اتفق السودان ودولة جنوب السودان على فتح التجارة والمعابر الحدودية بين البلدين في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل عقب زيارة قام بها رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، إلى دولة جنوب السودان اتفق خلالها مع الرئيس سلفاكير ميارديت، على أهمية استئناف حركة التجارة بين البلدين.
سبق أن قررت الحكومة السودانية فتح المعابر الحدودية مع دولة جنوب السودان، والبالغ عددها 9 معابر، إلا أنها لم تفعل ذلك لعدم وجود ضوابط وقوانين تحكم التجارة بين البلدين بجانب عدم استقرار الولايات الحدودية.
وحسب تجار وخبراء اقتصاد لـ"العربي الجديد"، فإن فتح المعابر يعمل على استقرار واستغلال الموارد بين البلدين خاصة الشريط الحدودي الغني بموارده من الثروة الحيوانية والزراعية. ويقدر عدد سكان ولايات التماس الحدودية بحوالي 7 ملايين نسمة.
ومنذ أن قررت الحكومة السودانية في عام 2012 إغلاقا تاما للحدود مع دولة جنوب السودان لم تنتظم الحركة التجارية، ووصلت العلاقات بين الخرطوم وجوبا إلى انهيار شبه تام قبل أن تغرق دولة جنوب السودان في المشكلات.
وعزز غلق الحدود بين دولتي السودان وجنوب السودان، من اعتماد المستوردين والتجار على ميناء "ممبسا" الكيني الذي يورد لأسواق جوبا المنتجات.
وأظهرت إحصاءات رسمية صدرت في أوغندا عام 2012 أن ما يتجاوز نسبة 45% من صادراتها للخارج، تذهب إلى جنوب السودان.
وأثر إغلاق المعابر الحدودية بين البلدين سلبا على الخرطوم وجوبا، وخلف آثارا اقتصادية لازالت تلقى بظلالها على الشعبين.
وتوقع خبراء اقتصاد ارتفاع عائدات التبادل التجاري السنوي بين السودان وجنوب السودان إلى ملياري دولار سنوياً، عقب فتح المعابر.
ويقول الخبير الاقتصادي السوداني، بابكر إسحاق، لـ"العربي الجديد" إن جميع وسائل النقل بالسودان جاهزة لمد دولة الجنوب بجميع السلع الغذائية والدوائية والملبوسات، ولكن يجب أن تكون السلع المصدرة من السودان من المنتجات المحلية على أن تستثنى المواد المستوردة من الخارج كالسكر والدقيق والزيوت والمحروقات.
وتعتمد جنوب السودان على أكثر من 160 سلعة من السودان، وظلت هناك حركة تهريب كبيرة لهذه السلع إلى الجنوب عبر البر باستخدام السيارات والدواب، حسب مراقبين.
ووفق إسحاق، فإن السلع التي سيتم تبادلها لن تجد صعوبة في التسوق، مطالباً بأهمية وجود منافذ مصرفية وجمركية لتسهيل العملية التجارية، وكذلك لابد من تأمين الطرق البرية والنهرية والجوية وتسهيل الإجراءات بإبرام اتفاقيات في مجالات النقل بكل أنواعه.
وفي نفس السياق، قال الخبير الاقتصادي، التوم بابكر، لـ"العربي الجديد" إن خطوة فتح المعابر تهدف إلى تمتين العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بين البلدين. ولكنه يرى أهمية وضع اتفاق واضح حتى لا تهزم السياسات.
وأضاف أن جنوب السودان تحتضن بداخلها جنسيات كثيرة تعمل في المجال التجاري، وفتح المعابر ربما يتيح لهم إدخال سلع غير مرغوب فيها مع العابرين للسودان.
وقال: "هناك أكثر من 160 سلعة سودانية مطلوبة وهي فرصة لرجال الأعمال السودانيين لزيادة الصادرات".
واعتبرها فرصة للاستفادة من العمالة في مواسم الحصاد، مشيرا إلى وجود صناعات سودانية من البسكويت والزيوت والحلوى تعزز من قيمتها، وقد تكون بداية لنهضة صناعية تزيد من حجم السوق، ولكنها تتطلب من أصحاب الأعمال الوصول إلى صيغ وتفاهمات مشتركة.
وطالب بابكر بالحرص على أن تقابل هذه التجارة عملة حرة، حتى لا تذهب أي سلعة دون إجراءات مصرفية وقانونية. وقال يجب أن نحصر تجارة الحدود في السلع ذات المنشأ الوطني عبر قوانين يتفق عليها الطرفان.
أثر إغلاق المعابر الحدودية بين البلدين سلبا على الخرطوم وجوبا، وخلف آثارا اقتصادية لازالت تلقى بظلالها على الشعبين
وتمنى أن تواجه الدولتان تلك الإجراءات بالاهتمام بالتدريب والاستعانة بتجارب دول سابقة في هذا المجال وعمل تصور كلى عبر منظمات عالمية وإقليمية حتى تستمر تجارة المعابر، وفقا لرؤية مستقبلية سياسيا واقتصاديا على أسس سليمة ومقتبسة من تجارب ناجحة.
ويرى المختص في شؤون جنوب السودان، ديفيد شان، في حديثه لـ"العربي الجديد" أنه من الجيد فتح الحدود بين البلدين، متمنيا استقرار الأوضاع في المناطق الحدودية.
وأشار إلى أن العادات والثقافات في الطعام تكاد تكون متقاربة، إضافة إلى الثقة الكبيرة من المواطن الجنوبي تجاه المنتجات السودانية.
ولكنه يرى أن اتساع رقعة الحدود بين البلدين يتطلب حماية مشتركة من الدولتين، مؤكدا أن الاقتصاد في دولة الجنوب يعاني انهيارا، كما أن العملة الجنوبية أصبحت لا قيمة لها وتحتاج إلى عقود من الزمان حتى تتمكن من التعافي.
أما المختص في الشأن الجنوبي، دينق ليل، فقال لـ"العربي الجديد" إن السلع السودانية سوف تنافس في أسواق جوبا أكثر من السلع الأفريقية. ونادى بكونفدرالية اقتصادية تساهم في تحسن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للبلدين.