ليبيا الغنية بالنفط تواجه أزمة بنزين وديزل لهذا السبب

31 اغسطس 2024
مقر مصرف ليبيا المركزي الذي فجر أزمة النفط ، 27 أغسطس 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **أزمة الوقود وتراجع الإنتاج النفطي:** ليبيا تواجه أزمة وقود حادة بسبب إغلاقات الحقول النفطية، مما أدى لانخفاض الإنتاج من 1.2 مليون برميل يوميًا إلى 590 ألف برميل، وقد ينخفض إلى 250 ألف برميل يوميًا، مما يهدد بتفاقم أزمة المحروقات وتوليد الكهرباء.

- **تأثير الأزمة على المواطنين والاقتصاد:** يعاني المواطنون من نقص الوقود وانقطاع الكهرباء، مما يؤدي لارتفاع الأسعار والتضخم، ويؤثر سلبًا على الشركات والقطاع الخاص، ويزيد العجز المالي في الميزانية نتيجة تراجع إيرادات النفط والغاز.

- **النزاع السياسي وتأثيره على الاقتصاد:** النزاع السياسي يؤثر على عمل المصرف المركزي، حيث توجد انقسامات حول إدارته، مما يزيد تعقيد الوضع السياسي والاقتصادي، وقد دعت الأمم المتحدة والولايات المتحدة إلى الحوار لحل الأزمة.

ربما تواجه ليبيا أزمة وقود حادة، بسبب الإغلاقات الأخيرة للحقول النفطية التي أفقدت البلاد نحو 63% من إنتاجها النفطي، وحيث انخفض الإنتاج من 1.2 مليون برميل يوميًا في يوليو إلى 590 ألف برميل حاليًا، وفقًا لبيانات مؤسسة النفط الليبية. وتعتمد ليبيا بشكل كبير على نظام "مقايضة النفط مقابل الوقود"، الذي بدأ في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، حيث يتم تصدير النفط مقابل الحصول على الوقود لتلبية احتياجات الشركة العامة للكهرباء واحتياجات السوق المحلي من البنزين والديزل.

ومع استمرار تراجع الإنتاج، تواجه البلاد أزمة وقود حادة، إذ تعاني معظم المناطق من انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة تصل أحيانًا إلى عشر ساعات يوميًا، وسبع ساعات في العاصمة طرابلس. وفي هذا السياق، أكد المحلل النفطي حسن الصديق في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن المصافي المحلية تغطي 30% فقط من احتياجات البلاد من الوقود، فيما يتم استيراد 70% عبر مقايضة النفط بالمحروقات. وأوضح أن استمرار إغلاق الحقول النفطية سيضع البلاد في مأزق كبير، إذ قد ينخفض الإنتاج إلى مستويات متدنية تصل إلى 250 ألف برميل يوميًا. وحذّر من أن التعاقدات لشهر أغسطس/آب قد تكفي حتى الأسبوع الأول فقط من شهر سبتمبر الجاري، وبعد ذلك قد تواجه البلاد أزمة حقيقية في المحروقات، مما سيؤثر بشكل مباشر على توليد الكهرباء.

وفي ظل هذه الأزمة، يعاني المواطنون نقصًا حادًا في الوقود، مما يضطرهم للانتظار في طوابير طويلة تصل إلى 12 ساعة للحصول على البنزين. ويضطر البعض إلى تخزين الوقود في قوارير تحسبًا لاستمرار الأزمة، مما يزيد تعقيد الوضع. وفي المقابل، أكد الناطق الرسمي لشركة البريقة، أحمد المسلاتي، أن هناك ناقلة محملة بأكثر من 30 مليون لتر من البنزين وصلت إلى ميناء طرابلس، مما قد يخفف حدة الأزمة قريبًا.

وفي سياق متصل، أشار زياد عبد المؤمن لـ"العربي الجديد" إلى الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي في ضواحي غرب طرابلس، حيث تصل ساعات طرح الأحمال إلى ست ساعات يوميًا، وأحيانًا إلى ثماني ساعات، مما يزيد معاناة المواطنين. أما في ما يتعلق بمصرف ليبيا المركزي، فقد صرح أحمد بولسين من مركز "أويا" للدراسات الاقتصادية، بأن إعادة التوازن للاقتصاد تتطلب استعادة الثقة بالجهاز المصرفي أو خفض المعروض النقدي. وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن تغيير محافظ المصرف المركزي لن يكون كافيًا لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، مشيرًا إلى أن السياسة النقدية تحتاج إلى مجموعة من الإجراءات والأدوات لتحقيق أهدافها في ظل الظروف الحالية.

