أجلت محكمة جنايات جنوب الجيزة المصرية، اليوم الأربعاء، محاكمة مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة جمال اللبان، و5 رجال وسيدات أعمال آخرين، وذلك على خلفية اتهامهم بالاستيلاء على أكثر من 73 مليون جنيه من أموال مجلس الدولة في صورة مناقصات وهمية عبر شركات صورية ومناقصات بالأمر المباشر، إلى جلسة 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأقر المتهم الرئيسي جمال اللبان أمام المحكمة بجلسة اليوم بأن الأمين العام المستشار وائل شلبي (متوفى وأعلنت السلطات المصرية انتحاره عقب القبض عليه) أنه وراء كافة عمليات الفساد في القضية، وهو من أدخل المتهمين من خلال شركات صورية في صفقات مجلس الدولة محل التهم، وأنه فقط كان ينفذ تعليماته كونه رئيسه في العمل. كما أقرّ بتفاصيل إسناد بنود المناقصة إلى مؤسسة الخلود للأثاث المكتبي، الشركة الرئيسية التي من خلالها تمت جميع الجرائم في القضية، والمملوكة للمتهمة الخامسة وزوجها المتهم السادس.
وأضاف اللبان أنه باشر عملية الإسناد بناء على جزء من اختصاصاته، وحرر شيكات بالمستحقات المالية لصالح الشركة، إلا أن كل شيء خاص بإسناد المناقصات لهذه الشركة كان بتعليمات من المتهم المتوفى الأمين العام لمجلس الدولة المستشار وائل شلبي، وأنه كان فقط ينفذ تعليماته بحكم أنه رئيسه في العمل.
اعترافات بالفساد
واعترف المتهم بأنه قبل رشوة من المتهمين، إلا أنه كان وسيطا في إرسالها للأمين العام لمجلس الدولة، ولم يتحصل لنفسه على هذه الأموال، مشيرا إلى وجود علاقة غير شرعية جمعت بين الأمين العام لمجلس الدولة والمتهمة الخامسة، وأنه هو من أدخلها المناقصات الوهمية للاستيلاء على أموال مجلس الدولة، كما أقر بوجود علاقة غير شرعية أيضا بينه وبين المتهمة الخامسة.
كانت نيابة الأموال العامة العليا المصرية أحالت مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة جمال اللبان، و5 رجال وسيدات أعمال آخرين إلى المحاكمة الجنائية، في القضية التي حملت الرقم 5760 لسنة 2023 جنايات الدقي، والمقيدة برقم 46 لسنة 2023 جنايات أموال عامة عليا، وتم التحقيق فيها تحت إشراف المستشار طارق الحتيتي المحامي العام الأول لنيابة الأموال العامة العليا.
القضية التي حصل "العربي الجديد" على نسخة منها، تضم "جمال الدين محمد إبراهيم اللبان – 49 سنة – مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة، وأحمد حسني محمد الأقفالي – 40 سنة – صاحب شركة (تكني سيستم)، ومحمد أحمد شرف الدين أحمد – 44 سنة – صاحب شركة (دريم)، وسهير محمد قاصد جامع – 53 سنة – صاحبة شركة (أطلنطا للاستيراد والتصدير)، ورباب أحمد عبد الخالق أبو فراج – 44 سنة – صاحبة شركة (السيف للتوريدات)، ومدحت عبدالصبور شيبة الحمد – 55 سنة – صاحب شركة (الخلود للأثاث المكتبي)".
تفاصيل القضية وفقاً للأوراق تبدأ من عند الشاهد الأول "محمد حمدي أبو سعدة – 36 سنة – عضو بهيئة الرقابة الإدارية"، والذي أقر في التحقيقات بأن تحرياته توصلت إلى استغلال المتهم الأول اختصاصه الوظيفي باتخاذ إجراءات مناقصات محدودة صورية لتوريد مستلزمات لمجلس الدولة.
والاتفاق مع المتهمين من الثاني للسادس على تأسيس شركات تعمل في مجال التوريدات بأنفسهم أو عن طريق أخرين يتبعونهم للتقدم لتلك المناقصات والترسية عليهم، وتوريد الأصناف بقيمة أكبر من قيمتها السوقية، وأن الفارق كان يستحصل عليه المتهم الأول من باقي بعد صرف الشيكات البنكية الصادرة لشركاتهم سواء المملوكة لهم أو لتابعيهم.
