أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، أمس الأربعاء، قانوناً يخص "إحداث وحوكمة وإدارة الشركات المساهمة العمومية والشركات المشتركة"، وفق ما نقلت وكالة "سانا" الرسمية.
ويستهدف القانون، وفق نصه، "الإسهام في تنمية القطاع العام الاقتصادي، من خلال تنظيم إحداث الشركات المساهمة العمومية والشركات المساهمة العمومية القابضة والشركات المشتركة، التي تدخل فيها الدولة ممثلة بالخزينة العامة أو المؤسسات والشركات العامة في ملكية أو إدارة تلك الشركات، مع الأخذ في الحسبان معايير الحوكمة، وذلك ضماناً لتحقيق الكفاءة الإدارية والاقتصادية".
وأشار نص القانون إلى أنه لا يغفل تنظيم إدارة أموال الدولة الخاصة لدى الشركات المساهمة العمومية والشركات المشتركة عن طريق ممثلي الدولة في الهيئات العامة للشركات، ويكون مجلس الإدارة في الشركة مسؤولاً أمام الهيئة العامة مع إعطائه سلطات واسعة في عمله وإخضاعه لقواعد حوكمة الشركات.
ويوضح عدد من الخبراء الاقتصاديين من دمشق، لـ "العربي الجديد"، أن القانون إذا تم تطبيقه دون تلاعب، سيؤسس لتطوير مرن في عجلة الاقتصاد، وبالتالي يسهم في تحسين سوق العمل، وهذا نهج أثبت نجاحه عالمياً، على مستوى القطاعات الحكومية، حيث سيمنح المرونة لتطوير النظام الإداري في قطاع الدولة.
وتقول الناشطة الحقوقية والمحامية سلام عباس لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا القانون لا يعني الخصخصة وفق الإطار الصريح، ولكن إذا ما أعدنا النظر في المعطيات السابقة من تحايل النظام السوري على الأطر الاقتصادية، فسنرى أنّ معظم الشركات الخاصة والمشتركة التي نظمت تشاركيات مع الحكومة، تعود للأسرة الحاكمة بواجهات اقتصادية مقرّبة منها. وهذا ما يضعنا أمام شكوك في محاولة النظام السوري إطباق سيطرته الاقتصادية على البلاد، بشكل قانوني".
النظام السوري يسعى للسيطرة على الشركات الخاصة
ويعرّف كنجو عبود كنجو، ويعد أحد أهم الباحثين العرب في نظم حوكمة الشركات، الحوكمة بأنها "الآلية التي تساعد الشركة في الحصول على التمويل وتضمن تعظيم قيمة الشركة في الأجل الطويل، وتمثل العلاقة التعاقدية بين المساهمين وأصحاب المصالح من جهة والمديرين التنفيذيين من جهة أخرى".
وفي هذا السياق، تشير عباس إلى أنّ نية السيطرة على ما تبقى من الشركات الخاصة، باتت واضحة لدى النظام السوري، حيث "تسعى الأسرة الحاكمة للسيطرة على اقتصاد البلاد من تأجير مطاري دمشق وحلب، حتى السيطرة على قطاع الاتصالات، وإكمال السيطرة على قطاع النقل قبل أيام".
وتوضح عباس أنّ "مفهوم الحوكمة يقوم على تنظيم العلاقات بين مجلس الإدارة، الإدارة التنفيذية، مدققي الحسابات، وذلك نظرياً أمر جيد، ولكن إذا ما أيقنا أنّ الأطراف الثلاثة ستكون بيد واحدة، وبناء على تجربتنا السورية مع القطاع العام، أعتقد أنّ هنالك انهياراً اقتصادياً قادماً، والمزيد من المعاناة الاقتصادية للبلاد ومواطنيها".
وتتساءل: "هل هناك ضمانات، بأن يحقق مجلس إدارة -حتماً سيكون تابعاً لرأس النظام- مصالح الشركاء؟". وتردف: "باتت هنالك معرفة جلية بأخلاقيات هذا النظام وانعدام مصداقيته وشفافيته وهذا ما يدفعنا للشك بنجاح تجربة كهذه، ويزيد يقيننا بأنها تلاعب على القانون للاستيلاء على ما تبقى من مقدرات البلاد".
ووفق كنجو، فإنّ مزايا حوكمة الشركات، من أهمها الإسهام لرفع مستوى كفاءة الاقتصاد نظراً لدورها في المساعدة على استقرار الأسواق المالية ورفع مستوى الشفافية وجذب الاستثمارات من الخارج والداخل بالإضافة إلى تقليص حجم المخاطر التي تواجه النظام الاقتصادي.
ويقول أحد الاقتصاديين وقد رفض نشر اسمه لأسباب أمنية، لـ"العربي الجديد"، إنّ هذه المزايا من المستحيل تحقيقها في سورية، "في ظل مناخ اقتصادي تسيطر فيه السلطة على مفاصل القرار".