وتشكل إيرادات النفط والغاز المصدر الأساسي للإيرادات في ليبيا، وتؤثر إغلاقات الحقول بشكل مباشر على الإيرادات الحكومية، مما قد يؤدي إلى نقص في التمويل للبرامج والخدمات الأساسية. ومع تراجع الإيرادات النفطية، يزداد العجز المالي في الميزانية، مما يهدد بارتفاع مستويات الدين أو الحاجة إلى الاقتراض. كما أن الشركات الأجنبية المستثمرة في قطاع النفط والغاز قد تواجه خسائر مالية، وقد تعيد تقييم مسار استثماراتها في ليبيا.

ويؤثر النزاع بين الأطراف السياسية المختلفة بشكل كبير على عمل المصرف المركزي، حيث توجد انقسامات حول إدارة المصرف والخلافات حول تعيين وإقالة المسؤولين، مما يزيد تعقيد الوضع. ويسهم هذا النزاع في ارتفاع الأسعار والتضخم، حيث يعاني المواطنون ارتفاع تكلفة المعيشة نتيجة ضعف النظام المالي، في حين تواجه الشركات مشاكل في التمويل، ويعاني القطاع الخاص صعوبات في النمو والاستثمار.

 وذكرت بيانات ديوان المحاسبة أن دعم المحروقات خلال عام 2022 بلغ 83 مليار دينار، ما يعادل 17.2 مليار دولار، بينما تم استيراد محروقات بقيمة 8.8 مليارات دولار. كما خُصّصت 3.9 مليارات دولار لتلبية احتياجات السوق المحلي من المحروقات، و405 ملايين دولار لتشغيل محطة كهرباء أوباري، و3.97 مليارات دولار للغاز الطبيعي المستخدم في تشغيل محطات الكهرباء.

وعلى صعيد آخر، يبدو أن المؤسسات المدعومة من الأمم المتحدة في غرب ليبيا، بقيادة عبد الحميد الدبيبة، مصممة على المضي قدمًا في قرار إقالة محافظ البنك المركزي الذي شغل المنصب لمدة 20 عامًا، وتعيين قيادة جديدة. ويسيطر البنك المركزي على جزء كبير من الاقتصاد الليبي، حيث يمتلك مصرف ليبيا المركزي احتياطات تصل إلى 88 مليار دولار، معظمها من عائدات النفط. ووفقًا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فإن البنك المركزي في طرابلس هو المخول الوحيد بالسيطرة على عائدات النفط وصرفها. وقد دعت الأمم المتحدة والولايات المتحدة إلى الحوار لحل الأزمة.

وفي محاولة استباقية لتفكيك خطة الدبيبة، أصدر مجلس الشعب الليبي، الذي يسيطر عليه حفتر والموالون له، في 13 أغسطس/آب حكمًا قانونيًا يهدف إلى نزع الشرعية عن حكومة الدبيبة ومجلس الرئاسة المكون من ثلاثة مقاعد، ويعتبر من الناحية الفنية رئيس الدولة في ليبيا. وزعم مجلس الشعب أن الحكومة الحالية غير قادرة على تحمل المسؤولية وقامت بتصرفات غير قانونية.

وتدعم ليبيا المحروقات وتعريفة أسعار الكهرباء على نحو كبير. وتقدم الحكومة الليبية دعماً مالياً للمحروقات، بما في ذلك البنزين والديزل، وذلك لخفض أسعارها للمستهلكين. هذا الدعم يجعل أسعار الوقود في ليبيا من بين الأرخص في العالم، وتعتمد عدة من محطات الكهرباء على الوقود الخفيف، منها محطة طبرق الكهربائية في شرق البلاد، ومحطة الزاوية، ومحطة غرب طرابلس، بالإضافة إلى محطة الزهراء، ومحطة كهرباء جنوب طرابلس.

المساهمون