مأزق تهاوي الدينار الجزائري: ارتفاع تكلفة المواد المستوردة يهدّد المستثمرين

11 يناير 2021
تراجع العملة المحلية ألحق أضراراً بالغة بالاستثمارات الخاصة (بلال بن سالم/Getty)
+ الخط -

انتقلت المخاوف في الجزائر، من تراجع قيمة الدينار، من المواطنين إلى المستثمرين، الذين خلط عدم الاستقرار النقدي حساباتهم ودفعهم إلى التريث في إطلاق استثمارات جديدة، بالنظر إلى ارتفاع مصاريف المواد المستوردة المكونة لاستثماراتهم، سواء كانت إنتاجية أو خدماتية، ما دفعهم إلى توجيه نداء للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، من أجل ضبط قيمة الدينار وكبح تعويمه من طرف المصرف المركزي.
في أحد مصانع الجزائر للأدوية، يقف مالكه حسان تاج العراب، حائرا بين إطلاق توسعة لمصنعه وبين التريث أكثر، وذلك حفاظا على رأس المال المدخر في البنك، إذ يقول العراب إن "تراجع الدينار في 2020 دفعه إلى تأجيل إطلاق عملية استثمارية بقرابة مليوني دولار لتوسعة مصنعه، وذلك لعدة أسباب؛ أولها ضرورة إعادة الدراسة التي قام بها نهاية 2019، والتي أصبحت من دون جدوى حاليا في ظل تغير قيمة العملة. وحتى سلسلة إنتاج الأدوية زاد سعرها بـ 12 بالمائة مقارنة مع صيف 2020، حين قام بإجراء الطلبية لاستيرادها من إيطاليا، وذلك بعد تراجع الدينار أمام العملة الأوروبية الموحدة".
وأضاف المستثمر الجزائري لـ "العربي الجديد" أن "تعويم الدينار أثر على المستثمرين كما أثر على المواطنين، نحن أيضا لدينا مصاريف وخطط مبنية على إنفاق بالعملة الصعبة، والتهاوي المتواصل للعملة يضر المنتجين والمستثمرين، فمن كانت لديه قبل شهرين مدخرات محلية بما يعادل 3 ملايين دولار في الحساب البنكي، باتت قيمتها 2.5 مليون دولار، أي أنه فقد نصف مليون دولار من دون أن يقوم بأي عملية استثمارية ولو كانت خاسرة".

وسجل سعر الصرف في آخر التعاملات الرسمية مطلع يناير/كانون الثاني 2021، 166 دينارا مقابل اليورو الواحد، و182 دينارا للجنيه الإسترليني الواحد، و137 دينارا للدولار الواحد، في أرقام نفسها التي أنهى بها 2020، وهي الأكبر في تاريخ العملة الجزائرية.
وقبل شهرٍ، سجّل سعر العملة الأوروبية، اليورو، في البنك المركزي الجزائري، 155.75 ديناراً لليورو الواحد للشراء، و173 ديناراً للجنيه الإسترليني. أما الدولار فسجل 129.2 ديناراً للشراء. وترجع خسارة الدينار لشيء من بريقه أمام العملات الأجنبية، إلى تبنّي البنك المركزي سياسة تعويم الدينار، عند الضرورة، إذ سبق أن فقد الدينار جزءاً كبيراً من قيمته خلال العام الماضي، لمواجهة تبعات تراجع عائدات النفط وكبح فاتورة الواردات.
وتتجه الحكومة الجزائرية نحو فرض تعويم جديد للعملة المحلية (الدينار)، خلال السنة الحالية، لكبح فاتورة الواردات من جهة، وحماية احتياطي الصرف من التبخر السريع من جهة ثانية، بالإضافة إلى امتصاص جزء من التضخم المنتظر أن يصل خلال السنة القادمة إلى 4 في المائة، حسب توقعات الحكومة.

وستنخفض قيمة الدينار 5 في المائة مقارنة بالسعر الحالي، حسب موازنة 2021، ما يرفع سعر الصرف في المتوسط السنوي إلى 142.20 ديناراً للدولار لسنة 2021 و149.31 لعام 2022، و156.78 لسنة 2023، وهذا بافتراض تسجيل انخفاض طفيف في قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار بنحو 5 في المائة سنوياً.
وقال وزير المالية الجزائري، أيمن بن عبد الرحمن، في تصريحات مؤخراً، إن "خيار تخفيض العملة الوطنية كان إلزامياً سنة 2021، كحل لاستقطاب استثمارات أجنبية مباشرة وغير مباشرة وتمكينها من تقييم المنتجات الوطنية، خاصة أن النواب سبق أن انتقدوا غياب المستثمرين وتجميد نشاط الصندوق الوطني للاستثمار الذي لم يناقش مشاريع جديدة منذ 14 شهراً".
وإلى ذلك، قال رئيس الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل، محند السعيد نايت عبد العزيز، إنه "لا يمكن تعويم العملة لاستمالة مستثمرين أجانب وندفن في المقابل المستثمرين الجزائريين". وأضاف نفس المتحدث لـ"العربي الجديد" أن "ممثلي رجال الأعمال طالبوا في لقائهم مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في السابع من يناير/كانون الثاني الجاري، بضرورة توفير الاستقرار النقدي للعملة المحلية، كما طالبوا في الماضي باستقرار تشريعي أيضاً".

المساهمون