مبيدات خطرة في المغرب: سوق موازية تهدد صحة المستهلك

19 اغسطس 2023
منتجات زراعية في سوق بالمغرب (فاضل سينا/ فرانس برس)
+ الخط -

أعاد سحب شحنة بطيخ أحمر من السوق المغربية بسبب مبيدات ممنوعة، مسألة حماية المستهلك إلى الواجهة، في ظل الحرص على تصدير منتجات فلاحية تستجيب للمعايير التي تفرضها الأسواق الخارجية.

وهذه المرة الأولى التي يُسحب فيها منتج من السوق بسبب المبيدات، فقد سبق أن أحيل مزارعو نعناع إلى القضاء بسبب مبيدات ضارة، كذا تم إتلاف أطنان من البطاطس من جراء استعمال مبيدات غير مرخصة.

ودأب المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، التابع لوزارة الفلاحة، على الكشف عن حصيلة تتبع المبيدات، حيث يعمد إلى سحب بعضها ومنع بعضها الآخر وسط تشديد التوصيات في استعمال مواد فعالة.

وتشير التقديرات إلى أن المغرب يستورد ما بين 15000 و20000 طن من المبيدات سنويا، غير أن تلك البيانات لا تستحضر كميات مهمة من المبيدات التي تدخل السوق عبر شبكات التهريب، حيث كان المجلس الأعلى للحسابات، عبّر عن القلق الذي يثيره استعمال المبيدات في المجال الزراعي، مشددا على خطر بقايا المبيدات على صحة المغاربة.

وأكد المكتب تأهيل وتنظيم تجارة المبيدات التي يشدد على أن استيرادها يخضع لمعايير مراقبة قبل المصادقة عليها، للوقوف على مدى مطابقتها للمعايير المعتمدة، غير أنه رغم ذلك يجري الحديث عن وجود سوق موازية لتجارة المبيدات قد تكون ناجمة عن التهريب.

ويتجلى أن الاختلالات التي تعرفها سوق المبيدات، بما لها من تأثير على صحة المستهلك لم تعالج. فقد سبق لتقرير للمجلس الأعلى للحسابات، أن لاحظ ضعفا في مراقبة الخضر والفواكه التي تُعرَض في السوق المحلية، بينما تخضع المنتجات المعدة للتصدير للمراقبة من أجل الوقوف على مدى احتوائها على مبيدات ضارة.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ويلفت الفاطمي بوركيزية، الكاتب العام للجمعية المغربية للتنمية الفلاحية بجهة الدراالبيضاء- سطات، في حديث مع "العربي الجديد" عن الصادرات إلى أن المصدرين المغاربة ملزمون بالامتثال للمعايير التي تفرضها البلدان التي تتجه إليها الخضر والفواكه.

ويضرب مثلا ببلدان الاتحاد الأوروبي، الذي يرتبط معه المغرب باتفاقية للشراكة، حيث إن ذلك الفضاء الاقتصادي يضع معايير يفترض في المصدرين الامتثال لها، ما يعني عدم استعمال مبيدات في المنتجات المصدرة تمنعها التشريعات الأوروبية، وهذا يسري كذلك على الأسواق الأخرى مثل الولايات المتحدة الأميركية.

وشهدت صادرات المغرب من المنتجات الزراعية والغذائية ارتفاعا مطردا في الأعوام الأخيرة، حسب بيانات مكتب الصرف، حيث قفزت من 4 مليارات دولار في 2014 إلى 6.2 مليارات دولار في 2019 ثم 8.3 مليارات دولار في العام الماضي.

ويشدد بوركيزية على أن مشكل المبيدات يطرح على مستوى السوق المحلية، حيث يتجلى أن المزارعين لا يتخذون الاحتياطات الواجبة عند استعمال المبيدات، التي يمكن أن تنتهي في السوق دون أن تحيط بها آليات المراقبة المعتمدة.

ويضيف أن بعض المنتجين الذين يبحثون عن توسيع هوامش أرباحهم قد لا يحرصون على استعمال مبيدات تطابق المعايير التي يضعها المكتب الوطني للسلامة الصحية، ما يشكل خطرا على صحة المستهلك، ثم إن من المنتجين من لا يتقيدون بالتدابير الواجبة من حيث المقادير والمواقيت عند استعمال المبيدات.

وأوصى المجلس الأعلى للحسابات بالتحكم في قنوات توزيع تلك المبيدات ومراقبة استعمالها، مع العمل على إعادة النظر في حوكمة المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، بهدف تعزيز مصداقيته لدى المواطنين، وهو ما يمر في تصوره عبر استقلاليته عن السلطة السياسية.

ويعتبر محمد العربي، نائب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن المبيدات التي أفضت إلى منع تسويق البطيخ الأحمر في المغرب أو في الخارج في الفترة الأخيرة، ممنوعة على الصعيد العالمي. ويرى في حديث مع "العربي الجديد" أنه إذا كان القانون يفرض الحصول على ترخيص المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية عند الرغبة في استعمال مبيد ما، فإن ضبط مبيدات ممنوعة يعني أن هناك سوقا موازية أتاحت توفيرها.

ويؤكد أن استعمال مبيدات غير مصرح بها، والتي يمكن أن تضر بصحة الإنسان، يقتضي تنظيم السوق نظرا لحساسية تلك المنتجات، مع ضرورة التعامل بنوع من التشدد سواء عند التصدير أو توجيه المنتجات للسوق المحلية. ويشدد على أنه يفترض تجاوز الاختلالات التي تعرفها سوق المبيدات، التي تؤثر على صحة المستهلكين والعاملين في الحقول والمزارع، ما يعني ضرورة توعية المزارعين حول خطورة بعض المبيدات التي قد تأتي من السوق الموازية.

ويلاحظ الفني ياسين أيت عدي، أن السلع الفلاحية الموجهة للتصدير إلى الأسواق التي تفرض معايير مضبوطة، تحاط بمراقبة صارمة في المزارع ومحطات التعبئة، حيث يتم الحرص على تفادي بقايا المبيدات، التي قد تحول دون دخول الصادرات لتلك الأسواق.

ويشرح لـ "العربي الجديد" أن المزارعين، خاصة الصغار منهم لا يحيطون كثيرا بنوعية المبيدات التي يتوجب عليهم استعمالها، حيث يحصلون عليها في بعض الأحيان من محلات غير مرخصة، خاصة في الأرياف التي تتم فيها تجارة المدخلات والأدوية في الأسواق الأسبوعية، وهي مواد يصعب تتبعها.

المساهمون