مأزق التجارة السورية الأردنية: المخدرات تعيق معبر نصيب الحدودي

مأزق التجارة السورية الأردنية: المخدرات تعيق معبر نصيب الحدودي

21 ديسمبر 2023
بائع سوري يبيع فواكه قرب معبر نصيب (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

تكثّفت عمليات تهريب المخدرات، من سورية إلى الأردن، لزيادة موارد عصابات وأطراف محسوبة على النظام السوري بعد تراجع الإنتاج والصادرات، حسب مراقبين لـ"العربي الجديد".

وتصاعدت الأحداث على الحدود السورية الأردنية، خلال الأيام الأخيرة، جراء تصميم عصابات تهريب المخدرات على نقل الشحنات من سورية عبر الأردن لدول الخليج العربي، ما أسفر عن مواجهات مباشرة وقصف طائرات أردنية مواقع سورية منذ يومين، الأمر الذي أدى إلى تعطيل عبور شحنات التصدير من سورية عبر الأردن.

ويصف العامل بالقطاع التجاري بمحافظة درعا جنوبي سورية، لؤي الفاعوري، الوضع في معبر نصيب الحدودي بـ"المتوتر وشبه المغلق تجارياً" بعد كشف عمّان مهربين وشحنات مخدرات خلال الأيام الأخيرة، انتهت بقصف الطيران الأردني لمواقع تصنيع المخدرات وتخزينها جنوبي سورية، حسب الفاعوري.

ويشير العامل بالقطاع التجاري إلى أن الأردن فرض أقصى حالات التشدد قبل إدخال أي شحنات "برادات" ما أدى لزيادة عددها لنحو 400 براد محملة بالخضر والفواكه، تنتظر العبور إلى دول الخليج عبر الأردن، متوقعاً استمرار الحيطة الأردنية أو عودة تفريغ السيارات السورية لأخرى أردنية أو خليجية، للتأكد من مطابقتها للمواصفات وخلو الشحنات من حبوب المخدرات وفق الطريقة التي يعتمدها نظام بشار الأسد والتجار المتعاملون معه، وفق الفاعوري.

ويشير المتحدث إلى أن يوم الاثنين الماضي، كان طويلاً على المنطقة، بعد أن نفذت القوات الأردنية عدة غارات جوية على قرية المتاعية في ريف درعا ومنطقة صلخد في ريف السويداء قبل أن تنشر قيادة القوات المسلحة الأردنية صور وبطاقات شخصية لتسعة مهربي أسلحة ومخدرات سوريين، تم القبض عليهم أمس، خلال الاشتباكات على الحدود.

