مسودة برنامج حزب أردوغان الانتخابي: عودة إلى سياسات اقتصادية تقليدية

17 مارس 2023
تشهد الليرة التركية استقراراً نسبياً في الفترة الماضية (Getty)
+ الخط -

قالت أربعة مصادر مطلعة لوكالة "رويترز"، إنّ مسودة البرنامج الانتخابي لحزب العدالة والتنمية، الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تكشف عن عودة إلى سياسات أكثر تقليدية بشأن اقتصاد السوق الحر.

ومن المقرر إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية بتركيا في 14 مايو/أيار، وتُظهر استطلاعات الرأي أن أردوغان سيواجه أكبر تحدٍ انتخابي له خلال فترة توليه الحكم المستمرة منذ عقدين.

وتأثرت شعبية أردوغان بشكل أساسي بسبب تراجع مستويات المعيشة نتيجة انخفاض قيمة الليرة التركية، في وقتٍ بدأت فيه أنقرة اتباع نموذج اقتصادي مثير للجدل قائم على خفض أسعار الفائدة.

وفي عام 2021، شرعت تركيا في تطبيق سلسلة من إجراءات خفض أسعار الفائدة في مواجهة التضخم المرتفع، متحديةً السياسة النقدية التقليدية، وسارت عكس الاتجاه العالمي المتمثل في رفع الفوائد على القروض.

وخفض البنك المركزي التركي أسعار الفائدة بمقدار 500 نقطة في عام 2021، ثم مرة أخرى في عام 2022، بعدما دعا أردوغان إلى الخفض.

كما أدى الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة والغذاء نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا، في فبراير/ شباط 2022، إلى زيادة التضخم في تركيا بأكثر من 85 بالمائة العام الماضي.

وتفاقمت مشاكل تركيا المالية أيضاً عندما ضرب زلزال ضخم مناطقها الجنوبية في السادس من فبراير/ شباط، مما أسفر عن تشريد الملايين وخسائر بمليارات الدولارات.

وقالت المصادر المطلعة على المسودة إنّ برنامج حزب العدالة والتنمية للانتخابات المقبلة لن يشير إلى أحدث السياسات الاقتصادية التركية، لكنه سيعود في المقابل إلى نهجه السابق الأكثر تقليدية.

وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، لأنها غير مخولة بالحديث عن الموضوع، إن أردوغان يريد إعطاء دور كبير في إدارة الاقتصاد لنائب رئيس الوزراء ووزير المالية السابق محمد شيمشك، الذي يحظى بتقدير كبير في الأوساط الدولية.

وارتفع التضخم في تركيا إلى أعلى مستوى له منذ 24 عاماً عندما قفز فوق معدل 85 بالمائة، في أكتوبر/ تشرين الأول، مدفوعاً بسلسلة خفض غير تقليدية لأسعار الفائدة سعى إليها أردوغان وأدت إلى انهيار الليرة في أواخر عام 2021.

ومنذ أغسطس/آب، تشهد الليرة استقراراً إلى حدّ كبير بفضل قبضة السلطات القوية على سوق العملة.

وقال مسؤول حكومي عن المسودة، إنّ "النهج الاقتصادي فيها مشابه جداً لذلك المنصوص عليه في البرنامج الانتخابي لحزب العدالة والتنمية لعام 2002، وبعبارة أخرى يعود حزب العدالة والتنمية إلى أصوله"، موضحاً أن العمل على هذا البرنامج وصل إلى المرحلة النهائية.

وذكر أن أولويات البرنامج تشمل القواعد والممارسات لاقتصاد السوق الحر بالتوازي مع تلك المطبقة في الاقتصاد العالمي، مع "عدم وجود أي مؤشر على أي نوع من الممارسات غير السوقية".

ورفض حزب العدالة والتنمية التعليق على الأمر. ولم يتسن الوصول إلى شيمشك للتعقيب.

وقال مدير أبحاث دول الأسواق الناشئة لدى شركة "تي سي دبليو" لإدارة الأصول في لوس أنجليس، بليز أنتين، إن المستثمرين "سيرحبون بالعودة إلى السياسة الاقتصادية التقليدية".

وأضاف: "لكن المستثمرين الأجانب سيتعاملون على الأرجح مع هذه الأنباء بحذر شديد (...) نظراً لمرات التضليل الكثيرة السابقة من السلطات التركية، والشكوك المعلنة للرئيس أردوغان نفسه في السياسة النقدية التقليدية، والسياسات الاقتصادية الموجهة للسوق بشكل عام".

وقال مسؤول كبير في حزب العدالة والتنمية إن البرنامج لم يشر إلى النموذج الجديد للاقتصاد، لكنه شدّد على المبادئ التي دعا إليها الحزب في السابق، مثل مكافحة التضخم والمحاسبة في القطاع العام والشفافية في المناقصات.

وأردف قائلاً إنّه لا بد من موافقة أردوغان النهائية على البرنامج، وإنّه لم يبد أي رأي مخالف حتى الآن.

وأضاف المسؤول أن "كل تركيا تعرف نهج شيمشك ونجاحه. إذا تولى المنصب، فلا مفر من تغيير جذري في السياسات الاقتصادية والبيروقراطية، وسيعمل أعضاء مجلس الوزراء معه في وئام".

وقال مصدر مطلع آخر، إنه بالإضافة إلى حزب العدالة والتنمية، تريد ثلاثة أحزاب من تحالف المعارضة الرئيسي العمل مع شيمشك.

وفي عام 2012، حين شارك شيمشك بنشاط في إدارة الاقتصاد، بلغت حصة الأجانب في سوق السندات المقومة بالليرة ذروتها، إذ وصلت إلى حوالي 25 بالمائة. وتظهر بيانات الخزانة أنها استقرت عند 0.8 بالمائة في نهاية يناير/ كانون الثاني. وظل شيمشك نائباً لرئيس الوزراء حتى عام 2018.

وقالت أربعة مصادر بارزة في تحالف المعارضة لوكالة "رويترز"، في وقت سابق، إنّ التحالف يعتزم تعيين نائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان نائباً للرئيس للشؤون الاقتصادية إذا فاز في الانتخابات الرئاسية.

ويحظى باباجان، مثل شيمشك، بتقدير المستثمرين الأجانب.

وزادت الزلازل المدمرة، التي أودت بحياة أكثر من 48 ألف شخص في تركيا، من التحدي الذي تواجهه الحكومة في الفوز بأصوات الناخبين في انتخابات مايو/ أيار.

وفي أعقاب الزلازل، ارتفع عجز الموازنة إلى 171 مليار ليرة (تسعة مليارات دولار) في فبراير/ شباط، كما قفز عجز الميزان التجاري إلى 12.2 مليار دولار في نفس الشهر.

(رويترز)