استمع إلى الملخص
- العوامل الرئيسية لزيادة العائدات تشمل التطبيق المتراخي للعقوبات، ارتفاع أسعار النفط العالمية، وزيادة الطلب الصيني، مع استخدام إيران لشركات وناقلات متخفية لتصدير النفط.
- الصين تستورد 89% من صادرات النفط الإيرانية، مما يمثل 10% إلى 12% من وارداتها، مما يعكس تنسيقاً جيوسياسياً قد يؤدي إلى توترات عالمية.
يرى المحلل الأميركي أرييل كوهين أن التقرير الذي أصدرته مؤخرا إدارة معلومات الطاقة الأميركية بشأن صادرات النفط الإيراني، يبرز كتذكير صادم بأن العقوبات المتقطعة من جانب إدارتي الرئيس السابق باراك أوباما والرئيس الحالي جو بايدن على طهران كان مآلها الفشل. وقال كوهين، وهو المدير الإداري لبرنامج الطاقة والنمو والأمن في مركز الضرائب والاستثمار الدولي، وزميل أول غير مقيم في المجلس الأطلسي، في تقرير نشرته مجلة ناشونال انترست الأميركية، إن العقوبات وحدها ليست وسيلة ناجعة. ومنذ عام 2020، زادت عائدات إيران من الصادرات النفطية قرابة أربعة أضعاف، من 16 مليار دولار إلى 53 مليارا في عام 2023، وفقا لإدارة معلومات الطاقة.
وبعد أن سحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، في خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2018 وأعاد فرض العقوبات على إيران، انخفض إنتاج طهران إلى ما يصل إلى مليوني برميل يومياً. وقالت وكالة بلومبيرغ، الشهر الماضي، إن إنتاج النفط الإيراني يعمل بكامل طاقته تقريباً، على الرغم من العقوبات الأميركية، وسط تهديدات إسرائيلية باستهداف البنية التحتية النفطية في طهران، في حرب إقليمية موسعة. وبلغ إنتاج إيران من النفط 3.4 ملايين برميل يومياً، أي أقل ببضع مئات الآلاف من البراميل من الرقم القياسي السابق البالغ 3.9 ملايين.
عوامل ارتفاع عائدات النفط الإيراني
وأضاف كوهين أن "هناك ثلاثة عوامل تفسر هذا التغيير الدراماتيكي: وهى التطبيق المتراخي للعقوبات من جانب إدارة بايدن، وارتفاع أسعار النفط العالمية وتعطش الصين للنفط، الذي نتجت عنه شراكة أوثق مع إيران". ولم يلغ الرئيس بايدن رسميا أي عقوبات نفطية ضد إيران، ولكن من جهة أخرى، لم تصدّر إيران رسميا أي نفط إلى الصين أيضا. وتستغل طهران مجموعة كبيرة من الشركات للتمويه، وناقلات النفط المتخفية لإخفاء المنشأ الوطني لشحناتها من النفط. وقام العديد من شركات التأمين واللوجستيات الأميركية بالفعل بتسهيل نقل النفط الإيراني إلى الصين.
وتابع كوهين أنه بالطبع لا يمكن إلقاء اللوم بالكامل على السياسة الأميركية، فيما يتعلق بارتفاع عائدات إيران من النفط. ووثق تقرير إدارة معلومات الطاقة زيادة حادة في متوسط السعر السنوي للنفط الخام الإيراني من 29 دولارا للبرميل في عام 2020 بسبب وباء كوفيد-19 إلى 84 دولارا في عام 2022. وتفسر الصدمات الاقتصادية الخارجية بشكل كبير هذا التغيير.
وفي أغسطس/آب 2023، قبل بدء الحرب الإسرائيلية على كل من غزة ولبنان، ذكرت بلومبيرغ أن "أشهراً من الدبلوماسية السرية" بين الولايات المتحدة وإيران "أسفرت عن تقدّم في تبادل الأسرى، والإفراج عن الأصول المجمدة، وربما حتى تخصيب إيران لليورانيوم". ويبدو أيضاً أنهم توصلوا إلى ترتيب غير رسمي بشأن تدفقات النفط. ورغم تحسّن الإنتاج، ما زالت العقوبات تعرقل تصدير النفط بشكل واسع، كما يعاني قطاع النفط الإيراني من نقص التكنولوجيا المتطورة والاستثمارات الأجنبية التي كانت ضرورية للحفاظ على مستوى الإنتاج المرتفع.
وأدى تخفيف القيود الخاصة بمكافحة وباء كوفيد-19 إلى زيادة الطلب على الطاقة، وخفضت الحرب بين روسيا وأوكرانيا إمدادات الطاقة. وتاريخياً، صدّرت إيران الكثير من نفطها إلى سورية وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية. غير أن الصين ظهرت كعميل لا غني عنه لصناعة البترول الإيرانية خلال السنوات الخمس الماضية. وتضاعفت صادرات إيران النفطية إلى الصين أربع مرات منذ عام 2019، من 308 آلاف برميل في اليوم إلى 1.2 مليون برميل في عام 2023. وانخفضت الصادرات الإيرانية إلى وجهات غير الصين من 1.4 مليون برميل في اليوم عام 2018 إلى 148 ألف برميل فقط في عام 2023.
وتعكس هذه الإحصائيات توجها أوسع نطاقا لرغبة الصين المتزايدة للإفلات من العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتنسيق مع إيران للقيام بذلك. وتشتري الصين ما يصل إلى 89% من الصادرات النفطية الإيرانية، ويمثل تقريبا 10% إلى 12% من إجمالي واردات الصين في عام 2023. ولم يعد بإلإمكان فصل مصالح الصين الجيوسياسية عن نظيرتها الإيرانية. ويوضح تعطش الصين ولهفتها لشراء كميات ضخمة من النفط من كل من إيران وروسيا استقطابا جوسياسيا، ربما يؤدى إلى حريق عالمي واسع النطاق. وخلال معظم القرن العشرين، كانت هذه الدول القوية الثلاث تعتبر كل منها الأخرى عدوة، والآن هى متحدة ضد الولايات المتحدة وحلفائها.
(أسوشييتد برس، العربي الجديد)