وينعكس استمرار تهريب المخدرات لمنطقة الخليج عبر الأردن، على التجارة مع عمّان وإعاقة تسويق الخضر والحمضيات السورية التي قدرتها مصادر لـ"العربي الجديد" بنحو 50 شحنة يومياً، قبل الاشتباكات وتصعيد عمليات التهريب المستمرة منذ أسبوع على الحدود جنوبي سورية.
ويقول رئيس لجنة تصدير الحمضيات في سورية، بسام علي، إن زيادة تراكم عدد البرادات في معبر "نصيب الحدودي" تشكل كارثة" مؤكداً خلال تصريحات صحافية نقلتها صحيفة "الوطن" القريبة من نظام الأسد أول من أمس: إن هناك 370 شاحنة سورية عالقة عند المعبر، حيث تتوقف طويلاً للتفتيش الدقيق أي نحو أسبوع، ما تسبب بتلف وإنهاك الحمضيات وأفقد عشرات آلاف الأطنان من الحمضيات جودتها. وأوضح أن هناك الكثير من الكميات التي وصلت إلى الدول العربية تالفة وتسببت في المشكلات للمصدرين وخاصة أن البراد يبقى نحو 15 يوماً وأكثر حتى يصل إلى البلد المصدر.
بدوره، يشير الاقتصادي السوري عماد الدين المصبح، إلى أن نظام الأسد لم يتوقف عن تصدير المخدرات، خاصة عبر المملكة الأردنية، رغم المبادرات العربية ومحاولات تسويقه وإعادة إنتاجه، ولكن خلال الأسبوعين الأخيرين، ما دفع عمّان للحيطة والتشدد على المعبر البري وتم كشف مخدرات ضمن الخضر والأغذية مرات عدة". ويضيف المصبح أن عمليات التهريب "تتم بتحضير وإشراف جهات تتبع للنظام" ولكنها تأخذ أشكالاً تجارية بأسماء مصدرين، لأن عمليات تصنيع المخدرات وتهريبها، تتم بمنشآت تتبع للنظام، تحديداً ماهر الأسد وأبناء عمومته، أو جهات قريبة منهم تتبع لحزب الله أو إيران.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد وقع في 23 من ديسمبر/ كانون الأول العام الفائت، على ميزانية الدفاع الأميركية لعام 2023 التي قدمها الكونغرس، وتضمّنت قانوناً لمحاربة الكبتاغون الذي يصنعه النظام السوري. ويتضمن مشروع القانون أن تجارة المخدرات المرتبطة بنظام الأسد تعتبر "تهديداً أمنياً عابراً"، ويطالب الوكالات الأميركية بوضع استراتيجية مكتوبة خلال مدة أقصاها 180 يوماً، لتعطيل وتفكيك إنتاج المخدرات والاتجار بها، والشبكات المرتبطة بنظام الأسد في سورية والدول المجاورة. وكانت الحكومة البريطانية قد فرضت العام الجاري عقوبات على 11 كياناً مرتبطاً بالنظام، بعد أن فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، عقوبات على ستة أشخاص، بينهم اثنان من أقارب رأس النظام السوري بشار الأسد، لدورهم في إنتاج المخدرات "حبوب الكبتاغون" أو تصديره.
ويكشف الباحث السوري، محمد حاج بكري، المنحدر من مدينة اللاذقية مسقط رأس الأسد، أن موارد النظام السوري، خلال الأعوام الأخيرة، تعتمد بشكل رئيس على عائدات تجارة المخدرات التي يشرف عليها شخصياً رموز النظام السوري، وفي مقدمتها الحبوب المخدرة "كبتاغون وكريستال" كاشفاً خلال حديث سابق لـ"العربي الجديد" أن الاعتماد على المخدرات تعاظم بعد أن تراجعت عائدات الصادرات إلى أقل من 600 مليون يورو، في حين تزيد الواردات عن 5 مليارات دولار.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وتعاني سورية من أزمة اقتصادية ومالية خانقة أدت إلى تلقي الليرة صفعة الانهيار الكبرى عام 2023، بعدما تراجعت من نحو 6 آلاف ليرة مطلع العام إلى نحو 14.2 ألف ليرة مقابل الدولار حاليا، بعدما كان سعرها 50 ليرة في 2011، وتزيد توقعات المختصين باستمرار تراجع سعر صرف الليرة بعد تلاشي جميع مقومات ثبات أو تحسن العملة.
ويؤكد الباحث السوري أن رموز نظام الأسد يشرفون على صناعة وتجارة المخدرات عبر أطراف أربعة: القصر، الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد، الحرس الثورة الإيراني وحزب الله، مبيناً أن في سورية "عشرات المنشآت" لتصنيع المخدرات.
ويرى اقتصاديون أن أمرين ساعدا بزيادة تهريب المخدرات من سورية: الأول التطبيع العربي، مع نظام بشار الأسد، والثاني إعادة عضويته في الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول).
وتأتي المخدرات وعدم تطبيق نظام الأسد بنود "المبادرة الأردنية" العائق الأهم لعدم تواصل اللقاءات بين لجنة الاتصال العربية بشأن تسويق نظام بشار الأسد.

وفي مايو/أيار الماضي، قرر وزراء الخارجية العرب تشكيل لجنة اتصال وزارية تضم: الأردن والسعودية والعراق ومصر، بالإضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط لمتابعة تنفيذ بيان عمّان، ولاستمرار الحوار المباشر مع النظام السوري للتوصل لحل شامل للأزمة. وبيان عمّان، صدر مطلع مايو/أيار الماضي، عن وزراء خارجية لجنة الاتصال العربية، بعد مباحثات حضرها وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، بالعاصمة الأردنية. واتفق المشاركون في اجتماع وزراء خارجية لجنة الاتصال العربية، في أغسطس/آب الماضي، بالقاهرة على الحل السياسي للأزمة السورية.

المساهمون