مراكمة الديون وفوائدها تؤرق اليمن وتعمق أزمته الاقتصادية

04 ابريل 2022
الديون السيادية تُقدّر بـ10 مليارات دولار لم تُدفع فوائدها وأصلها منذ 5 سنوات (فرانس برس)
+ الخط -

يتعرض اليمن لسلسلة من الصدمات المتتالية وما تخلفه من أزمات طاحنة فاقمت من تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وانسداد كل الطرق التي تؤدي إلى مواجهتها والتخفيف من وطأتها وأعبائها الثقيلة.

وصعقت الحرب الدائرة في أوكرانيا وما أفرزته من متغيرات اقتصادية واسعة البلد الذي يكافح لإخماد نيران الحرب التي تسحقه منذ أكثر من 7 سنوات، وتتسبب في تبديد محاولاته لإعادة بث الحياة في هياكل اقتصاده المعطلة، ومعالجة الأضرار البالغة في نظامها المالي والمصرفي. 

وتؤرق الديون السيادية المتراكمة اليمن في ظل اقترابها، وفق تقديرات رسمية، من 10 مليارات دولار، وعدم تسديد فوائد التأخير والأقساط لهذه الديون منذ نحو 5 سنوات، وهو ما يجعل إعادة فتح هذا الملف في حال حصول تغيير في سياسية المقرضين والمبالغة في الفوائد المطلوبة على تأجيل سداد القروض بمثابة "قنبلة موقوتة" تهدد بنسف كل خطط الإصلاحات الاقتصادية وإعادة تصدير النفط والغاز، وعملية إعداد موازنة عامة جديدة للدولة، فضلا عن تعقيد المفاوضات التي كانت جارية منذ بداية العام الحالي في نادي باريس لإعادة جدولة ديون اليمن وإعطاء فترة سماح لعام آخر.

الخبير المالي والمصرفي حافظ طربوش يؤكد، لـ"العربي الجديد"، أن اليمن يعاني من مشكلة كبيرة في تراكم الديون والفوائد المترتبة عليه وحاجته أيضا للعملة الصعبة لعدم توفر احتياطي من النقد الأجنبي لديه ومواجهة أزماته الاقتصادية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويضيف طربوش أن اليمن من أكثر الدول التي تتأثر بالأزمات الاقتصادية العالمية، لأنه دولة مستوردة، وفي نفس الوقت هياكله الاقتصادية معطلة، نظراً لتوقف تصدير النفط والغاز، وهي السلعة الأساسية التي يعتمد عليها في الحصول على الدولار والعملات الأجنبية، لذا فهو واقع في مأزق كبير سيؤثر على جهود التصدي للأزمة الاقتصادية المتفاقمة وفقدان خطوط ارتباطه بمصادر ومؤسسات ودول شريكة دأبت على تقديم تسهيلات لحصول اليمن على قروض ومنح بفوائد مخفضة.

ويعتقد خبراء أن اليمن قد يكون من أكبر الخاسرين في حال توجه المقرضين لاسترداد ديونهم، وقد يؤدي إلى خسارته منشآت اقتصادية استراتيجية كان يعمل على إعادة تأهيلها بعد توقفها وتعرضها لأضرار هائلة بسبب الحرب والصراع الدائر في البلاد، والذي تركز جزء كبير منه في المناطق الغنية بالثروات والموارد العامة، والتي تتواجد فيها كثير من هذه المنشآت التي تشكل عصب الاقتصاد اليمني.

ويتطرق الباحث الأكاديمي في المعهد الوطني للعلوم الإدارية والمالية هشام يحيى، في حديثة لـ"العربي الجديد"، إلى جزئية محورية في هذا الخصوص تتعلق بعملية تصدير المورد الاقتصادي الرئيسي وارتباط إعداد الموازنة العامة للدولة لهذا العام بإعادة تصديره مرة أخرى بعد توقفه منذ بداية الحرب عام 2015.

ويشير إلى أن هذا المورد وقطاعاته الإنتاجية تستثمر فيها وتديرها شركات فرنسية وأميركية وبريطانية وكورية جنوبية ونمساوية وسويدية وكندية وغيرها، وهناك ديون لم يتم تسويتها لهذه الشركات وهذه الدول بناءً على عقود واتفاقيات مختلفة معها لاستغلال هذا القطاع.

وكان هناك مؤشرات وتوجهات لتسوية تلك الديون مطلع العام الحالي، لكن الأمر قد يختلف الآن من وجهة نظر يحيى، بسبب إفرازات الأزمة الاقتصادية العالمية والحرب في أوكرانيا من تأثيرات وتبعات تجارية ومالية ومصرفية واقتصادية واتجاه مؤسسات وشركات بإيعاز من الدول التي تتبعها لاسترداد ديونها، وقد يكون اليمن من أكبر الضحايا نظراً للديون المتراكمة التي يعاني منها، وما يترتب عليها من فوائد للمقرضين وعجزه عن تسديدها.

ويتسم الوضع المالي لليمن بالاختلال العميق والتدهور الشديد، حيث دخلت المالية العامة في أزمة حادة برزت ملامحها في ارتفاع عجز الموازنة وارتفاع نسبة الدين المحلي نتيجة تراجع الإيرادات العامة بكافة مصادرها، الإيرادات الضريبية وغير الضريبية والنفطية وفائض أرباح المؤسسات العامة.

وفي المقابل، توقفت النفقات الاستثمارية وانخفضت النفقات العامة الجارية إلى أدنى مستوياتها وعدم وفائها بالحد الأدنى من المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية، فضلاً عن انقسام المؤسسات المالية والنقدية، وغياب البيانات الموحدة للمالية العامة.

المساهمون