يعكف المستثمرون حالياً على دراسة تفاصيل اتفاق تعليق سقف الدين، الذي تم التوصل إليه خلال عطلة نهاية الأسبوع، وما قد يكون له من تبعات على الأسواق الأميركية، حيث كانت الأسواق في هدنة اليوم الإثنين، بسبب عطلة يوم التذكر.
وقالت "رويترز" إن "التوصل إلى اتفاق لتعليق سقف الدين، البالغ 31.4 تريليون دولار، الذي أعلن عنه البيت الأبيض والجمهوريون في وقت متأخر من يوم الأحد، من شأنه أن يجنب البلاد التعثر في سداد ديونها للمرة الأولى في تاريخها"، ذلك التعثر الذي عكر شبحه صفو أسواق الأسهم رغم "ثورة" الذكاء الاصطناعي التي تشهدها الأسواق حالياً، وقلل كثيراً من تناغم سوق السندات.
وتوقعت الوكالة أن يتسبب التوصل إلى الاتفاق في تعزيز بعض القطاعات التي تخلفت هذا العام عن اللحاق بركب الارتفاعات التي قادها قطاع التكنولوجيا منذ بداية العام، مثل الأسهم الدورية وأسهم الشركات الصغيرة.
ورغم تعطل الأسواق الأميركية يوم الإثنين، أشارت "رويترز" إلى أن رد الفعل الأولي لتعليق سقف الدين كان إيجابيا، حيث ارتفعت العقود الآجلة في وول ستريت بنسبة تتراوح بين 0.2% و0.3%.
وارتفعت العقود الآجلة لسندات الخزانة الأميركية بنحو 0.2%، في إشارة إلى أن عوائد سندات الخزانة الأميركية ستنخفض عند استئناف تداول السندات يوم الثلاثاء.
وتراجعت تكلفة التأمين على الديون الأميركية لخمس سنوات، كما استقر مؤشر الدولار الأميركي، الذي يقيس قيمة العملة الأميركية أمام ست من عملات الاقتصادات الكبرى، عند 104.26.
لكن بعض المستثمرين يخشون أن تؤثر تخفيضات الإنفاق المقترحة على النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، فإن عملية التفاوض، التي منعت التخلف عن السداد في الأيام الأخيرة، تهدد بتقويض مكانة الولايات المتحدة مع وكالات التصنيف الائتماني.
وقال بوب ستارك، الرئيس العالمي لاستراتيجية السوق في شركة كيريبا للإدارة المالية: "في حين أن التوصل لاتفاق حول سقف الديون يعد خبرًا رائعًا، إلا أن الحكومة الأميركية لا تزال تعاني من مشكلة في التدفقات النقدية، والوقت عنصر هام لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقات".
وأوضح ستارك أن "اتفاقية سقف الديون ليست سوى الخطوة الأولى في إنقاذ الحكومة من حافة التعثر".
وتعلق الصفقة سقف الديون حتى يناير/كانون الثاني 2025، مقابل تحديد سقف للإنفاق لمدة عامين. وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس مجلس النواب كيفن مكارثي ثقتهما في دعم حزبيهما للاتفاق.
وحددت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين يوم الجمعة موعدًا نهائيًا لرفع حد الدين الفيدرالي، مهددة بتخلف الحكومة عن السداد إذا لم يرفع الكونغرس سقف الديون بحلول الخامس من يونيو/حزيران.
اقتراب من التخلف عن سداد الديون؟
نظرًا لأن سوق الخزانة الأميركية، الذي تبلغ قيمته 24.3 تريليون دولار، يدعم النظام المالي العالمي، فإن التخلف عن السداد، أو مجرد الاقتراب منه، يمكن أن يؤدي إلى تقلبات هائلة في الأسواق العالمية.
وبعد التأثيرات السلبية على مدار آخر أسبوعين، ساعد التفاؤل باقتراب التوصل إلى اتفاق يوم الجمعة الماضي مؤشر إس آند بي 500 على الإغلاق عند أعلى مستوى له منذ أغسطس/آب 2022.
وقالت كوينسي كروسبي، كبير الاستراتيجيين العالميين في LPL Financial، إن من بين قطاعات السوق التي ستستفيد من الصفقة الأسهم الدفاعية، التي تخلفت عن الارتفاع الجماعي خلال المفاوضات، فضلاً عن القطاعات الدورية في السوق وأسهم الطاقة. وأضافت: "الأمل هو أن الموافقة على هذه الصفقة المبدئية ستساعد في دعم السوق الأوسع، وليس فقط حفنة من الأسماء التكنولوجية الكبيرة التي أبقت السوق على قوته خلال الفترة الماضية".
قال ستيوارت كايزر، رئيس استراتيجية تداول الأسهم في "سيتي بنك"، إن الصفقة يمكن أن تكون "إيجابية بصورة محدودة" لأسواق الأسهم على مستوى المؤشر، ولكنها قد توفر دفعة أكبر للقطاعات التي تأخرت هذا العام، بما في ذلك أسهم الشركات ذات الميزانيات العمومية الأضعف، والأسهم ذات رؤوس الأموال القليلة.
لكن المستثمرين قلقون أيضًا من كيفية تأثير حدود الإنفاق المقترحة على قطاعات معينة، بالإضافة إلى الاقتصاد الأميركي الأوسع.
وقال ستارك: "ما سيركز عليه المستثمرون الآن هو تكلفة خفض الإنفاق على صحة الاقتصاد الأميركي، أي المدى الذي يمكن أن تؤثر به تخفيضات الإنفاق هذه على الناتج المحلي الإجمالي والنمو الاقتصادي لأميركا".
وفي الوقت نفسه، يخشى المستثمرون من تسبب سياسة حافة الهاوية بواشنطن في دفع وكالات التصنيف إلى خفض تصنيف ديون الولايات المتحدة. ووضعت وكالة التصنيف فيتش في وقت متأخر من يوم الأربعاء الولايات المتحدة تحت المراقبة الائتمانية لاحتمال خفض التصنيف الائتماني، بينما وضعت DBRS Morningstar يوم الخميس التصنيف الائتماني للولايات المتحدة قيد المراجعة مع "آثار سلبية".
ويستعد المستثمرون أيضًا لتقلبات محتملة في السندات الحكومية الأميركية، حيث من المتوقع أن تقوم وزارة الخزانة بإعادة ملء خزائنها الفارغة بسرعة بإصدار السندات بمجرد رفع سقف الديون، مما يحتمل أن يسحب مئات المليارات من الدولارات من السوق.
وقال داميان بوي، استراتيجي الاقتصاد الكلي في BarrenJoey في سيدني، أستراليا: "سوف نشعر بالتفاؤل بإبرام صفقة وتجنب أزمة حقيقية واستنزاف السيولة المخيف في نفس الوقت. من الممكن أن نشهد تقلبات لأسعار الفائدة، وسيؤدي ذلك إلى تباطؤ أسهم البنوك وأسهم النمو غير المرتبطة بالذكاء الاصطناعي".
(رويترز، العربي الجديد)