مستقبل ملبد بالغيوم ينتظر لبنان مع تعمق الانهيار الاقتصادي

29 سبتمبر 2020
تتصاعد الأعباء المعيشية مع انهيار الليرة (حسين بيضون)
+ الخط -

كان العام الماضي أشبه ما يكون بزلزال عصف بلبنان، بدءاً من الانهيار الاقتصادي وصولاً إلى الاحتجاجات الجماهيرية والعجز المالي، ثم تفشي فيروس كورونا بحلول العام الجاري، والانفجار الكارثي الذي قضى فعلياً على الميناء الرئيسي للبلاد بالعاصمة بيروت في الرابع من أغسطس/ آب الماضي.

برغم ذلك، يخشى اللبنانيون من أنّ الأيام الحالكة لم تأت بعد، فاحتياطيات البلاد من النقد الأجنبي آخذة في النضوب، وهناك توقعات بخروج العملة المحلية عن نطاق السيطرة، وتصاعد حوادث الاشتباكات المسلحة بين الأحزاب المتنافسة،  وعدم قدرة الأحزاب السياسية المتناحرة على تشكيل حكومة سيجعل خطة الإنقاذ الدولية حلماً بعيد المنال.

يرى مايك عازار، أستاذ التمويل وعضو مركز سايس السابق في جامعة جونز هوبكنز، أنّ "عدم تبني أي من الأحزاب السياسية تغييرات جوهرية في حساباتها السياسية، سيتسبب خلال الأسابيع المقبلة في استمرار حالة الجمود، والحيلولة دون تشكيل حكومة انتقالية قادرة على تنفيذ أي إصلاحات جادة، ويسرع الانهيار الاقتصادي للبلاد".

وقال عازار، لوكالة "أسوشييتدبرس"، إنّ " الانهيار الاقتصادي في لبنان جرح ذاتي، بسبب خلل في النظام السياسي، فمن غير المرجح أن يكون أي انتعاش اقتصادي مستداماً دون إعادة تفكير جذري في النظام السياسي".

وأشار إلى انه كلما طال الوقت، ضاع المزيد من الفرص، وزاد استنزاف العقول وأصبح الطريق أكثر صعوبة، مضيفاً: "عندما تغلق الشركات ويهاجر رأس المال البشري، يصبح من الصعب للغاية على أي اقتصاد أن يتعافى لأن محركات هذا التعافي لن تكون موجودة".

وشهد الأسبوع الماضي انهيار مبادرة فرنسية لتشكيل حكومة إنقاذ من التكنوقراط. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مؤتمر صحافي، يوم الأحد الماضي، إنه يشعر "بالخجل" من الزعماء السياسيين اللبنانيين، وحذر من "حرب أهلية جديدة" إذا لم يتمكنوا من تنحية مصالحهم الشخصية والطائفية جانباً لفتح الطريق للمساعدات الدولية.

وهناك حاجة ماسة إلى هذه المساعدات أكثر من أي وقت مضى، ولا يزال هناك ما هو أسوأ للبنانيين في انزلاق البلاد إلى القاع.

في الأسابيع القليلة المقبلة، من المتوقع أن يُنهي البنك المركزي دعم السلع الأساسية. ومنذ انهيار العملة المحلية، يستخدم البنك احتياطياته المستنفدة لدعم واردات الوقود، والقمح، والدواء.

وبعد الأزمة المالية، أصبح نصف السكان تحت خط الفقر، وسيؤدي رفع الدعم إلى زيادة التضخم، وقد يؤدي إلى أعمال شغب بسبب نقص الغذاء.

وستضع الاضطرابات المدنية السكان في مواجهة مع قوات الأمن المحبطة التي - مثل جميع اللبنانيين - شهدت انخفاضاً في رواتبهم بنسبة تصل إلى 80% بالدولار الأميركي.

وقد وقعت حادثتان أمنيتان، خلال الشهر الماضي، تظهران وجود أسلحة وبكثرة، و"كذلك هناك شباب عاطلون"، حسبما قال هايكو ويمين، مدير مشروع لبنان وسورية والعراق في مجموعة الأزمات الدولية.

وأضاف ويمين، أنّ حرب النفوذ بين الجماعات المسلحة المحلية قد تصبح حدثاً يومياً في المناطق التي لا يسيطر عليها أي فاعل سياسي.

في هذه الأثناء، تصبح الحياة اليومية أكثر صعوبة، حيث يقترب مكب نفايات بيروت من طاقته القصوى، ما يهدد بحدوث أزمة نفايات جديدة. كما تكافح المستشفيات للتعامل مع الأزمة المالية وسط زيادة حالات الإصابة بفيروس كورونا، ما أثار تحذيرات من سيناريو "شبيه بإيطاليا".

وحتى لو تشكلت حكومة، فلن يخرج لبنان من الأزمات الطاحنة. فقد فشلت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، في يوليو/ تموز الماضي، لأنّ الجهات اللبنانية لم تستطع الاتفاق فيما بينها.

وقال ويمين إنّ جوهر المشكلة يكمن في النخب السياسية التي استولت على الدولة لتحطيمها ونهبها. وأضاف "خلاصة القول: إصلاح القطاع المالي والموازنة، وهما القضيتان الرئيسيتان اللتان من المفترض أن يعالجهما صندوق النقد الدولي، يؤديان إلى تضرر مصلحة بعض الأشخاص الذين لديهم نفوذ سياسي، لذلك هناك الكثير من احتمالات الصراع".

(أسوشييتدبرس)

المساهمون