ماذا يفعل الفيدرالي بالأسواق اليوم؟

14 يونيو 2023
جيروم باول يلملم أوراقه قبل إعلان قرار سعر الفائدة (فرانس برس)
+ الخط -

بعد رفع سعر الفائدة الفيدرالية في كل اجتماع من اجتماعاته العشرة الأخيرة، يستعد مجلس الاحتياط الفيدرالي لـ"تجاوز" الرفع في اجتماع اليوم، ليمنح نفسه والأسواق فرصة لالتقاط الأنفاس، وتقييم تأثير أقوى سياسة تقييدية تشهدها السوق الأميركية منذ ثمانينيات القرن الماضي على التضخم الذي ضرب البلاد بصورة لم تحدث في أكثر من أربعة عقود. 

ويأتي اجتماع اليوم بعد أن رفع البنك المركزي الأكبر في العالم معدل الفائدة على أمواله في كل اجتماع منذ مارس/آذار من العام الماضي، وصولاً إلى نطاق 5% - 5.25%. وكانت الفائدة قريبة من الصفر قبل بدء البنك دورة رفع الفائدة الحالية.

واتفق أغلب المحللين، خلال الأسابيع الماضية، على أن "تجاوز" الرفع في هذا الاجتماع لا يعني بالضرورة "امتناع" البنك عن الرفع في الاجتماعات القادمة. وقال بيل انجليش، أستاذ المالية في جامعة ييل الشهيرة، والذي سبق له العمل في البنك الفيدرالي، في لقاء مع "سي إن بي سي" إن البنك مهّد الطريق لتثبيت السعر في اجتماع اليوم، إلا أنهم "لا يرغبون في الإيحاء للمستثمرين بأن دورة الرفع قد انتهت".

ودعمت بيانات وزارة العمل، التي صدرت الثلاثاء في واشنطن، احتمالات تثبيت الفائدة في اجتماع اليوم، بعد أن أظهرت تراجع معدل ارتفاع أسعار المستهلكين السنوي، ما يعتبره البعض أقرب تعريف للتضخم، إلى 4%، وهو أقل مستوى له في أكثر من عامين. 

ورغم تأكيد جيروم باول، رئيس البنك الفيدرالي، في أكثر من مناسبة، على حقيقة عدم اعتماد البنك، عند اتخاذ قراره، على قراءة أو اثنتين من البيانات، دون وجود نظرة شاملة لكل ما يدور في الاقتصاد، اعتبر انجليش أن بيان البنك، بعد الإعلان عن قراره، سيوضح توجهات المرحلة القادمة.

وأظهرت تعاملات أسواق العقود الآجلة والمستقبلية، حتى انتصاف يوم الأربعاء، وقبل الإعلان عن قرار البنك الفيدرالي، ميل المتعاملين إلى توقّع رفع الفائدة مرة واحدة على الأقل هذا العام، وأيضاً توقع حدوثها في اجتماع السادس والعشرين من يوليو/تموز القادم.

وأظهر محضر آخر اجتماع للبنك في مايو/أيار، انقسامات حادة في الآراء بين أعضاء مجلس إدارته من المصوتين على القرار، حيث رأى البعض أن ارتفاع التضخم في إبريل، واستمرار قوة سوق العمل، يدعمان رفع الفائدة لقمع الطلب وخفض التضخم، فيما فضّل البعض الآخر الإيقاف المؤقت للرفع، لتقييم تأثير ارتفاع الفائدة، وتشديد شروط الائتمان، بعد أكبر حملة تقييد تشهدها البلاد منذ ثمانينيات القرن الماضي.

والأسبوع الماضي، قالت سوزان كولينز، رئيسة البنك الفيدرالي في بوسطن، إن البنك الفيدرالي قد يكون "وصل بالفعل، أو قريب من" نقطة يمكن أن يتوقف فيها عن رفع أسعار الفائدة مؤقتاً، بسبب ما اعتبرته "إشارات واعدة" على تراجع التضخم في البلاد.

وألمح مسؤولو البنك الفيدرالي، بمن فيهم رئيسه جيروم باول، وفيليب جيفرسون، المرشح لمنصب نائب رئيس البنك، إلى إمكانية التوقف المؤقت، بهدف التقاط الأنفاس والحكم على ما أحدثته الزيادات المتتالية للفائدة، مؤكدين في الوقت نفسه عزمهم على القضاء التام على التضخم المرتفع.

ومن المرجح أن تتركز الأضواء على ردود باول على الصحافيين، خلال المؤتمر الذي ستنقله وسائل الإعلام على الهواء مباشرة، والتي يتوقع أن تكون متحفظة، ومنصبّة على تأكيد فكرة عدم وجود ضمانات أن دورة الرفع قد انتهت.

وسيكرر باول ما قاله مراراً، من أن هدف البنك هو العودة بمعدل التضخم إلى مستواه المستهدف خلال أكثر من عقد مضى، حول اثنين بالمائة، مع محاولة تجنب دخول الاقتصاد الأكبر في العالم في ركود. وقد يشيد باول بتباطؤ سوق العمل، أو يندد باستمرار قوته، حسب الزاوية التي يرى الأمور منها.

أما زملاء باول فقد أعربوا بشكل عام عن الثقة في قدرتهم على التحكم في أدوات السياسة النقدية لخفض التضخم دون التسبب في ركود. لكن لا توجد ضمانات لتحقيق ذلك، ولا يزال الركود هو الحالة الأكثر ترجيحًا، وإن كان أغلب التوقعات تراه خفيفاً.

 

المساهمون