تفاقمت مشاكل إجراء المعاملات البنكية مع الروس في الأشهر الماضية، بسبب توقيع الرئيس الأميركي جو بايدن، في نهاية ديسمبر/ كانون الأول، على مرسوم يقضي بفصل البنوك الأجنبية عن النظام الأميركي وحظر حساباتها إذا كانت تساهم، بشكل مباشر أو غير مباشر، في الصناعة العسكرية الروسية.
وبناءً على المرسوم الرئاسي، يجوز للسلطات الأميركية منع أي بنك يشتبه في تعاونه مع روسيا من فتح حسابات مراسلة، وكذلك حظر ممتلكاته في الولايات المتحدة.
وفي التوقيت نفسه للتوقيع على المرسوم، أوضح مسؤول كبير في البيت الأبيض، الذي تحدث للصحافيين مع طلب عدم كشف هويته: "ما نريد القيام به، استهداف المواد التي تحتاج إليها روسيا لإنتاج الأسلحة". وأشار إلى أنه "للحصول على هذه المواد، يحتاج (الروس) إلى المرور عبر النظام المالي، ما يجعله نقطة أساسية في عمليات الشراء، وبهذه الأداة نستهدف احتياجات الأسلحة الروسية".
وفي السياق، تقول الصحافية الروسية أولغا بولياكوفا، لـ"العربي الجديد": "من الواضح أن هناك دولاً صديقة أصبحت تخشى العقوبات الغربية، مثل تركيا أولاً، ثم الصين، وأخيراً الإمارات. وهذه الدول قوية اقتصادياً وسياسياً، وتبين أن علاقاتها بالولايات المتحدة لا تزال أكثر قيمة بالنسبة إليهم".
إلى ذلك، تشير صحيفة "MK" الروسية، في تقرير لها، إلى أنه بعد التوقيع على الوثيقة، بدأت تظهر المشاكل للمواطنين والشركات في روسيا.
وفي يناير/ كانون الثاني، حيث تعرضت العلاقات التجارية بين روسيا وتركيا، الدولة التي كانت تعتبر من الدول الصديقة، للتهديد، نظراً لكثرة العقود الثنائية، بدءاً من إنشاء مركز للغاز، إلى محطة أكويو للطاقة النووية قيد الإنشاء.
ولحل مشاكل المدفوعات والتحويلات التي كانت لدى البنوك التركية مع شركائها الروس، بدأت أنقرة وموسكو مفاوضات بشأن إنشاء بنك روسي تركي مشترك، لا يراعي مسألة المدفوعات والتحويلات والعقوبات، لأنه لن يكون لديه حسابات بالدولار واليورو، ويجري المعاملات بالعملات المحلية فقط. ومع ذلك، لم تُقدَّم أي تفاصيل بخصوص هذا المشروع، وما زال السؤال عمّا إذا كان سيُنفَّذ أو لا.
وفي فبراير/ شباط، بدأت البنوك الصينية الكبرى رفض سداد المدفوعات الروسية، بسبب الخوف أيضاً من فرض عقوبات ثانوية من جانب الولايات المتحدة.
وأوقف البنك الصيني الرئيسي للمستوردين من روسيا Zhejiang Chouzhou Commercial، جميع المدفوعات لهذا السبب. كذلك شددت بنوك صينية كبيرة أخرى، من بينها بنك الصين، وبنك التعمير الصيني، والبنك الصناعي والتجاري الصيني، متطلباتها على الروس.
ووفقاً لصحيفة "MK" الروسية، فإنه "لحل هذه المشكلة كان الأمر يتطلب مفاوضات على أعلى مستوى".
وفي الثامن من فبراير/ شباط، ناقش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا الوضع عبر الهاتف مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، وبدا أنه جرى التوصل إلى تفاهم مع "صديق عزيز"، كما قال.
ويبدو أن البنوك الإماراتية تنضم أيضاً إلى قائمة أولئك الذين يرفضون التعاون مع الروس "ما يحمي أعمالهم".
ويوضح رئيس قسم التحليل في بنك BKF، مكسيم أوسادشي، لصحيفة "MK" سلوك الإمارات بقوله: "روسيا ليست أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين لدولة الإمارات"، مضيفاً: "علاوة على ذلك، بالنسبة إلى الإمارات، تعتبر روسيا منافساً في سوق النفط. ويبدو أن التهديد بفرض عقوبات ثانوية أكثر أهمية بالنسبة إلى البنوك الإماراتية من الربح الناتج من خدمة الشركاء الروس. لكن ليس هناك شك في أن بنوك بيلاروسيا وإيران وسورية وكوريا الشمالية لن ترفض التعاون مع روسيا".
من جهتها، تقول الصحافية الروسية بولياكوفا، لـ"العربي الجديد": "يمكن الافتراض أن الغرب سيواصل الضغط على بنوك في دول أخرى مثل الهند وكازاخستان وأرمينيا وتايلاند وفيتنام وغيرها من البلدان الموالية لروسيا بشكل أو بآخر، ولكن هناك دول لن تخشى العقوبات"، مشيرة إلى أنه "لن يكون من الممكن عزل دولة كبيرة مثل روسيا عن العالم".