متى تحصي دولة الاحتلال خسائرها؟

10 أكتوبر 2023
هروب جماعي للسياح من المطارات الإسرائيلية (Getty)
+ الخط -

من المبكر جدا الحديث عن حصر دولة الاحتلال خسائرها الاقتصادية والمالية والاستثمارية جراء عملية عاصفة الأقصى غير المسبوقة، نظرا لضخامة الخسائر المتوقعة على كل المستويات، والتي تعمق الأزمات المعيشية داخل إسرائيل.

ومن المبكر أيضا وضع سيناريو لما سيكون عليه حال الاقتصاد الإسرائيلي في السنوات المقبلة، وحجم الخسائر الفادحة التي ستتعرض لها كل الأنشطة الاقتصادية المختلفة جراء الحرب الدائرة بين قوات الاحتلال والمقاومة الفلسطينية في غزة، وما يتبعها من تطورات اقتصادية مخيفة.

لكن نظرة إلى قرار بنك إسرائيل المركزي الصادر أمس الاثنين تبين حجم الخسائر المتوقعة من قبل حكومة الاحتلال والسلطات النقدية والمالية، وفداحة الأضرار المتوقعة سواء على موازنة الدولة وإيراداتها ومصروفاتها، أو على البنية التحتية، أو على معيشة المواطن العادي وأسعار السلع والخدمات.

رغم ضخ هذه السيولة الضخمة واصل سعر الشيكل تراجعه مقابل الدولار وسط اقبال شديد على حيازة النقد الأجنبي وتهريبه إلى الخارج

فقد قرر بنك إسرائيل المركزي أمس ضخ سيولةً نقدية عاجلة في الأسواق قيمتها 45 مليار دولار لمعالجة تداعيات عاصفة الأقصى الخطيرة على اقتصاد الاحتلال، منها 30 مليار دولار من العملات الأجنبية سيبيعها البنك للمستثمرين المحليين والأجانب الذين تدافعوا نحو البنوك والصرافات لشراء النقد الأجنبي وتخزينه أو تحويله وتهريبه إلى الخارج، و15 مليار دولار أخرى لحماية سعر الشيكل، الذي تهاوى ليسجل أدنى مستوى له في 8 سنوات.

ورغم ضخ هذه السيولة الضخمة واصل سعر الشيكل تراجعه اليوم الثلاثاء مقابل الدولار وسط اقبال شديد على حيازة النقد الأجنبي وتهريبه إلى الخارج.

هذا الضخ لمليارات الدولارات يعكس حجم قلق السلطات النقدية القادم من زيادة الطلب الضخمة وغير المسبوقة على النقد الأجنبي خاصة من قبل المستثمرين الأجانب الذين يفرون إلى الخارج، كما يعكس الضغوط الشديدة التي يتعرض لها الشيكل والتي تقوده لمزيد من التهاوي خاصة مع التراجع الحاد المتوقع في إيرادات دولة الاحتلال الدولارية.

فقد انهارت السياحة، وأوقفت شركات الطيران العالمية رحلاتها لدولة الاحتلال، وهربت الأموال الساخنة المستثمرة في البورصة وأدوات الدين الحكومية سواء سندات أو أذون خزانة، واندفع آلاف الإسرائيليين نحو تحويل مدخراتهم بالعملة المحلية الشيكل إلى الدولار أو اليورو خوفا من تآكل مدخراتهم وانهيارها في حال طول أمد الحرب واستمرار تهاوي الشيكل.

انهارت السياحة، وأوقفت شركات الطيران رحلاتها لدولة الاحتلال، وهربت الأموال الساخنة المستثمرة في البورصة والسندات

صاحب كل تلك التطورات مؤشرات قوية على حدوث انفلات في الإنفاق العسكري الإسرائيلي والبالغ حاليا نحو 32.3 مليار دولار مع توقعات قيام سلطة الاحتلال باجتياح قطاع غزة برا وبحرا وجوا، واستدعاء 300 ألف جندي احتياطي، في أكبر عملية استدعاء في تاريخ دولة الاحتلال.

ومن المتوقع أن تزيد كلفة خسائر الاقتصاد الإسرائيلي أيضا مع هروب الاستثمارات المباشرة مع خفض وكالات التقييم العالمية لتصنيف إسرائيل ومراجعة التقييم الائتماني لسندات الخزانة في دولة الاحتلال وجميع الأصول المالية الأخرى.

لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فالخسائر ستمتد لقطاع الطاقة في دولة الاحتلال، وهو مصدر رئيسي للإيرادات الدولارية، حيث تصدر البلاد غازا طبيعيا بمليارات الدولارات سنويا.

فقد علقت شركة شيفرون الأميركية، المشغلة لحقل تمار الإسرائيلي بالبحر المتوسط، عمليات إنتاج الغاز الطبيعي من الحقل حتى إشعار آخر. وهذا الحقل بالغ الأهمية لقطاع الطاقة حيث ينتج نحو 7.1 إلى 8.5 ملايين متر مكعب يومياً من الغاز الطبيعي، يقوم بتصديرها إلى أسواق خارجية منها مصر وأوروبا.

المساهمون