لبنان يبحث عن بدائل لمواجهة تداعيات حرب أوكرانيا بشح مالي

17 مارس 2022
أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية تشهد ارتفاعات خيالية في لبنان (فرانس برس)
+ الخط -

"لم يكن ينقص لبنان إلا الاجتياح الروسي لأوكرانيا"، هذا هو لسان حال اللبنانيين الذين باتوا الأكثر انكشافاً على اضطرابات الخارج والداخل والمحاصرين بالأزمات التي تطبق على أنفاسهم وتقفل جميع أبواب الأمل بالنهوض اقتصادياً ومعيشياً في المدى القريب.

وعمّق الاجتياح الروسي وما رافقه من إجراءات وخطوات حظر أزمة الأمن الغذائي للبنانيين باعتبار أن لبنان يستورد عدداً كبيراً من سلعه الأساسية من أوكرانيا وروسيا، خصوصاً القمح، وزيوت البذور، والشعير، ما ارتد نقصاً وشحاً في المواد وفتح شهية التجار على التخزين والاحتكار لتحقيق أرباح طائلة فحلقت الأسعار، ولا سيما أن هذا المشهد ترافق مع ارتفاع أسعار النفط عالمياً، فكانت الضربة أقوى بكثير ربطاً بزيادة كلفة الشحن والنقل والمولدات الكهربائية، وما إلى ذلك.

يقول مدير عام الحبوب والشمندر في وزارة الاقتصاد اللبنانية جرجس برباري، لـ"العربي الجديد"، إن أي اجراء روسي أو أوكراني يتخذ بحق لبنان طبعاً سيكون له ارتداداته، وهو حال القمح باعتبار أننا نستورد سنوياً نحو 600 ألف طن من هذه المادة النسبة الأكبر منها، وتفوق الخمسين في المائة، من أوكرانيا، ومن ثم روسيا بنسبة 20 إلى 25 في المائة تقريباً، أي حوالي 100 إلى 120 ألف طن سنوياً، غامزاً من صعوبة أخرى تواجه لبنان في كيفية تحويل الأموال في ظل العقوبات التي تفرض على روسيا.

ويؤكد برباري أن "البحث جار عن بدائل، وهناك مفاوضات مع أطراف عدة، ونحن بانتظار صدور مرسوم بالأموال التي خصصت كسلفة لشراء 50 ألف طن من القمح المستورد المعد للطحين وصناعة الرغيف ووضعها في مصرف لبنان وتحويلها إلى الدولار الأميركي، وبمجرد حصول هذه العملية يمكن أن نسير باتجاه الدولة التي سنستورد منها، مع العلم أن هدر الوقت لا يصب في صالحنا، نظراً لتقلبات الأسعار والطلب المرتفع على القمح، من دون أن ننسى أننا لا نملك ترف التخزين، فالوقت ضاغط وكذلك المساحات".

كذلك، يتحدث برباري عن "عقبات يجري العمل على تذليلها داخلياً لما يتضمنه دفتر الشروط من شروط صعبة وطلبات بتسهيل الدفع، لكن في المقابل، هناك مطاحن تشتري مباشرة من الخارج بعد البحث عن مصادر وتقدم الطلب لمصرف لبنان للموافقة على فتح الاعتمادات المالية، كما أن فرنسا تقدم يد المساعدة لنا، وهناك سفيرا دولتين أجنبيتين عرضا أيضاً المساعدة والأمور ستتبلور قريباً".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

هذه الوقائع كان لها حتماً تأثيرها على الأسعار ضمن المسار التصاعدي، خصوصاً القمح الذي يقفز سعر الطن فيه بشكل سريع وكبير ما ينعكس بالتالي على أسعار الكثير من السلع الأساسية على رأسها الخبز فكان أن ارتفعت الربطة حجم وسط إلى عشرة آلاف ليرة لبنانية والكبيرة إلى 13 ألف ليرة لبنانية وذلك في ظل ارتفاع أسعار الطحين والسكر والزيت والنايلون عدا عن زيادة أسعار المحروقات وتكاليف الشحن وهو ما فاقم الوضع أكثر يقول برباري.

وسبق لوزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام أن أعلن خلال مشاركته في منتدى الديبلوماسية في أنطاليا قبل أيام نية تركيا إرسال تباعاً إلى لبنان أكثر من 500 ألف طن من المساعدات الغذائية بما فيها حليب الأطفال والطحين والسكر والحبوب وزيت دوار الشمس.

وأكد في بيان أنه يقوم بمشاورات واتصالات مع عدد من الدول الصديقة لتأمين الاستمرارية والعمل على توسيع قاعدة الخيارات بما يتيح وضع خطة طوارئ لتلافي أي نقص لاحق.

وفي انعكاسات الاجتياح الروسي لأوكرانيا، يقول نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي لـ"العربي الجديد" إن لبنان يعاني اساساً من أزمة زيت وقمح وسكر، وتفاقمت اليوم، وهناك تهافت طبيعي عليها من قبل المواطنين، داعياً اللبنانيين إلى عدم التهافت على مواد أخرى لا تطاولها الأزمة.

ويؤكد بحصلي أن "الامداد بالزيوت متدنٍ من هنا أهمية التقنين بالبضائع واعتماد السوبرماركت هذه السياسة"، لافتاً إلى أن الأسعار سجلت ارتفاعاً في الفترة الأخيرة ومرد ذلك إلى الارتفاع الحاصل عالمياً على جميع الأصعدة ومختلف القطاعات".

ويلفت بحصلي إلى أن "من يلجأ إلى وضع قيود واتخاذ إجراءات مشددة تتسع رقعتهم، فمصر مثلاً أوقفت تصدير الزيت من هنا أهمية البحث عن مصادر بديلة".

في سياق متصل، أعلن "تجمع اللجان والروابط الشعبية" في بيان الأربعاء أن السفير الروسي في بيروت الكسندر روداكوف كشف خلال لقاء جمعهما عن هبة روسية من زيت بزنة 250 طناً ستبدأ بالوصول إلى لبنان في اليومين المقبلين كجزء من المساعدات الإنسانية التي يقدمها للشعب اللبناني، مع العلم أن العلاقات بين البلدين شابها بعض التوتر و"التمنين" من الجانب الروسي بعدما أدان لبنان بموقفه الرسمي الاجتياح الروسي لأوكرانيا.

المساهمون