مؤشر الهجرة إلى إسرائيل عليه ما عليه

29 اغسطس 2024
إسرائيلي يغادر مطار بن غوريون خوفأً من التصعيد على الحدود اللبنانية، 25 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تداعيات "طوفان الأقصى" على إسرائيل:** أثرت سلباً على الثقة بالأمن والتفوق، مما أدى لهروب 500 ألف إسرائيلي، مما يعكس هشاشة الوضع الأمني والاقتصادي.
- **التحديات الديمغرافية والاقتصادية:** تواجه إسرائيل تراجعاً في عدد السكان اليهود وزيادة في النمو السكاني الفلسطيني، مما يزيد من المخاطر المستقبلية ويؤدي لهروب المستثمرين وتراجع المهاجرين الجدد.
- **محاولات الحكومة لاستعادة الثقة:** تشمل تقديم إعفاءات ضريبية وتسهيلات للمهاجرين، لكن هذه الجهود لم تكن كافية لتعويض الخسائر، مما يعكس تدهور الثقة والاستقرار.

ستستمر عقابيل "طوفان الأقصى" لفترة مديدة على إسرائيل واقتصادها، لأن فقدان الثقة بالأمن والتفوّق الذي تبدد صبيحة 7 أكتوبر العام الماضي يلزمه ربما سنون ليعود، هذا إن عاد إلى ما كان، وتعززت الثقة، بعد كشف الهشاشة وإمكانية الاختراق وتتالي هروب الشركات والرساميل من مناخ سيبقى ساخناً ما دام الاحتلال، وذلك بعد أن هرب زهاء 500 ألف إسرائيلي من "اليهود" الذين تلملمهم تل أبيب من أصقاع العالم بوعود الاستقرار والرفاهية وأرض الميعاد، على خط معاكس لمبدأ الهجرة إلى إسرائيل القائم منذ عقود. ولأن حكومة إسرائيل تعي خطورة الهجرة العكسية، بعد أن زيّفت التاريخ وأغرت اليهود، عبر 70 سنة، عبر مستوطنات ووظائف ومنح مالية، لعبت، ولم تزل على إخراج أعباء الإسرائيليين من معادلة تكاليف الحرب التي نافت على 60 مليار دولار.

فالمتابع يعرف أن الضرائب لم تزد، أو ارتفعت بنسب ضئيلة، ويعلم أن إسرائيل حاولت سد ثغرات الحصار والقطيعة، إن من تركيا أو غيرها، عبر "إغواء ووعيد" دول الجوار العربية التي زادت نسب التبادل معهم، خلال حرب الإبادة والتطهير التي تعلنها دولة الاحتلال على غزة وسكانها.

ويعلم من يهمه الأمر، أن خطورة تراجع عدد السكان، على خط معاكس لخطط الهجرة إلى إسرائيل الماضية في عدوانها، مع زيادة النمو السكاني للفلسطينيين، إن بغزة أو الضفة، يعتبر من المخاطر الديمغرافية المستقبلية التي تهدد مصير الاحتلال الذي لم يعرف زيادة سكان دولة الاحتلال، رغم كل الإغراءات، عن 10 ملايين وفق إحصاء العام الجاري. هذا إن لم نأتِ على آثار ما سينقله الهاربون، عن مناخ وأمن إسرائيل ودور تلك الإعلانات المتنقلة، على عدم استقطاب يهود جدد.

قصارى القول: تنشغل حكومة الاحتلال اليوم بابتداع طرق تضليل وإغواء جديدة، علّها تعيد المهاجرين أو تستقطب يهوداً جدداً، يعيدون الثقة إلى أرض الميعاد ويبددون مخاوف الدعوات المتصاعدة لعودة يهود الداخل لمواطنهم الأصلية، بواقع إيثار حكومة اليمين المتطرف على إبقاء الصراع مفتوحاً ورفضها أية حلول تنصف أصحاب الأرض التاريخيين والاعتراف بدولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

ومن هاتيك المساعي التي تُعَدّ انقلاباً على ما يعرف بـ"قانون العودة" الذي صدر في إسرائيل عام 1950، يحق لليهود وبعض أقاربهم الانتقال إلى إسرائيل والحصول على جنسيتها، وتقديم تسهيلات للتملك ومنح عقارية بالمستوطنات على الأراضي المحتلة، وما كشفته صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية عن إعفاءات ضريبية على المنازل للمهاجرين الجدد، واعتباراً من الشهر الجاري، لأن إعفاءات وإغراءات الماضي لم تكن مثالية، فضلاً عن الضرورة التي فرضتها الحرب وأدت إلى تراجع السكان وهروب المستثمرين، بما يقوّض أهداف الهجرة إلى إسرائيل العدوانية، ما يستدعي تخفيض الضرائب للحدود الصفرية خلال شراء قيمته دون مليوني شيكل (546 ألفاً و142 دولاراً) وترتفع من 0.5% إلى 5% إن ارتفع سعر المنزل عن مليوني شيكل، لتصل إلى 8% فقط إن تعدى سعر المنزل 6 ملايين شيكل. وكل هذا الإغراء إلى جانب "ديسكاونت" نصّ عليه القانون الضريبي الجيد، من خلال شراء عقار استثماري وعقار إضافي للسكن.

نهاية القول: قلما سيفكر صاحب ضمير وحسّ إنساني، ممن رأوا القتل والظلم وقابلية الانفجار، في العودة إلى إسرائيل، خصوصاً إن كان من الأسوياء أو أصحاب المهن والرساميل الذين ترحب بهم الدول المستقرة المحققة للعدالة الاجتماعية والبعيدة عن توقعات الحروب والانفجار كل فترة.

ولعل في تراجع عملية القدوم إلى إسرائيل بنحو 70% في الأشهر الأولى للحرب (وصل ألفا يهودي بين الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول والـ29 من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، مقارنة بـ4500 كانوا يصلون شهرياً، حسب سلطة الهجرة الإسرائيلية) مؤشراً. كذلك فإنّ في هجرة نصف مليون غادروا دولة الاحتلال، حسب شاهد من أهلهم "تايمز أوف إسرائيل"، ولم يعودوا، دليلاً دامغاً على تهـتك الثقة وعوامل الاستقرار وتراجع السكان وتنامي الهجرة العكسية، وذاك أكثر ما يخيف دولة الاحتلال، ويزيد من نبوءات "لعنة العقد الثامن" التي تخيّم على إسرائيل.

المساهمون