بعد مناقشات مطولة، جرى التوافق بين رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي على حل وسط لفرض حظر جزئي على إمدادات النفط من روسيا. ويترقب المراقبون تأثير ذلك في ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد أوروبي، ولا سيما أنه ليس من السهل استبدال روسيا كمورد للنفط في العديد من البلدان التي تعتمد في العديد من مجالاتها على النفط للنقل والتدفئة والإنتاج.
وفي ظل التوافق على ألا ينطبق الحظر في الوقت الحالي إلا على شحنات النفط الروسي من طريق السفن، وينبغي الاستمرار بالسماح بالتسليم عبر خط الأنابيب، يبدو التأثير في الوقت الحالي بألمانيا ضئيلاً، لأن النفط الروسي لا يزال يُستورَد حالياً إلى البلاد ويُسلَّم بشكل حصري تقريباً عبر خط أنابيب دروجبا الذي يحمل النفط من الجزء الشرقي من أوروبا إلى بولندا وهنغاريا، وسلوفاكيا، وتشيكيا، وألمانيا.
وفي هذا الإطار، قالت خبيرة الطاقة في المعهد الألماني للأبحاث الاقتصادية كلوديا كيمفرت، إنه قبل الحرب الأوكرانية كان حوالى 35% من النفط الذي تستورده ألمانيا يصل من روسيا، لكن منذ بداية الحرب حاولت الحكومة استبدال واردات الطاقة من موسكو، وبالفعل تراجعت حصة الأخيرة من واردات النفط الألمانية إلى 12%. وحيال ذلك، أبرزت وزارة الاقتصاد الألمانية أن هذه النسبة تصل تقريباً عبر خط دروجبا الذي يزود مصفاة "بي سي كاي" في مدينة شفيدت الواقعة في ولاية براندنبوغ قرب برلين.
وبينت كيمفرت في حديثها مع شبكة دويتشلاند فونك أخيراً، أن الحكومة وجدت بالفعل طرقاً بديلة لمحطة شفيدت حتى تتمكن من الاستغناء تماماً عن واردات النفط الروسي بحلول نهاية العام، حتى إنه أعلن أنّ النفط سيُستورَد عبر ميناء دانتسيك البولندي وميناء روستوك الألماني في المستقبل.
مع العلم أنه وفقاً للمستشار الحكومي يورغ كوكيس، الأمر يتطلب أولاً تعميق الأرصفة في ميناء روستوك، والإجراء قد يستغرق شهوراً، فضلاً عن القيام ببعض الأعمال على خط الأنابيب الذي سينقل النفط من الميناء المذكور إلى شفيدت.
وعلاوة على ذلك، أشارت الخبيرة إلى أن هناك موارد بديلة محتملة من طريق البر، بينها من دول أميركا الجنوبية والعراق وربما إيران وفنزويلا اللتين تخضعان حالياً للعقوبات. وبحسب كيمفرت، يمكن هذه البلدان أن تزود ألمانيا بالنفط بتركيبة مماثلة لتلك المستوردة من روسيا.
وأمام ذلك، لا تتوقع خبيرة الطاقة أي آثار ملحوظة بالنسبة إلى ألمانيا من الحظر النفطي الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على روسيا حالياً، وبصرف النظر عن حقيقة أن سعر النفط في الأسواق العالمية يمكن أن يرتفع نتيجة الحظر.
ومن المعلوم أن المفوضية الاوروبية تفيد بأن الحظر سيؤثر بنحو ثلثي النفط الذي توفره روسيا لأوروبا، وأنه إذا ما أُضيف حظر الاستيراد الذي أعلنته ألمانيا وبولندا بحلول نهاية العام، فسيكون فعالاً بنسبة 90%. وعندها، وفق كيمفرت، ستشعر روسيا بتأثيره بشكل هائل.
في غضون ذلك، وبخصوص تعويض ألمانيا لكميات النفط الإضافية، تشير التقارير الاقتصادية إلى أنه سيتدفق المزيد من النفط إلى البلاد من دول منتجة أخرى، وخاصة النرويج، فضلاً عن أن ألمانيا تنتج النفط أيضاً، وبخاصة في ولايتي شليسفيغ هولشتاين وساكسونيا، ولكن حتى ولو أنتجت هاتين الولايتين المزيد من النفط من بحر الشمال، فإن ذلك لن يغطي سوى جزء صغير جداً من احتياجات البلاد.
وبالإضافة إلى ذلك، من المحتمل نقل المزيد من كميات النفط من رواسب التكسير في الولايات المتحدة، إلا أن ذلك يستغرق سنوات.