مخاوف من تفاقم أزمة الفقر في المغرب بسبب كورونا

29 سبتمبر 2020
تزايد في مستويات الفقر في المملكة (فرانس برس)
+ الخط -

تداعيات تفشي فيروس كورونا، سترفع نسبة الفقر في المغرب إلى 19.87% خلال 2020 من 17.1% في 2019، وفق تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط، ومنظمة الأمم المتحدة، والبنك الدولي.

التقرير الذي جاء بعد دراسة الأثر الاجتماعي والاقتصادي لوباء "كوفيد- 19"، في المغرب، خلال أغسطس/ آب الماضي، يفتح الباب أمام سيناريوهات أكثر تشاؤمًا حيال الاقتصاد المحلي.

وقبل ذلك، أظهرت إحصائيات رسمية صادرة عن مندوبية التخطيط (حكومية مكلفة بالإحصاء)، نشرت في 19 مايو/ أيار الماضي، أنّ ثلث أسر المملكة لا تملك مصدراً للدخل بسبب توقف أنشطتها أثناء الحجر الصحي، بينما هناك 34% أي ثلث الأسر المغربية، لا تحصل على مصدر دخل بسبب الحجر.

ترى مندوبية التخطيط ومنظمة الأمم المتحدة في المغرب والبنك الدولي، أنّ تداعيات الأزمة الصحية الناتجة عن تفشي "كوفيد-19" ستدفع مليوناً و58 ألف مغربي نحو الفقر.

المذكرة المشتركة للهيئات الثلاث، أوضحت أنّ "تداعيات أزمة كورونا، ستتسبب خلال السنوات القادمة في اتساع قائمة الفقراء بشكل غير مسبوق في المغرب".

عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة محمد الخامس بالرباط (حكومية)، يرى أنّ "التوقعات الحالية المرتبطة بارتفاع عدد فقراء البلد، ليست عالية، مقارنة بالضرر الواقع على الاقتصاد".

ويقول الكتاني لـ"الأناضول": "الآن هناك قناعة أنه سيكون هناك ارتفاع في نسبة الفقراء.. ما الخطوة المقبلة الواجب اتخاذها رسمياً؟ خصوصاً أنّ الفقر في المغرب يأخذ طابعاً جغرافياً، إذ يأتي من المناطق الريفية ويذهب نحو المدن".

"تجب دراسة التطور الجغرافي للفقر وهجرته من الأرياف نحو المدن، لا دراسة ارتفاع الفقر فقط، وإنما حركة نموه في المدن، وهذا أخطر"، بحسب الكتاني.

ويتابع: "الفقير في الأرياف كلفته قليلة وعلاجه أصعب في المدن، وبالتالي العلاج يجب أن يكون في البداية وليس بعد الانتقال إلى المدن".

ويذهب المتحدث إلى أنّ "أزمة كورونا كان لها الأثر الكبير في المدن بخلاف البوادي"، مشيراً إلى أنّ "الوباء مكلف في المدن، لأن أحزمة الفقر منتشرة حولها، مع تنامي مظاهر الجهل والإجرام".

ويوضح: "هنا يكمن المشكل الأساسي للفقر في المغرب، وهو حركية الفقر، فالمدن مهددة بالانفجار بسبب وضع الفقر، لأنها هي التي تنتج وظائف جديدة، بينما البوادي لا تنتج وظائف جديدة وترتبط بالفلاحة".

من جهته، يرى المهدي فقير، الخبير الاقتصادي المغربي، في تصريح لـ"الأناضول"، أنّ "المخاوف من ارتفاع عدد الفقراء في المغرب بسبب تداعيات كورونا لها ما يبررها".

ويوضح فقير أنّ ثلاثة أسباب تدفع في اتجاه ارتفاع نسبة الفقر في المغرب بسبب تداعيات الجائحة، "الأول أن البلاد تعاني من أزمة اقتصادية، فالجائحة خلفت توقفاً للنشاط الاقتصادي في عدد من القطاعات، وتسريح للعمالة".

والسبب الثاني، بحسب فقير، يتمثل في "تقليص عدد ساعات العمل، مما سيخلف محدودية الدخل لمئات أو الآلاف من الأسر، أما الثالث فهو تضرر القطاع الغير المنظم، مما سيؤثر كثيرا على مناصب الشغل. صحيح أنّ المخاوف مبررة ومشروعة، لكن حجم التأثير سيظهر جليا مع مرور الوقت، يجب الانتظار قليلاً لتقييم الوضع".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويحذر الكتاني، من "التوجه نحو منح الأسر المغربية دعما ماليا مباشرا بدون مقابل إنتاجي، أتخوف من أن ندخل الريع للفقراء، لا يجب أن نعطيهم النقود للاستهلاك".

ويعتبر أنّ "اللجوء إلى منح مالية مباشرة للاستهلاك، ستساهم فقط في الحفاظ على الفقر"، بينما "قد تكون الآلية ناجعة إذا تعلق الأمر بالعجزة والأرامل، وأطفال الشوارع".

وسبق للمغرب، أن أطلق مبادرة اجتماعية قبل 15 عاما، سميت بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية "برنامج لمحاربة الفقر" المرحلة الأولى ما بين 2005 و2010، والمرحلة الثانية ما بين 2011 و2015.

وخلال سبتمبر/ أيلول 2019، أطلق المغرب المرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية تمتد 5 سنوات، بميزانية تقدر بنحو 18 مليار درهم.

(الأناضول)