وذلك بأن يقوم المتهم الأول بإعداد مذكرة الاحتياجات ويتبعها بمذكرة طرح يقترح فيها أن تكون طريقة الشراء بطريق المناقصات المحدودة ويعتمدها من المتهم المتوفي المستشار وائل شلبي الأمين العام لمجلس الدولة، بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات لعدم توافر الشروط لتطبيق هذه الطريقة في الشراء ودون اتباع الاجراءات اللازمة لتحديد الاحتياجات.
تزوير التواقيع
وأضاف عضو هيئة الرقابة الإدارية أنه تبين أن كافة توريدات مجلس الدولة تنحصر في عدد معين من الشركات، وهي التابعة للمتهمين من الثاني للسادس، وأسفرت التحريات عن أنه جرى إنشاؤها بالاتفاق بين المتهم الأول وباقي المتهمين، كما تبين أن بعض توقيعات أعضاء لجان القيمة التقديرية على المحاضر الخاصة بها غير صحيحة ومزورة على أصحابها.
وكذلك أذون الإضافة ومحاضر فحص واستلام الأصناف الموردة بما انتهت معه التحريات إلى صورية تلك الإجراءات، وإصدار شيكات عن عمليات التوريد، دون وجه حق قام المتهمين من الثاني للسادس بصرف قيمتها وتسليم تلك القيم للمتهم الأول.
كذلك اعترفت المتهمة الخامسة بالتحقيقات أن الأمين العام لمجلس الدولة أصدر تعليماته لمساعدتها لتجهيز أوراقها وترسية مناقصات مجلس الدولة على شركتها، وبناء على ذلك أسست شركات "صورية" ودخلت في مناقصات مجلس الدولة بناء على مخطط بينهم، وهو ما اعتراف به بقية المتهمين في القضية.
ووجهت نيابة الأموال العامة إلى المتهم الأول في قرار إحالته إلى المحاكمة الجنائية، تهم أنه بصفته موظفاً عاماً "مدير الإدارة العامة للتوريدات بمجلس الدولة"، استولى بغير حق على مال مملوك لإحدى الجهة العامة، بأن استولى على مبلغ 73 مليوناً و293 ألفاً و243 جنيهاً والمملوك لجهة عمله.
وكان ذلك حيلة بأن اتفق مع المتهمين من الثاني حتى السادس على استخدام شركات مملوكة لهم تعمل في مجال التوريدات، وتأسيس شركات أخرى تعمل في ذات المجال بأنفسهم أو عن طريق آخرين يتبعونهم، وتولى وفقاً لاختصاصه الوظيفي إعداد مذكرات باحتياجات مجلس الدولة المختلفة ومذكرات طرح اقترح فيها أن يكون الشراء بطريق المناقصات المحدودة في غير الأحوال المنصوص عليها في قانون المناقصات والمزايدات.
كذلك وجّهت نيابة الأموال العامة إلى المتهمين من الثاني وحتى السادس تهم أنهم اشتركوا، بطريقي الاتفاق والمساعدة، مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمة، بأن اتفقوا معه على ارتكابها، وساعدوه بأن وافقوا على قيامه باستخدام شركاتهم التي تعمل في مجال التوريدات، أو تأسيس شركات أخرى لذلك الغرض، والاتفاق مع آخرين على تأسيس شركات تعمل في ذات المجال.
وقام المتهم الأول بترسية المناقصات المحدودة على تلك الشركات بقيم مالية تزيد عن القيمة السوقية للأصناف الموردة، وتوريد بعض الأصناف المطلوبة دون بعضها الآخر، وصرف قيمة تلك الأصناف كاملة، بشيكات بنكية استحصل عليها المتهم الأول من الإدارة الحسابية المختصة، وسلمها لهؤلاء المتهمين كل فيما يخصه، وقاموا بصرفها إما بأشخاصهم، أو عن طريق تظهيرها لأنفسهم، أو باستخدام توكيلات بنكية أو خاصة عن ملاك تلك الشركات، أو بتحويل قيمتها من حسابات أصحاب تلك الشركات لحساب أي من باقي المتهمين، أو بسحب المبالغ مباشرة من حسابات تلك الشركات البنكية، وتسليم تلك المبالغ المالية للمتهم الأول، بما مكنه من الاستيلاء على قيمتها، فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة.