مزارعو اليمن يشكون مخلفات الأعاصير وضعف المساعدات

17 نوفمبر 2020
صعوبات عديدة تواجه القطاع الزراعي (محمد حمود/الأناضول)
+ الخط -

يسود تذمّر واسع في أوساط المزارعين في عديد المناطق اليمنية، خصوصا المحافظات الشرقية، بسبب بطء التدخلات الحكومية والسلطات المحلية في مساعدة المتضررين من الأعاصير التي ضربت مناطقهم، وعدم تعويضهم رغم خسارتهم الفادحة.

وأكد عضو جمعية الفلاحين في محافظة المهرة، يحيى الحامدي، أن عشرات المزارعين هاجمت المياه الناتجة عن هذه الأعاصير المدمرة مزارعهم وكبّدتهم خسائر فادحة، نتيجة جرف أراضيهم الزراعية ومحاصيلهم، وتوقفهم عن العمل في الموسم الزراعي خلال العامين الماضيين.

ويوضح الحامدي لـ"العربي الجديد"، أن السلطات المحلية الحكومية شكلت عديد اللجان لرصد وحصر وتقييم الأضرار الناتجة عن هذه الأعاصير، لكن ما ترفعه من تقارير في حجم هذه الأضرار والخسائر والتدخلات المطلوبة لا يتم تنفيذها والعمل بها لمساعدة المتضررين، خصوصا المزارعين الذين فقدوا مصدر دخلهم الوحيد، وبالتالي ساءت أوضاعهم المعيشية بشكل كبير.

وكانت لجنة الفلاحين في المهرة قد رفعت قائمة بأسماء المتضررين وحجم الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمزارعين والمنطقة التي ضربها إعصار لبان العام قبل الماضي، إذ أكدت اللجنة في لقاء موسع عقدته مع مجموعة من الفلاحين والمتضررين من الأعاصير في المهرة، مع منظمات محلية تنموية ناشطة في المحافظة، أن التجاوب مع تلك المطالب لا يزال غائباً، باستثناء وعود لم تنفذ.

 

وكان أهم مطالب اللجنة المقدمة للسلطات المحلية، تقديم مساعدات غذائية عاجلة وبصورة منتظمة، وتخصيص رواتب شهرية للمزارعين إلى أن يتم تأهيل وإصلاح الأراضي الزراعية وعودة نشاطهم الزراعي مرة أّخرى.

لا يختلف الأمر في محافظة حضرموت المجاورة للمهرة والتي تعتبر أكبر المحافظات اليمنية من حيث المساحة وتنقسم إلى جزأين الساحل والوادي، إذ تسببت الكوارث الطبيعية في أضرار فادحة يعاني تبعاتها المواطنون والمزارعون، بالإضافة إلى انعكاس تدمير المزارع التي لم يتم إصلاحها حتى الآن سلباً على الأسواق المحلية في عموم المحافظات، والتي تواجه أزمات متلاحقة في تراجع المعروض من الخضروات والفواكه والحبوب وارتفاعا مضاعفا في أسعارها.

وألحقت هذه الكوارث أضراراً بالغة بالحركة التجارية ونقل السلع والبضائع بين المحافظات اليمنية من مواقع الإنتاج إلى الأسواق التي تعاني تبعاتها حتى اليوم، كما ساهمت في ارتفاع الأسعار بنسب متفاوتة لمعظم أصناف الخضروات، خصوصاً الطماطم والبطاطس والبصل والبقوليات وبعض أصناف الفاكهة.

المزارع أحمد الحطابي، من محافظة حضرموت، يؤكد لـ"العربي الجديد"، طمر الفيضانات وإعصار لبان نصف مزرعته التي يستخدمها في زراعة الخضروات مثل البصل والطماطم وبعض أصناف الفواكه، وكذا في قلع عديد أشجار النخيل الذي يقوم كذلك بزراعتها. وأشار إلى أن المساعدات التي حصلوا عليها لمعالجة ما يواجهونه من أضرار كانت من قبل جمعيات زراعية ومنظمات تنموية، وأيضاً جهود ذاتية عمل عليها المزارعون لإعادة إصلاح ما أمكن من أراضيهم.

ويواجه اليمن أزمات مركّبة عديدة، تتمثل، إلى جانب الصراع الدائر منذ ما يزيد على خمس سنوات، في موجة أعاصير ضربت المحافظات المطلة على ساحل البحر العربي، تاركةً آثارًا مدمرة على الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي، من حيث تقلص فرص العمل والدخل وارتفاع أسعار السلع الغذائية.

وفي الوقت الذي تواجه فيها المناطق والمحافظات شمال وغرب اليمن تبعات كارثية للحرب الدائرة في البلاد وتتركز بشكل كبير في هذه المناطق، تتعرض المناطق الجنوبية والشرقية لأعاصير وفيضانات ألحقت أضرارا بالغة باقتصاد الناس وممتلكاتهم وحياتهم المعيشية.

 

ويأتي إعصار لبان على رأس هذه الكوارث الطبيعية التي ضربت هذه المناطق خلال السنوات الخمس الماضية، إلى جانب الإعصارين "شابالا" و"ميغ".

ويعاني القطاع الزراعي في اليمن تبعات كارثية وآثاراً مدمرة خلفتها هذه الأعاصير والفيضانات، إضافة إلى الأمطار وسقوطها خارج المواسم الزراعية والجفاف والتصحر، بالتزامن مع ارتفاع أسعار الوقود اللازم لضخ مياه الري، وما نتج عن ذلك من تردي وتراجع الإنتاج الزراعي وتوسع فجوة الأمن الغذائي في البلاد.

ووفق الخبير الزراعي خالد الحميري، فإن اليمن يعاني من فراغ حكومي وغياب السلطات المحلية، نتيجة ما تمر به البلاد من حرب وصراع، وهو ما يلاحظ في غياب الخدمات العامة والتدخلات المناسبة، مثل مساعدة المزارعين على مواجهة أزمات الوقود، أو التعامل مع ما نتج من أضرار للفيضانات والأعاصير التي ضربت بعض المناطق اليمنية خلال الأعوام السابقة.

ويؤكد الحميري لـ"العربي الجديد"، أن هذا الإهمال يفاقم معاناة الأيدي العاملة، خصوصاً في الزراعة، وينعكس على بقية شرائح المجتمع الذين يجدون صعوبة في تلبية احتياجاتهم من المنتجات الزراعية التي كانت في متناولهم بسهولة ويسر وبأسعار مناسبة.

المساهمون