مخاطر المنطقة تدفع شركات الطيران باتجاه أجواء أفغانستان.. هل هي أكثر أمناً؟

23 اغسطس 2024
طائرة تابعة للخطوط الجوية السنغافورية تهبط في مطار برشلونة، 1 مايو 2024 (خوان فالس/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تزايد الرحلات الجوية فوق أفغانستان**: تصاعد التوترات الإقليمية بين إيران وإسرائيل دفع شركات الطيران مثل السنغافورية والبريطانية ولوفتهانزا لاستخدام الأجواء الأفغانية، التي تعتبر أكثر أماناً نسبياً بعد إغلاق الأجواء الروسية منذ 2022.

- **تحليل المخاطر وتوجيهات الطيران**: تعتمد شركات الطيران على تحليل المخاطر وتوجيهات الطيران الدولية، حيث سمحت إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية (FAA) بالتحليق على ارتفاعات محددة فوق أفغانستان، رغم المخاوف بشأن سلامة الطاقم والركاب.

- **ضغوط اقتصادية وقرارات السلامة**: تواجه شركات الطيران ضغوطاً لتوفير المال بعد خسارة المسارات الأقصر عبر روسيا، وتُترك قرارات السلامة لتقدير الشركات الفردية، مما يجعل وسط أفغانستان طريقاً مباشراً إلى جنوب آسيا من أوروبا.

دفعت المخاطر المتصاعدة في المنطقة بمجموعة من شركات الطيران باتجاه أجواء أفغانستان، لكن هل هذه الأجواء آمنة بما تكتنفه من أخطار هي الأُخرى؟ فقد زادت الخطوط الجوية السنغافورية، والخطوط الجوية البريطانية، ولوفتهانزا الألمانية، رحلاتها فوق أفغانستان بعد سنوات من تجنبها إلى حد كبير بعد أن جعلت التوترات الإقليمية الناشئة من العدوان الإسرائيلي على غزة هذا الخيار يبدو آمناً نسبياً.

وقبل ثلاث سنوات عندما سيطرت حركة طالبان على السلطة وتوقفت خدمات مراقبة الحركة الجوية، توقفت معظم شركات الطيران عن عبور أفغانستان، التي تقع على الطرق الرئيسية بين آسيا وأوروبا. ولم تُستأنف هذه الخدمات بعد، لكن شركات الطيران تعتبر بشكل متزايد أن الأجواء بين إيران وفلسطين المحتلة أكثر خطورة من المجال الجوي الأفغاني. ولذلك، بدأ العديد منها السفر عبر إيران والشرق الأوسط بعد إغلاق الأجواء الروسية أمام معظم شركات الطيران الغربية عندما بدأت الحرب الأوكرانية في عام 2022.

لكن مع تطور الصراعات، تغيرت حسابات المجال الجوي الذي يجب استخدامه عند إدارات شركات الطيران التي تسعى إلى تخفيف المخاطر قدر الإمكان، وترى أن التحليق فوق أفغانستان هو الخيار الأكثر أماناً في ضوء التوترات الحالية بين إيران وإسرائيل، حسب ما نقلت وكالة رويترز عن إيان بيتشنيك، المتحدث الرسمي باسم منظمة تتبع الرحلات الجوية "فلايت رادات 24" (Flightradar24).

ووفقاً لتحليل أجرته "رويترز" لبيانات المنظمة هذه، فقد زاد عدد الرحلات الجوية فوق أفغانستان في الأسبوع الثاني من أغسطس/ آب الجاري، بأكثر من سبعة أضعاف عما كان عليه خلال نفس الفترة من العام الماضي. وبدأ هذا التحول في منتصف إبريل/ نيسان خلال الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار المتبادلة بين إيران وإسرائيل.

وتظهر بيانات تتبع الرحلات الجوية منذ ذلك الوقت أن لوفتهانزا والخطوط الجوية السنغافورية والخطوط الجوية البريطانية وغيرها بدأت في إرسال بضع رحلات جوية يومياً فوق أفغانستان. لكن النمو الرئيسي حدث منذ اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والمسؤول العسكري الكبير في حزب الله أواخر يوليو/ تموز المنصرم، مما أثار مخاوف من حدوث تصعيد كبير.

غير أنّ بعض الطيارين يشعرون بالقلق، حيث نقلت "رويترز" عن أوتجان دي بروين، وهو طيار تجاري ورئيس جمعية قمرة القيادة الأوروبية، قوله: "أنت تعتمد على تحليل شركة الطيران الخاصة بك. في كل مرة أسافر فيها إلى هناك، لا أحب الشعور بالطيران فوق منطقة صراع لا تعرف ما يحدث فيها على أرض الواقع، إلا أنها ستبقى تبدو آمنة بما فيه الكفاية، حتى يثبت العكس".

