وافق مجلس الوزراء اللبناني على سلفة خزينة بقيمة 62 مليون دولار لإفراغ الشحنة الأولى من "الغاز أويل" وذلك كبداية لحلّ أزمة البواخر العالقة منذ أيام في عرض البحر، وقد فاقت غرامات التأخير اليومية المليون دولار، كما أعطى مبلغ 54 مليون دولار لزوم صيانة وتشغيل معملي دير عمار شمالاً، والزهراني جنوباً.
وطلب مجلس الوزراء من وزير الطاقة وليد فياض التفاوض مع الشركة المورِّدة، حتى تُلقى الغرامات التي ممكن أن تلحق التأخير على المورِّد لا على الخزينة اللبنانية، بحسب ما أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
وترأس ميقاتي، صباح اليوم الأربعاء، جلسة لمجلس الوزراء هي الثانية له بهيئة تصريف الأعمال وفي ظل الشغور في سدّة الرئاسة الأولى، وقد لحظت مقاطعة 6 من وزراء "التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل، بمن فيهم وزير الطاقة وليد فياض، رغم أن البند الأساس على جدول الأعمال كان الكهرباء، في حين خرق وزير السياحة وليد نصار القرار، من خلال حضوره الجلسة، هو المعروف بقربه أيضاً من ميقاتي.
وأشار ميقاتي في تصريح له بعد الجلسة إلى أن المبالغ الأخرى المطلوبة لحدود 300 مليون دولار بقيت معلّقة بناءً لقرار لجنة وزارية تألّفت برئاسته وتضم وزراء الطاقة والتربية والأشغال العامة والداخلية والدفاع والعدل والثقافة ونائب رئيس الحكومة، بحيث ستجتمع لتطلع دورياً من مؤسسة كهرباء لبنان على كل ما يلزم لإبقاء التشغيل موجوداً.
ولفت إلى أنه "تبعاً للتقارير الدورية التي تصل، وفي حال رأينا أن التعدّيات تقلّصت وتحصيل الفواتير يتم بالشكل المطلوب، سنسير بالاعتمادات الأخرى، وإلا في حال التقاعس، لسنا مستعدين لدفع وصرف الأموال بلا جدوى".
كذلك، أشار ميقاتي إلى أن "الموافقة تمت على مبلغ 62 مليون دولار كاعتماد أساسي، ولو لم يحصل ذلك لكنا من دون نفط حتى آخر الأسبوع، خصوصاً في ظلّ تأخر وصول النفط العراقي"، لافتاً إلى أن "الدفع ليس مباشراً بل سيكون بعد 6 أشهر".
وتحدث ميقاتي بأن الجلسة لحظت مآخذ وزراء حول كيف أن البضاعة أتت قبل فتح الاعتماد، وجرى مناقشة المواضيع المتصلة بالملف بشكل واسع، معلناً بأنه جرى الاتفاق على عقد جلسة قريباً لبحث الأمور الطارئة والملحة التي يحتاج إليها المواطن.
وأكد ميقاتي أنه حريص على وحدة مجلس الوزراء، والجلسة اليوم كانت مريحة وسط تعاون بين الجميع، مشيراً إلى أن كل الوزراء الحاضرين تضامنوا بأن أي وزير يريد الانسحاب سننسحب كلّنا، من هنا كان أن بدأنا في بند الكهرباء تبعاً لجدول الأعمال، ونجحنا في الوصول إلى حلّ ولو لم يكن كاملاً لكنه يشكل البداية.
وغاب عن الجلسة اليوم 6 وزراء من "التيار الوطني الحر"، بينما شارك وزيرا "حزب الله" بعد اشتراطهما على ميقاتي عقد جلسة ببندٍ وحيد يتمثل بالكهرباء لحضورهما، ملوّحين بالمغادرة في حال البحث بملفات أخرى، علماً أن ميقاتي كان أمّن النصاب اللازم لإبقاء الجلسة قائمة حتى لو انسحب وزيرا "الحزب"، وذلك مع مشاركة وزير السياحة وليد نصار، ووزير الاقتصاد أمين سلام وهما كانا قاطعا الجلسة الأولى التي عقدت في 5 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وفضّل الوزراء التضامن مع وزيري الحزب والبحث فقط بملف الكهرباء، علماً أن جدول الأعمال كان موسعاً ويلحظ بنوداً عدّة منها ما يعنى بالبيئة والنفايات، والتربية والتعليم الرسمي، والصحة وما إلى ذلك.
وكان فياض تقدّم أول من أمس الاثنين بمبادرة لحلّ أزمة الكهرباء عبر مراسيم جوّالة، توقَّع من قبل رئيس الحكومة والوزراء من دون الحاجة إلى عقد جلسة "استفزازية" وبعيدة من سياسة الإقصاء، تبقى تحت سقف الدستور في ظل شغور سدة الرئاسة الأولى، وترعى الشراكة الوطنية وفق تعبيره، بيد أنها لاقت رفض ميقاتي، ما أجّج نار الخلاف أكثر بينه ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، وكذلك مع فياض الذي يشكو من عدم إجابة ميقاتي على اتصالاته.
وتقضي المبادرة بموافقة الحكومة على سلف خزينة لبواخر "الغاز أويل" بقيمة 62 مليون دولار، وفيول أويل "Grade A وGrade B" بقيمة 45 مليون دولار، إضافة إلى تمويل صيانة المعامل وخدمات التوزيع بنحو 54 مليون دولار، وذلك إلى جانب الحصول على موافقة لتمويل مبلغ إضافي بقيمة 140 ملايين دولار لتأمين احتياجات الأشهر المقبلة.
واتهم فياض وزير المال يوسف الخليل المحسوب على رئيس البرلمان نبيه بري بعرقلة السلفة رغم موافقته عليها في إطار خطة الكهرباء الشاملة والطارئة، التي لم تدخل حيز التنفيذ، علماً أن زيادة التعرفة هي وحدها التي أقرّت من دون أن تترافق مع تأمين ساعات تغذية للمواطنين.
وفي وقتٍ يرى فياض أن مبلغ الـ62 مليون دولار ليس كافياً، يشير إلى أن خطة الطوارئ للكهرباء التي أقرت بموافقة وزير المال ورئيس الحكومة، وتقوم على زيادة التعرفة ورفع ساعات التغذية إلى 10 تقريباً يومياً في الوقت نفسه، كانت تحتاج إلى تمويل لخمسة أشهر يصل إلى 600 مليون دولار، لكن مصرف لبنان وافق على إعطاء 300 مليون دولار، بما يعني تأمين من 4 إلى 5 ساعات كهرباء.
ويعاني لبنان منذ أكثر من سنة من انقطاع حاد في التيار الكهربائي، ما جعل اللبنانيون تحت رحمة أصحاب المولدات الخاصة الذين يتحكمون بالمواطن، برفع الأسعار واعتماد تقنين حاد، والتحايل على القانون بفرض منهم الدفع بالدولار النقدي، علماً أنّ وزارة الطاقة التي يحتكرها "التيار الوطني الحر" منذ أكثر من 10 سنوات تعدّ من أكثر الوزارات فساداً وهدراً للمال العام، وتنخر فيها الصفقات، بينما البلاد لا تزال تغرق في عتمة شاملة.