لا تزال قضية سام بانكمان فرايد، مؤسس منصة إف تي أكس FTX لتداول العملات المشفرة، التي أعلنت إفلاسها قبل أسبوعين، تلقي بظلالها على أروقة النظام المالي في الاقتصاد الأكبر في العالم، حيث يستعد مجلس الشيوخ الأميركي للتحقيق فيها خلال الأسابيع القادمة، بينما بدأت تداعيات إفلاسها تمتد لشركات أخرى في الصناعة.
وفي أول أيام الأسبوع، تقدمت شركة العملات المشفرة بلوك فاي BlockFi المتعثرة بطلب الحماية في محكمة الإفلاس بالولايات المتحدة لمقاطعة نيوجيرسي، في أحدث تبعات انهيار شركة FTX.
وضمن أوراق الملف الذي تقدمت به، أشارت الشركة إلى أن لديها أكثر من 100 ألف دائن، مع التزامات وأصول تتراوح بين مليار دولار وعشرة مليارات دولار.
وأكدت الشركة المعلومات التي أشارت قبل أيام إلى أنها أقرضت الذراع الأميركية لشركة FTX ما يقرب من 275 مليون دولار.
وفي تطورات قضية FTX، تعتزم اللجنة الزراعية بمجلس الشيوخ، المنوطة بها مراقبة تعاملات لجنة تداول العقود الآجلة للسلع CFTC، عقد جلسة استماع هذا الأسبوع للاستفسار عن أسباب الانهيار السريع للشركة، التي تأسست عام 2019، ووصلت إلى قمة مجدها في غضون عامين، مستحوذة على أكثر من مليون مستخدم، لتحتل المرتبة الثالثة بين أكبر منصات العملات المشفرة في العالم.
وقال مكتب جون بوزمان، عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الجمهوري، الذي انتزع حزبه السيطرة على المجلس قبل ثلاثة أسابيع، إن جلسات الاستماع الأولية ستكون مع رئيس مجلس إدارة CFTC روستين بيهمان، وإنها ستركز على "الحاجة لتحقيق المزيد من الشفافية والمساءلة في سوق العملات المشفرة".
ورغم حضور بيهمان من قبل إلى مجلس الشيوخ، تأتي زيارته هذه المرة، بعد الاضطرابات التي شهدتها سوق العملات المشفرة خلال الأسابيع الأخيرة، وهبطت بقيمتها السوقية مجتمعة إلى أقل من 800 مليار دولار، لتركز على "ما تحتاجه اللجنة من الكونغرس من إطار تشريعي، بما يمنح المتعاملين في تلك السوق مزيداً من الثقة تجاه استثماراتهم التي تجرى من خلالها"، وفقاً لبيان المكتب.
وكانت سوق العملات المشفرة قد تجاوزت 3 تريليونات دولار قيمة سوقية، في أعلى لحظاتها، خلال الربع الأخير من العام الماضي.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قدمت FTX، التي تتخذ من جزر البهاما مقراً لها، طلبًا لإشهار إفلاسها والحماية من الدائنين، بعد أن أدت أزمة سيولة ضربتها إلى نزوح جماعي للعملاء من المنصة.
وأشارت تقارير معتمدة إلى أن بانكمان فرايد قام بتحويل ما قيمته 10 مليارات دولار من أرصدة العملاء من FTX إلى شركة أبحاث "ألاميدا" Alameda Research الشقيقة، وفقًا لتقارير متعددة.
ومع انهيار الشركة، انخفضت ثروة بانكمان فرايد من أكثر من 15 مليار دولار إلى "لا شيء تقريباً" في غضون أيام قليلة. وأصدر الملياردير السابق اعتذارًا علنيًا معترفًا بأنه "حدث خطأ"، وصرح الرئيس التنفيذي الجديد لشركة FTX جون راي الثالث، خلال إحدى جلسات المحكمة، أنه لم ير من قبل "مثل هذا الفشل التام".
وقال جون راي الثالث قبل أقل من أسبوعين: "من تدني سلامة الأنظمة المخترقة، والرقابة التنظيمية الخاطئة في الخارج، إلى تركز السيطرة في أيدي مجموعة صغيرة جدًا من الأفراد غير المتمرسين وضعيفي القدرات، وربما غير حسني النية، فإن هذا الوضع غير مسبوق".
وتعد إشارة راي الثالث إلى عدم وجود سابقة شبيهة بما حدث في الشركة ذات دلالة كبيرة، كونه شهد إجراءات إفلاس شركة "إنرون" الشهيرة أوائل الألفية، بالإضافة إلى متابعته القريبة للفضائح التي تورط فيها بنك "ليمان براذرز"، ومخطط "بونزي" الذي كان العقل المدبر له رئيس "ناسداك" السابق بيرني مادوف.
وعلى صلة بالأمر، أعلن رئيس لجنة الخدمات المالية في مجلس النواب الديمقراطي ماكسين ووترز، والنائب باتريك ماكهنري، أكبر عضو جمهوري في اللجنة، عن عقد جلسة استماع للتحقيق في قضية FTX.
وفي إعلانهما المشترك، قال الزعيمان إن جلسات الاستماع الخاصة بهما ستعقد في ديسمبر/كانون الأول، ومن المتوقع أن يشارك فيها بانكمان فرايد، بالإضافة إلى بعض المديرين في كل من FTX وشركة الأبحاث "ألاميدا".
والأسبوع الماضي، قال ووترز: "لقد تسبب سقوط FTX في إلحاق ضرر هائل بأكثر من مليون مستخدم، وكثير منهم كانوا أشخاصًا عاديين، استثمروا مدخراتهم التي حصلوا عليها بشق الأنفس في بورصة العملات المشفرة FTX، فقط لمشاهدتها تختفي تماماً في غضون ثوانٍ".
وقال السناتور الديمقراطي شيرود براون، رئيس اللجنة المصرفية وعضو اللجنة المالية، إنه كان يخطط لقيادة تحقيقات خاصة به في الأمر، لكنه تردد بسبب احتمال وجود تضارب في المصالح لدى بعض المشرعين، نظرًا لعلاقاتهم المالية مع شركات العملات المشفرة.
وأعطى بانكمان فرايد وحده عشرات الملايين من الدولارات للديمقراطيين قبل انتخابات التجديد النصفي مطلع الشهر الجاري، وحوالي 10 ملايين دولار لمساعدة الرئيس جوزيف بايدن خلال انتخابات عام 2020.
وقال براون لشبكة "فوكس نيوز"، الأسبوع الماضي: "إنه أمر صعب عندما يكون عدد كبير من الأعضاء هنا، ولا سيما الأعضاء المؤيدون للبنوك والشركات، قد أخذوا أموالًا من شركات العملات المشفرة، وأشادوا بها في قاعات مجلس الشيوخ".
وأضاف: "هذه هي المشكلة الأساسية. لهذا السبب أدفع، على وجه الخصوص، لجنة البورصة [للأوراق المالية] لاتخاذ إجراءات صارمة والتأكد من أنهم يتحملون المسؤولية عما فعلوه".