كشف مسؤول بوزارة المالية بحكومة الوفاق الوطني لـ"العربي الجديد" أن مقترح الموازنة الموحدة لكلتا الحكومتين تتراوح قيمته ما بين 70 و75 مليار دينار، بسعر الصرف الجديد 4.48 دنانير مقابل الدولار الأميركي. وتعوّل الدولة على إنتاج ما بين 1.3 إلى 1.5 مليون برميل نفط يوميًا في العام الحالي، على أساس سعر نفط 50 دولارًا للبرميل في الموازنة المقترحة.
وأوضح المسؤول الليبي، الذي رفض ذكر اسمه، أن هناك زيادة في الموازنة الجديدة شملت منحة الزوجة والأبناء، بالإضافة إلى إعادة إعمار المناطق المتأثرة بالحروب، وتفعيل الحكم المحلي ودوره في إدارة الخدمات المحلية وبعض المشروعات الأخرى، ومعالجة الانقطاع في التيار الكهربائي وتوفير الأموال للمؤسسة الوطنية للنفط لزيادة الإنتاج.
وتبدأ السنة المالية في ليبيا في أول يناير/ كانون الثاني، وتنتهي في 31 ديسمبر/ كانون الأول من كل عام.
ويأتي ذلك، بعد نحو خمس سنوات من الصراعات العسكرية والانقسام السياسي والمالي، الأمر الذي أدى إلى توزيع الإنفاق العام بين حكومة الوفاق الوطني في العاصمة طرابلس المعترف بها دوليا، والحكومة المؤقتة في شرق البلاد، كما نتج عن هذا الانقسام وجود أسعار صرف مختلفة في مناطق متعددة، وبلغ الدين العام 130 مليار دينار وعرض النقود خارج القطاع المصرفي وصل إلى 55 مليار دينار.
وأوضح بيان لوزارة المالية بحكومة الوفاق الوطني صدر مؤخرا، أن المباحثات خلال اجتماع منطقة البريقة (وسط البلاد)، حضره مسؤولون في كلتا الحكومتين، أكدت على ضرورة الاتفاق على تحديد حجم الإنفاق الحكومي والتأكيد على مبدأ "كفاءة الإنفاق"، إضافة إلى ضرورة "إعداد تصور نهائي للميزانية العامة خلال الأيام المقبلة تمهيدًا لعرضها على حكومة الوحدة الوطنية القادمة".
وتخوف المحلل الاقتصادي، محسن دريجة، من التوسع في الإنفاق العام مما سيؤثر في زيادة الدنانير وتخفيض قيمته الجديد، ويدخل الاقتصاد في التضخم.
وأوضح دريجة في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن الميزانية الموحدة لا تتعدى 75 مليار دينار من أجل الاستقرار الاقتصادي، والحفاظ على القوة الشرائية للدينار مع إجراء إصلاحات اقتصادية.
ومن جانبه، أكد المحلل الاقتصادي، أبو بكر الهادي، أن موازنة ليبيا تعتبر جيدة لأنها خفضت الإنفاق، إذ كانت في سنوات ماضية تتراوح ما بين 30 و35 مليار دولار، والآن تتراوح ما بين 18 مليار دولار إلى 20 مليار دولار.
وقال الهادي لـ"العربي الجديد" إن تعديل سعر الصرف مع الإصلاحات المصاحبة، منها السياسية التجارية والاقتصادية، سوف يحدث استقرارا اقتصاديا سنة 2023.
وحدد مجلس إدارة مصرف ليبيا المركز سعر صرف موحد جديد في أنحاء البلاد عند 4.48 دنانير للدولار الأميركي الواحد بدلا من السعر القديم (1.4) دينار، بتخفيض قيمة العملة بـ70% مع تخفيض قيمة العملة في وحدات السحب الخاصة من 0.69 إلى 0.1555.
ووحدة السحب هي أصل احتياطي دولي استحدثه صندوق النقد الدولي في عام 1969 ليصبح مكملاً لأصوله الرسمية الخاصة بالبلدان الأعضاء، وهو بمثابة اعتماد للبلد الساحب لدى الصندوق.
وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز، "هناك تحولات إيجابية كثيرة في البلاد مثل الحوار الاقتصادي حول الميزانية الموحدة للبلاد". وأضافت "دون سلطة تنفيذية موحدة يصعب تنفيذ هذه الميزانية في كل أنحاء البلاد"، وفقا لموقع بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
وتعتمد ليبيا على إيرادات النفط في تمويل أكثر من 95% من الخزانة العامة للدولة، فيما يتم تخصيص أكثر من نصف الميزانية لرواتب موظفي القطاع العام والدعم الحكومي لعدد من المنتجات، من بينها المحروقات وخدمات مثل العلاج في المستشفيات بالمجان، وكذلك العلاج في الخارج.
ويبلغ سعر صرف الدولار في السوق الموازية غير القانونية أكثر من 5.4 دنانير، والتي نمت وتغذت على الصراع السياسي وتراجع إيرادات البلاد من النقد الأجنبي وتوقف إنتاج النفط لفترات طويلة.
وليبيا تعاني من مشكلات اقتصادية عديدة، أبرزها ارتفاع معدلات التضخم والبطالة وتقلبات الأسعار وصرف العملة المحلية وتراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي.