ما الخيارات الاقتصادية المتاحة أمام لبنان بعد الفشل في تشكيل الحكومة؟

28 سبتمبر 2020
الدعم الدولي مرتبط بالإصلاحات (حسين بيضون)
+ الخط -

أعاد اعتذار مصطفى أديب عن عدم تشكيل حكومة جديدة الوضع السياسي والاقتصادي في لبنان، الغارق أساساً في أزماته، إلى المربّع الأول، فيما اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الطبقة السياسية التي فشلت في تسهيل التأليف بـ"خيانة جماعية".

ما الخيارات المتاحة أمام لبنان حالياً وسط ضغوط دولية، وتحديداً من فرنسا؟ وهل بات حصوله على دعم دولي لمساعدته على تخطي محنته الاقتصادية، التي فاقمها انفجار المرفأ المروع، بعيد المنال؟

إذ بعدما فشلت القوى السياسية في لبنان في ترجمة تعهد قطعته أمام الرئيس الفرنسي مطلع الشهر الحالي بتشكيل حكومة في مهلة أسبوعين، منحها ماكرون في كلمة ألقاها الأحد مهلة جديدة من "أربعة إلى ستة أسابيع" لتشكيل حكومة "بمهمة محددة" تحصل على دعم دولي.

وشدّد على أنه "يعود الآن إلى المسؤولين اللبنانيين أن ينتهزوا هم هذه الفرصة الأخيرة".

ولم يحدد الرئيس اللبناني ميشال عون الذي أسف الاثنين لعدم تمكن أديب من تشكيل الحكومة، موعداً للاستشارات النيابية الملزمة التي يتعيّن عليه إجراؤها من أجل تكليف شخصية جديدة تشكيل الحكومة.

وفي لبنان، البلد القائم على منطق التسويات والمحاصصة، غالباً ما تكون هذه الاستشارات شكلية، ويسبقها التوافق بين القوى الرئيسية على اسم رئيس الحكومة المكلّف قبل تسميته رسمياً. وينسحب المبدأ ذاته على تشكيلة الحكومة التي يضعها.

وتوقعت مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط، مهى يحيى، أن تستغرق عملية تسمية بديل لأديب "بعض الوقت". في غضون ذلك، ستكون البلاد بأيدي "حكومة تصريف أعمال لا يمكنها في الواقع اتخاذ أي قرارات، وبالتأكيد لا يمكنها التفاوض مع صندوق النقد الدولي بشأن خطة التعافي الاقتصادي".

ولا يملك لبنان ترف الوقت، بينما الانهيار الاقتصادي المتسارع يرخي بثقله على حياة السكان الذين بات أكثر من نصفهم يعيش تحت خط الفقر. إلا أن أداء القوى السياسية بمواجهة مساعي أديب لا يبشّر بالخير.

ورأى أستاذ العلاقات الدولية في بيروت وباريس كريم بيطار، أن لبنان أمام خيارات صعبة، أحلاها مرّ.

وقال لفرانس برس: "إذا لم نذهب إلى جهنم، فقد نشهد تزايداً للعنف، وإضعافاً للمؤسسات العامة، وتفاقماً للأزمة الاقتصادية (...) وموجة جديدة من الهجرة".

وأضاف: "يمكن البنان أن يفرغ نفسه من... طبقته الوسطى، لينتهي به الأمر مع أوليغارشية متشبّثة بالسلطة ومع إفقار أولئك الذين بقوا في الخلف".

وتعتزم فرنسا نهاية تشرين الأول/ أكتوبر، سواء تشكّلت حكومة أو لا، تنظيم مؤتمر دعم دولي للبنان مع الأمم المتحدة، على أن تُوجّه المساعدات الإنسانية "مباشرة إلى السكان فقط عبر المنظمات غير الحكومية الموجودة على الأرض والأمم المتحدة".

وفي التاسع من آب/ أغسطس، بعد أيام من انفجار المرفأ الذي سبّب مقتل أكثر من 190 شخصاً، نظمت فرنسا مع الأمم المتحدة مؤتمراً عبر الفيديو، جُمعَت بموجبه مساعدات بقيمة نحو 300 مليون دولار.

وعدل ماكرون عن فكرة استقباله القادة السياسيين في باريس، توازياً مع انعقاد مؤتمر الدعم من أجل تقييم التقدم في خريطة الطريق التي وضعها. لكنه قال إنه سيجمع "بحلول عشرين يوماً كل أعضاء مجموعة الدعم الدولية للبنان لترسيخ وحدة المجموعة الدولية بشأن المراحل المقبلة".

وستكون المرحلة الأولى "المطالبة بنتائج التحقيق" في انفجار المرفأ و"نشرها وتحديد المسؤولين" عنه.

ورفضت السلطات اللبنانية إجراء تحقيق دولي في الانفجار. وأوقفت، بموجب تحقيقات تجريها ولم تعلن أياً من نتائجها بعد، 25 شخصاً على الأقل، بينهم مسؤولون كبار عن إدارة المرفأ وأمنه.

خلال زيارته الأخيرة للبنان، وكانت الثانية عقب انفجار المرفأ، أعلن ماكرون أنّه سيعود مجدداً إلى بيروت في كانون الأول/ ديسمبر، في إطار "آلية متابعة" التقدّم الذي ستُحرزه الحكومة الجديدة. إلا أنه لم يتضح بعد النكسة التي مُنيت بها المبادرة الفرنسية، ما إذا كان عازماً على المجيء أو عدل عن فكرته.

(فرانس برس)

المساهمون