دعت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أعضاءها وحلفاءها إلى مقاومة أي محاولات في مفاوضات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) تطاول الوقود الأحفوري في اتفاقها الختامي.
وأصبحت الصياغة المستخدمة في الصفقة النهائية لوصف مستقبل الوقود الأحفوري هي القضية الأكثر إثارة للجدل في قمة الأمم المتحدة التي استضافتها الإمارات هذا العام.
-
لماذا يهم الأمر أوبك؟
يسيطر أعضاء أوبك مجتمعين على نحو 80% من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم ونحو ثلث الإنتاج العالمي اليومي من النفط.
ويسيطر تحالف أوبك+ الذي يضم حلفاء مثل روسيا وكازاخستان، على حصة أكبر من الاحتياطيات العالمية من النفط الخام وإنتاجه.
ويعتمد الأعضاء كثيراً على عائدات النفط والغاز كمصدر رئيسي للدخل.
وبلغ متوسط عائدات النفط 75% من إجمالي إيرادات ميزانية السعودية التي تتزعم أوبك منذ 2010، وتمثل نحو ما بين 40 و45% من الناتج المحلي الإجمالي.
تراوح حصة النفط والغاز في الناتج المحلي الإجمالي لأعضاء أوبك+ الآخرين بين 16 و50%.
وبلغ صافي عائدات صادرات النفط لمنظمة أوبك 888 مليار دولار في عام 2022، مرتفعاً 43% مقارنة بعام 2021.
ومن ثم، أي لغة تدعو إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري تعصف بالنمط الذي قامت عليه اقتصادات هذه البلدان المنتجة للنفط والغاز.
-
ما موقف أوبك من النقاش حول تحول الطاقة؟
قال الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص، في رسالة بتاريخ السادس من ديسمبر/ كانون الأول، إلى أعضاء أوبك وحلفائها في "كوب 28"، إنّ العالم يجب أن يستهدف الانبعاثات بدلاً من الوقود الأحفوري نفسه.
وقال يوم الجمعة إنه يجب السماح للدول النامية باستغلال احتياطياتها من الوقود الأحفوري، وأضاف أنّ "التحولات في مجال الطاقة يتعين أن تكون عادلة ونزيهة وشاملة".
وتعتقد أوبك أنّ الطلب على النفط سينمو إلى 116 مليون برميل يومياً بحلول عام 2045 من 102 مليون برميل يومياً اليوم.
وفي المقابل، تتوقع وكالة الطاقة الدولية، التي تمثل مستهلكي الطاقة الصناعيين، تراجع الطلب على النفط إلى 93 مليون برميل يومياً بحلول عام 2030 و55 مليون برميل يومياً بحلول عام 2050.
ويظهر الفارق الكبير بين التوقعين فجوة هائلة في الآراء حول الاستثمار المطلوب في الوقود الأحفوري اللازم لتلبية الطلب على الطاقة في المستقبل.
وخفض الطلب قد يقلص الدخل المستقبلي للدول المنتجة للنفط. وفي نهاية المطاف، سيؤثر هذا على ميزانياتها وجدارتها الائتمانية.
وتحذر أوبك من أن يتعين ضخ استثمارات هائلة لتلبية الطلب الحالي والمستقبلي على النفط والغاز، وأن بث إشارات سياسية تثبط الاستثمار في الوقود الأحفوري قد يؤدي إلى عجز في المعروض وزيادة في أسعار الطاقة، ما سيجعل الدول الفقيرة المعتمدة على واردات الطاقة أكثر تضرراً.
وقالت الإمارات، عضو أوبك وثاني دولة عربية تستضيف قمة المناخ بعد مصر التي استضافت القمة في عام 2022، إن التقليص التدريجي في الوقود الأحفوري أمر لا مفر منه وضروري، لكن يجب أن يكون جزءاً من خطة شاملة ومدروسة لانتقال الطاقة مع مراعاة ظروف كل بلد ومنطقة.
-
ماذا يهم أوبك+ أيضاً؟
أحرز بعض أعضاء أوبك+ مثل الإمارات تقدما في تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط من خلال تنمية السياحة والخدمات المالية. لكن الإمارات ستخسر نصف دخل ميزانيتها بدون النفط.
وبالنسبة لهذه البلدان، قد يغامر التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري بتقليص قيمة احتياطياتها النفطية.
والخفض السريع في الطلب قد يؤدي إلى تحول أكبر لاحتياطيات النفط والغاز إلى أصول غير مستغلة.
وتوقعت وكالة الطاقة الدولية أن عدد أصول النفط والغاز غير المستغلة سيرتفع وبدائل الطاقة المتجددة ستصبح أرخص.
ويتمتع كبار منتجي أوبك، مثل السعودية، بصناعات الطاقة الأكثر تنافسية، وذلك بفضل الكلفة الرخيصة لاستخراج النفط، ومن ثم فهم أبعد من غيرهم عن رؤية أصولهم وقد تقطعت بها السبل.
لكن أعضاء أوبك+ الأصغر مثل نيجيريا والجزائر وأنغولا وليبيا لديهم احتياطيات أقل جودة. كما أنها تعتمد بشكل كبير على شركات الطاقة الغربية الكبرى لإنتاج نفطها، وهو ما يجعل تلك البلدان تعتمد بشكل غير مباشر على رغبة البنوك العالمية الكبرى في تمويل مشروعات الوقود الأحفوري الجديدة.
وقالت حليمة كروفت، المحللة في شركة "آر بي سي كابيتال ماركتس"، إنّ "الدور المستقبلي للنفط والغاز في مزيج الطاقة لم يتم حله بعد، حيث أثبت النقاش حول التخلص التدريجي أنه أحد أكثر المناقشات إثارة للجدل في الاجتماع العالمي".
(رويترز)