مخاوف زراعية سودانية من طوفان النيل

15 يونيو 2021
المنسوب العالي الذي يسببه إفراغ تكزي قد يؤثر على صغار المنتجين (فرانس برس)
+ الخط -

أنذرت إدارة مياه النيل في وزارة الري والموارد المائية السودانية مواطني مناطق سدّي أعالي عطبرة وستيت وخشم القربة من ارتفاع منسوب مياه نهر ستيت وأعالي عطبرة، وذلك إثر تلقيها إخطارا رسميا من إثيوبيا للمباشرة بإفراغ سد تكزة.

وقال خبير السدود، أبوبكر مصطفى، لـ"العربي الجديد"، إن المنسوب العالي الذي يسببه إفراغ تكزي قد يؤثر على صغار المنتجين وعلى الزراعة في الجروف والرعاة في المناطق المذكورة، فضلا عن الآثار البيئية الأخرى، خاصة أن منطقة نهر عطبرة رعوية وتكثر فيها البرك وتعتبر مصدرا لمياه سقاية المواشي والإبل والحيوانات الأُخرى.

وقد أنشأت الحكومة الإثيوبية سد تكزة في مقاطعة تيغراي، وهو أحد روافد نهر النيل عبر عطبرة، وأُنشئ لتوليد 300 ميغاواط من الطاقة الكهرومائية التي تعمل إثيوبيا على تصديرها إلى دول الجوار، فيما يُعد أعلى سد خرساني ثنائي الأقواس يُنشأ في القارة السمراء، وانتهى العمل عليه في 15 نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2009.

وشارك في إنشاء سد تكزي كونسورتيوم مكوّن من "سينو هيدرو" و"شركة الصين الوطنية لمصادر المياه وهندسة الطاقة المائية" و"سور للإنشاءات" بتكاليف إجمالية بلغت 224 مليون دولار.

وتم توقيع العقد في العام 2002، حيث بدأ في توليد الطاقة التي تدخل عن طريق شبكة الكهرباء من محطة مكعيله في إثيوبيا. وتتوقع الإدارة العامة لشؤون مياه النيل في وزارة الري والموارد المائية ارتفاع منسوب المياه أمام وخلف سدّي أعالي عطبرة وستيت، وأمام وخلف خزان خشم القربة حتى مدينة عطبرة، داعية المواطنين إلى اتخاذ التحوطات اللازمة للحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم استعدادا لحدوث أي طارئ.

مدير "إدارة السدود" في السودان، معتصم العوض، قال لـ"العربي الجديد" كشف التفاصيل الجديدة عن إفراغ تكزي، لافتا إلى أن إدارة الكهرباء الإثيوبية أخطرت الجهاز الفني للموارد المائية السوداني بإفراغ السد استعدادا لموسم الفيضان والأمطار، وأوضحت أن عملية إفراغه سوف تستغرق 15 يوما، علما أنه يضخ 2.5 مليار متر مكعب من المياه.

ونفى مدير السدود تسبب عملية الإفراغ في حدوث فيضانات، وإنما ستقتصر النتائج على زيادة في المنسوب عند المناطق المُشار إليها، علما أن السودان سوف يستفيد من هذه المياه في توليد الكهرباء بمروى، فضلا عن إسهامها في تنشيط حمولة التوربينات بأعالي عطبرة.

وتهدف إثيوبيا من هذا السد إلى الحصول على ملايين الدولارات بالعملة الأجنبية عن طريق تصدير الطاقة الكهربائية باتجاه دول الجوار، مثل السودان وجيبوتي وكينيا، وقد سبق للسودان أن اشترى 100 ميغاواط من إنتاجه بعد تدشين شبكة الربط الكهربائي بين البلدين المتجاورين.

من جهته، قلل وكيل وزارة الري والموارد المائية في السودان، ضوالبيت عبدالرحمن منصور، في حديث لـ"العربي الجديد"، من احتمالات حدوث خسائر جراء ارتفاع منسوب مياه النيل في ستيت وعطبرة بسبب إفراغ سد تكزي، متوقعا أن يؤدي ذلك إلى انتظام جريان المياه في نهر عطبرة عبر تحويله من نهر موسمي إلى نهر دائم الجريان.

وأشار مصطفى الى أن سد تكزي يوفر للسودان كمية كبيرة من المياه لاستغلالها في التوليد الكهربائي، والتحضير لري الموسم الزراعي الصيفي.

يأتي ذلك في وقت يتخوف السودان من مخاطر شديدة وتداعيات ضخمة عليه جراء إقامة سد النهضة الإثيوبي وصدمة الملء الثاني للسد، وفي الوقت الذي تتعثر فيه المفاوضات المتعلقة بالسد مع إصرار أديس أبابا على الإضرار بحقوق مصر والسودان المائية، شرعت وزارة الري والموارد المائية السودانية فعليا في عمليات تخزين كبرى للمياه بخزانات البلاد لتوفير احتياطي مقدر من مياه النيل تحسبا للانحسار المحتمل في يوليو/ تموز وحتى أغسطس/آب 2021 القادمين، وهو الموعد المعلن من السلطات الإثيوبية للملء الثاني لسد النهضة، والذي يؤدي لتناقص حصتي السودان ومصر من مياه النيل بمقدار 13.5 مليار متر مكعب، حسب تقديرات رسمية.

وثارت مخاوف في أوساط السودانيين من التداعيات الكارثية المتوقعة لسد النهضة وأبرزها الغرق في أزمات غذائية، والمعاناة من نقص حاد في الكهرباء، بسبب شح المياه المرتقب، وتأثيرات خطيرة على الزراعة والإنتاج الحيواني والصادرات والصيد وإنتاج الطاقة وغيرها.

وسبق أن قال وزير الطاقة والنفط، جادين علي عبيد، لـ"العربي الجديد" إن تأثير الملء الثاني لسد النهضة على التوليد الكهربائي بدأ فعليا، مشيراً إلى ترتيبات تجريها آنيا وزارة الري والموارد والخاصة بالتخزين المائي، تحسبا لأسوأ الاحتمالات.

المساهمون