملايين برميل يوميا (من نحو 4.6 ملايين برميل في الوقت الحالي) بعد عام 2023، وصولا إلى 12 مليون برميل يومياً على المدى البعيد.
وفي حال وصول العراق لهذا المستوى من الإنتاج (6 ملايين برميل)، فإنه سيدخل نادي الخمسة الكبار عالمياً في إنتاج النفط الخام، ويجعل كلمته مسموعة في صناعة الطاقة.
ويتضمن المشروع سحب مياه البحر من الخليج العربي، ونقلها عبر أنابيب للحقول النفطية لمواصلة ضغط حقن الماء لتحسين وتسهيل عملية استخراج الخام.
ويحتاج العراق بشدة لنقل المياه من البحر، نظراً لتراجع تدريجي لمستوى المياه في الأنهر المتدفقة إلى البلاد جراء شح الأمطار والتغير المناخي الذي طرأ خلال العقود القليلة الماضية.
واستنادا لأرقام وكالة إدارة الطاقة الأميركية فإن العراق يمتلك احتياطاً نفطياً يبلغ نحو 145 مليار برميل، ما يعادل 17% من احتياطي الشرق الأوسط، و8% من الاحتياطي العالمي، وهو خامس أكبر احتياطي عالمي.
لكن أرقام الحكومة العراقية تشير إلى امتلاكها احتياطاً مؤكداً يبلغ 153 مليار برميل، وتتوقع بغداد أن الاحتياطات غير المكتشفة قد تتجاوز 215 مليار برميل.
استثمار الغاز المصاحب
وقال جهاد إن المشروع الثاني، يشمل إنشاء مجمع غاز أرطاوي لاستثمار الغاز المصاحب لاستخراج النفط من 5 حقول نفطية جنوب البلاد هي "أرطاوي، غرب القرنة /2، مجنون، الطوبة، اللحين".
وأضاف أن المشروع يهدف إلى إنتاج 600 مليون قدم مكعبة قياسية من الغاز يومياً من خلال تجميع ومعالجة الغاز المصاحب لاستخراج النفط، وسينفذ على مرحلتين تتضمن كل واحدة إنتاج 300 مليون قدم مكعبة قياسي يوميا.
وسيغطي المشروع استثمار الغاز المصاحب من الحقول التي لا تغطيها شركة "غاز البصرة" التي تأسست عام 2013. وهو مشروع مشترك مدته 25 عاما بين شركة غاز الجنوب المملوكة للحكومة بنسبة 51% و"شل" 44%، و"ميتسوبيشي" 5%.
ويضطر العراق إلى حرق مليارات الأقدام المكعبة من الغاز المصاحب لاستخراج النفط، لضعف إمكانات الاستثمار ويبلغ إنتاج البلد حالياً نحو 2.7 مليار قدم مكعبة من الغاز، وفق أرقام وزارة النفط.
ويمتلك العراق مخزونا يقدر بنحو 132 تريليون قدم مكعبة من الغاز، جرى إحراق 700 مليار منها، نتيجة ضعف القدرة على استغلاله، وفق تقديرات سابقة لوزارة النفط.
أما بشأن المشروع الثالث، قال المتحدث باسم وزارة النفط العراقية، إنه يشمل زيادة إنتاج أرطاوي من 80 ألف برميل يوميا من النفط الخام إلى 200 ألف برميل يومياً، مضيفا أن المشروع يشمل أيضا بناء منشأة ومحطات تتعلق بالنفط الخام واستثمار الغاز وغير ذلك.
مواجهة أزمة الكهرباء بمشروع شمسي
وأشار إلى أن المشروع الرابع والأخير يتمثل في الطاقة النظيفة، عبر إقامة مشروع للطاقة الشمسية بمقدار 1000 ميغاواط. ويعاني العراق من أزمة نقص كهرباء مزمنة منذ ثمانينيات القرن الماضي جراء الحروب المتعاقبة والفساد، رغم إنفاق عشرات مليارات الدولارات على هذا القطاع.
وينتج العراق ما بين 19 و21 ألف ميغاواط من الطاقة الكهربائية، بينما الاحتياج الفعلي يتجاوز 30 ألفا، ما يؤدي إلى انقطاع متكرر للتيار وسط احتجاج من السكان.
وفي أواخر عام 2020، أعلنت لجنة تحقيق برلمانية عراقية، إنفاق 81 مليار دولار على قطاع الكهرباء بين عامي 2005 و2019 دون تحسن يذكر في الخدمة.
(الأناضول، رويترز)