هز خبر انسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية دول العالم، وسط تحركات دولية مشتركة لاحتواء بوادر أزمة غذائية دولية ضخمة تطاول الدول الكبرى التي كانت، بحسب التأكيدات الروسية، الأكثر استفادة من شحنات الحبوب الخارجة من الموانئ الأوكرانية.
وعلى الرغم من الخطوة الروسية، قال أوليكسندر كوبراكوف وزير البنية التحتية الأوكراني إن 12 سفينة تحركت من موانئ أوكرانية، اليوم الاثنين، بموجب مبادرة الحبوب من البحر الأسود، بعدما قال متحدث من الأمم المتحدة باسم المبادرة، لـ"رويترز"، إن فرقا من تركيا والأمم المتحدة استأنفت تفتيش السفن بموجب الاتفاق.
وعلّقت روسيا مشاركتها في اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية من موانئ البحر الأسود، يوم السبت "لأجل غير مسمى"، بسبب ما وصفته بأنه عدم قدرتها على "ضمان سلامة السفن المدنية" التي تبحر بموجب الاتفاق، بعد تعرّض أسطولها في البحر الأسود لهجوم. وأثارت هذه الخطوة غضب أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بينما كانت الأمم المتحدة وتركيا، اللتان توسطتا في اتفاق يوليو/تموز، تسعيان لإنقاذه.
وكتب كوبراكوف على تويتر "اليوم غادرت 12 سفينة الموانئ الأوكرانية. قدّمت وفود الأمم المتحدة وتركيا عشرة فرق تفتيش لفحص 40 سفينة، بهدف الوفاء بالالتزامات بموجب مبادرة حبوب البحر الأسود. قبل الوفد الأوكراني خطة التفتيش تلك. تم إبلاغ الوفد الروسي".
التفاف على موسكو
وقالت الأمم المتحدة إنها اتفقت مع أوكرانيا وتركيا على خطة لتحرك 16 سفينة، اليوم الاثنين، 12 منها ستخرج من موانئ أوكرانية و4 سفن ستدخل إليها، وتعتزم كذلك تفتيش 40 سفينة خلال اليوم ستتحرك للخروج وهي راسية الآن قرب إسطنبول.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الاثنين، إن تركيا ستواصل بذل جهودها من أجل اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، على الرغم من التردد الروسي. وأضاف، في كلمة ألقاها "حتى لو تصرفت روسيا بتردد لأنها لم تحصل على نفس الفوائد، فإننا سنواصل بشكل حاسم جهودنا لخدمة الإنسانية".
وقال منسق الأمم المتحدة لاتفاق صادرات الحبوب في البحر الأسود أمير عبد الله، اليوم الاثنين، إن سفن الشحن المدنية لا يمكن أن تكون أهدافا عسكرية أو أن تُحتجز رهينة، وإن "الغذاء يجب أن يتدفق" بموجب الاتفاق الذي علّقت روسيا مشاركتها فيه، في مطلع الأسبوع.
جاء تعليق عبد الله، منسق مبادرة حبوب البحر الأسود، على تويتر، بعد أن مضت الأمم المتحدة وتركيا وأوكرانيا قدما في خطة لتحريك السفن التي تنتظر استخدام الممر الذي تم إنشاؤه بموجب الاتفاق.
ولم تتحرك أي سفن، أمس الأحد، عبر الممر الإنساني البحري الذي أقيم بموجب اتفاق الحبوب. وأشارت الأمم المتحدة، اليوم، إلى أن "جميع المشاركين ينسقون مع الجيش والسلطات الأخرى المعنية لضمان المرور الآمن للسفن التجارية" بموجب الاتفاق.
من جهته، قال وزير الزراعة الفرنسي مارك فيسنو، اليوم الاثنين، إن بلاده تسعى إلى إتاحة طرق برية عبر بولندا أو رومانيا لمرور الصادرات الغذائية من أوكرانيا كبديل لطريق البحر الأسود، بعد انسحاب روسيا من الاتفاق.
وشرح فيسنو لإذاعة آر.إم.سي "نتطلع إلى معرفة ما إذا كان بالإمكان، في حالة عدم التمكن من المرور من خلال البحر الأسود، المرور بدلا من ذلك من طرق برية، خاصة من خلال دراسة الطرق البرية عبر رومانيا وبولندا".
وقال فيسنو "سنواصل العمل من أجل نظام لا يضعنا رهن رغبة وحسن نية، أو في هذه الحالة سوء نية، (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين".
تأثيرات على الإمدادات
ومن المرجح أن يؤثر قرار روسيا على الشحنات إلى الدول المعتمدة على الاستيراد. وارتفعت أسعار القمح والذرة، اليوم الاثنين، بما قد يدفع أزمة غذاء عالمية إلى مزيد من الاحتدام، والأسعار إلى مزيد من الارتفاع.
وقال اثنان من التجار في سنغافورة إن مئات من الآلاف من الأطنان من القمح المحجوزة للشحن لأفريقيا والشرق الأوسط في خطر، بعد أن انسحبت روسيا، بينما ستقل صادرات الذرة الأوكرانية لأوروبا.
وتابع أحد المصدّرين، وهو تاجر حبوب في سنغافورة يمد مشترين في آسيا والشرق الأوسط بالقمح "إذا اضطررت لاستبدال شحنة سفينة كان من المفترض أن تأتي من أوكرانيا، فما هي الخيارات؟ ليست كثيرة في الواقع".
وقفزت عقود شيكاغو الآجلة للقمح، اليوم الاثنين، بأكثر من خمسة بالمائة، وارتفع سعر الذرة بما يفوق اثنين بالمائة بسبب مخاوف الإمدادات.
ويقول تجار ومتعاملون إن أستراليا، وهي مزود أساسي لآسيا بالقمح، لن تتمكن على الأرجح من سد أي فجوة في الإمدادات، مع حجز كل شحناتها حتى فبراير/شباط.
واعتبر التاجر الذي يعمل مع سنغافورة "يجب علينا أن نرى كيف سيتكشف الموقف. ليس من الواضح إن كانت أوكرانيا ستواصل شحن الحبوب وماذا سيحدث للصادرات الروسية".
وقال تاجر آخر يعمل من سنغافورة في شركة دولية "لسنا متأكدين ما إذا كانت روسيا ستواصل تصدير القمح، وما إذا كان من الآمن للسفن التي تحمل القمح الروسي الشحن والتحرك من البحر الأسود، حتى مع بقاء الصادرات الأوكرانية محجوبة".
ومن المرجح أن تتأثر أيضا صادرات الذرة الأوكرانية لأوروبا للشهر المقبل سلبا. وأضاف التاجر الثاني "بالنسبة لأوروبا، الذرة هي المشكلة الأكبر من القمح مع دخولنا موسم ذروة الذرة الأوكرانية في نوفمبر".
(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)