لم يكن الفلاح الجزائري، عيسى لعياط، من محافظة البويرة جنوبي العاصمة، يتوقع أن يتحول موسم الثوم إلى كابوس يؤرقه، ليس لشحه، وإنما لوفرته وعدم القدرة على تصريفه في الأسواق التي تشهد تخمة في المعروض.
يقول لعياط لـ "العربي الجديد"، إن محصوله من الثوم لهذا العام فاق 300 طن، واضطر إلى توجيه نصف الكميات في شاحنات نحو المصانع المنتجة للمواد الغذائية، بينما وضع النصف الثاني من المحصول في غرف تبريد خاصة وسط ارتفاع التكاليف، إلى حين إيجاد زبائن.
وحسب الأمين العام للاتحاد العام للفلاحين الجزائريين، محمد عليوي، فإن الجزائر تواجه أزمة وفرة إنتاج الثوم، مشابهة لسيناريو محاصيل "البطاطا" و"الطماطم" التي تسجل سنويا نسبا قياسية، دفعت بالحكومة الجزائرية للتدخل لشراء المحاصيل وإيجاد حلول لتصديرها.
وقال عليوي، لـ"العربي الجديد"، إن "إنتاج الثوم بلغ في الهكتار الواحد (10 آلاف متر مربع) بين 500 و600 قنطار، مقابل معدل موسمي لا يتعدى 300 قنطار". من جانبه، كشف رئيس المجلس الوطني متعدد الشعب الزراعية، معزوزي مصطفى، أن إنتاج الجزائر من محصول الثوم لهذه السنة، سيبلغ 10 ملايين طن، منها 6 ملايين طن موجهة للإنتاج الصناعي، كاشفا في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن "27 وحدة صناعية فقط تحتاج لهذه المادة سواء لإنتاج "ثوم مفروم" أو أكلات وصلصات جاهزة".
وأمام هذه المعطيات، أضحت مصانع الأغذية، الحل الأمثل للفلاحين من أجل إنقاذ موسمهم، حيث لا يكاد يخلو طريق مؤد لهذه المصانع من الطوابير الطويلة التي تصنعها الشاحنات والجرارات ومركبات النقل في رحلة تفريغ حمولتها. وتوصل المزارعون والمصانع إلى اتفاق يحفظ حقوق الطرفين، يتم من خلاله تحديد السعر المرجعي للتسويق بـ 200 دينار (1.50 دولار) للكيلوغرام، مع استفادة الطرفين من دعم الدولة المقدر بـ 1.5 دينار للكيلوغرام الواحد للمصنع ودينارين للكيلوغرام للمزارع.
وقال حمود درباشي، مسؤول التخزين في إحدى الشركات المنتجة للصلصات المُعلبة، إن العرض بات يفوق الطلب بكثير، بما يتجاوز طاقات تخزين الشركات. وأضاف درباشي لـ "العربي الجديد" أن "هناك من الفلاحين من يمكث 4 أيام في الطابور لكي يبيع محصوله، وهناك من يضطر إلى شراء الأماكن، فعلا الأمر مؤسف، لكن هذه هي قواعد السوق".
وعكس الحلول التي تم التوصل إليها خلال أزمة وفرة محاصيل البطاطا والطماطم وبعض الفواكه في السنوات الماضية، استبعد ناصر باي، رئيس جمعية المصدرين الجزائريين أن "يكون التصدير حلا ممكنا في الوقت الراهن، وذلك لعدم توفر الجزائر على آليات تساعد في ذلك، بداية من غياب النقل بسبب جائحة كورونا، بالإضافة إلى البيروقراطية التي تجمد طلبات التصدير".
وقال: "نحن أمام محصول ثقيل البيع كما يُقال، رغم أهميته واستقرار استهلاكه في الأسواق عالميا، بالإضافة لمنافسة دول البحر الأبيض المتوسط للجزائر كالمغرب وإسبانيا واليونان".
وكانت الحكومة الجزائرية قد منعت استيراد 20 صنفا من الفواكه والخضر الموسمية والفصلية، منذ مطلع يناير/كانون الثاني المنصرم، وذلك بهدف حماية الإنتاج المحلي وكبح فاتورة الواردات". وتمتد مدة تجميد الاستيراد بالنسبة لبعض الأصناف إلى غاية 31 ديسمبر/ كانون الأول 2021.