نقلت وكالة "بلومبيرغ" عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن الولايات المتحدة والصين تبحثان الاتفاق على تدابير جديدة لمنع موجة من حالات التخلف عن سداد الديون السيادية في الأسواق الناشئة والدول الفقيرة.
وأضافت الوكالة أن المحادثات الحالية هي واحدة من أهم المحاولات منذ سنوات للتعاون الاقتصادي بين القوى العظمى المتنافسة.
وبدأت المحادثات بين الولايات المتحدة والصين قبل اجتماع في كاليفورنيا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بين الرئيسين جو بايدن وشي جين بينغ، واستمرت حتى هذا العام وفقاً للوكالة.
وتهدف المحادثات، بما في ذلك طرق تمديد فترات القروض استباقياً قبل أن تتخلف الدول عن السداد، إلى تخفيف عبء خدمة الديون السنوي الذي يزيد على 400 مليار دولار على الدول الفقيرة وإيجاد بديل لمعدلات الاقتراض المرتفعة التي تواجهها تلك الدول الآن في السوق.
وبالإضافة إلى تمديد فترات السداد، هناك أفكار أخرى تجري مناقشتها وفقاً للوكالة، تشمل زيادة التمويل من البنك الدولي وغيره من البنوك المتعددة الأطراف.
وتتمثل النقطة الأساسية في طرح هذه التدابير قبل أن يتخلف البلدان عن السداد والدخول في محادثات إعادة الهيكلة الرسمية مع الدائنين.
ومن المرجح أن يحتاج أي اقتراح مشترك ناتج عن قضايا الديون السيادية العالمية بين واشنطن وبكين إلى دعم مجموعة العشرين الكاملة، بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وهو الثلاثي الذي عمل من أجل حل قضايا ضائقة الديون العالمية منذ تفشي الوباء.
كما سيتطلب الأمر في النهاية موافقة واسعة النطاق من الدائنين من القطاع الخاص، الذين استحوذوا على حصة أكبر من الإقراض السيادي في الأسواق الناشئة، ويتوقعون أن يكون لهم دور أكبر على طاولة المفاوضات.
وتأتي المناقشات وسط مخاوف متزايدة بشأن التقدم البطيء في محادثات إعادة الهيكلة لدول مثل زامبيا وغانا، والتي تشارك الآن في عملية تُعرف باسم "الإطار المشترك"، وهو برنامج لإعادة هيكلة الديون أطلقته في عام 2020 مجموعة العشرين والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
واستهدف البرنامج تسريع عملية إعادة البلدان المثقلة بالديون إلى الوقوف على أقدامها من جديد.
لكن العملية تعثرت بسبب تأخيرات، وظلت دولة مثل زامبيا في حالة تخلف عن السداد لأكثر من ثلاث سنوات.
ومن غير الواضح وفقاً لـ"بلومبيرغ" ما إذا كانت الخطط الأميركية الصينية ستنطبق على الدول ذات الدخل المتوسط مثل باكستان ومصر، أو ستركز على الدول ذات الدخل المنخفض، والتي سيكون لها نطاق مماثل للإطار المشترك.
وأنفقت الدول النامية رقماً قياسياً قدره 443 مليار دولار على مدفوعات خدمة الديون في عام 2022، وفقاً للبنك الدولي الذي حذر من أن الوضع يخاطر بدفعها إلى أزمة وخلق "عقد ضائع" من الركود الاقتصادي.
وهناك حوالي 12 دولة نامية تتخلف عن السداد أو لديها سندات عالمية يتم تداولها عند مستويات تشير إلى أن السوق يستعد لتخلف البلاد عن السداد، وفقاً للبيانات التي جمعتها "بلومبيرغ".
كما أن بعض مصدري الديون الأكثر مخاطرة بدأوا باللجوء إلى الأسواق بطرح عوائد أعلى. فقد طرحت كينيا مؤخراً سندات دولية جديدة بعائد 10.37%، وهي النسبة التي غالباً ما يعد الخبراء تخطيها عند الاقتراض أمراً يصعب تحمله.
وتوقع البنك الدولي في تقريره للآفاق الاقتصادية العالمية المنشور في يناير/ كانون الثاني الماضي، تباطؤ النمو العالمي للعام الثالث على التوالي إلى 2.4% قبل أن يرتفع إلى 2.7% في 2025.
وقال أيهان كوسى نائب رئيس الخبراء الاقتصاديين في البنك الدولي لوكالة "رويترز" الأسبوع الماضي، إن النمو إذا ظل منخفضاً، فربما تضطر بعض الاقتصادات الناشئة إلى إعادة هيكلة الديون، وذلك من خلال تعديل الاستحقاقات أو الاتفاق على خفض قيم الديون مع الدائنين.
وأضاف "عاجلاً أو آجلاً، ستحتاج إلى إعادة هيكلة الدين، ويجب أن يكون لديك إطار عمل.. لم يحدث ذلك بالطريقة التي كان يأملها المجتمع الدولي".