بدورها، صرّحت مجموعة لوفتهانزا الألمانية لـ"رويترز"، بأنها قررت استئناف التحليق فوق المجال الجوي الأفغاني اعتباراً من أوائل يوليو. وتظهر البيانات أن شركات الطيران الأخرى التي زادت رحلاتها الجوية منذ إبريل، تشمل الخطوط الجوية التركية، والخطوط الجوية التايلاندية، ومجموعة الخطوط الجوية الفرنسية "كي إل إم" التي قالت لـ"رويترز"، إنه "استناداً إلى معلومات أمنية فعلية، فإنّ الخطوط الجوية الملكية الهولندية وشركات الطيران الأخرى تحلق حالياً بأمان فوق أفغانستان على طرق محددة وعلى ارتفاعات عالية فقط".

مسار شركات الطيران بناء للسلامة والإرشادات الدولية

وفيما لم تستجب الخطوط الجوية البريطانية والخطوط الجوية التايلاندية والخطوط الجوية التركية والخطوط الجوية السنغافورية لطلبات التعليق، بدأت شركة "إيفا إير" (EVA Air) التايوانية رحلاتها فوق أفغانستان في أواخر يوليو، حسبما تظهر بيانات تتبع الرحلات. وقالت الشركة لرويترز إنها تختار المسارات بناء على السلامة والوضع الدولي الحالي وإرشادات الطيران.

وقد تم تسهيل تغييرات المسار من خلال تسهيل منظمي الطيران التوجيهات بشأن أفغانستان. وقالت إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية (FAA) في أوائل يوليو الماضي، إن الطائرات يمكن أن تطير على ارتفاع منخفض فوق جزء من شمال شرق أفغانستان، وهو ممر واخان الذي يستخدم للعبور من طاجيكستان إلى باكستان، مما يفتح هذا المسار أمام المزيد من أنواع الرحلات الجوية.

وقبل ذلك بعام، رفعت إدارة الطيران الفيدرالية الحظر الذي فرضته على التحليق فوق البلاد بأكملها، لكنها قالت إن الطائرات يجب أن تبقى فوق 32 ألف قدم (9753.6 متراً) حيث تعتبر أسلحة أرض جو أقل فعالية. لكن القليل منهم بدأوا في استخدام أفغانستان حتى إبريل.

لا مراقبة جوية لحركة شركات الطيران فوق أفغانستان

وقالت مجموعة "أوبس غروب" (OPSGROUP) لسلامة الطيران في يوليو، إنه على الرغم من أن المزيد من حركة المرور تستخدم المجال الجوي دون وقوع حوادث، إلا أنه لا يوجد ضمان لسلامة الطاقم أو الركاب إذا اضطرت الطائرة إلى الهبوط. وفي غياب مراقبة الحركة الجوية، يتحدث الطيارون الذين يعبرون أفغانستان مع الطائرات القريبة عبر الراديو وفقاً لبروتوكول وضعته منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو) التابعة للأمم المتحدة وهيئة الطيران المدني الأفغانية.

وقالت وكالة سلامة الطيران الأوروبية (EASA) في نشرة معلومات عن منطقة الصراع أعيد إصدارها في يوليو، إن "الجماعات المتطرفة غير الحكومية لا تزال نشطة وقد تستهدف بشكل متقطع منشآت الطيران بطرق متعددة". وتطارد صناعة الطيران ذكرى رحلة الخطوط الجوية الماليزية MH17 المتجهة من أمستردام إلى كوالالمبور، والتي أسقطت فوق شرق أوكرانيا في عام 2014، مع احتدام القتال بين الانفصاليين الموالين لروسيا والقوات الأوكرانية.

هذا وتتعرض شركات الطيران لضغوط لتوفير المال بعد خسارتها منذ عام 2022 للعديد من المسارات الأقصر عبر المجال الجوي الروسي، ومع إعادة البناء بعد الوباء. وهناك عدد قليل من القواعد الدولية التي تحدد مناطق المجال الجوي الآمنة، وتترك قرارات سلامة شركات الطيران إلى حد كبير لتقدير شركات الطيران الفردية.

وإذا لم تتمكن شركات طيران من الطيران عبر روسيا أو أوكرانيا أو إيران، فإن وسط أفغانستان يوفر طريقا أكثر مباشرة إلى جنوب آسيا من أوروبا.

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون